ما هو مقدار التمارين الرياضية التي يجب أن نمارسها حتى نحافظ على لياقتنا؟

4 دقائق
صحة الدماغ مقدار التمارين الرياضية
shutterstock.com/ BGStock72

يتدرب الرياضيون النخبويون -مثل «جيكوب إنغبريغتسين»؛ والذي فاز بالميدالية الذهبية في سباق 1500 متر للرجال في أولمبياد طوكيو 2020- من 10 إلى 14 مرة في الأسبوع تقريباً، ويقضون ساعات عديدةً في المضمار وفي صالة التمارين الرياضية؛ لكن بالنسبة للأشخاص العاديين، فلا يتطلّب الحفاظ على اللياقة تطبيق مثل هذا النظام الشاق، ولا مقدار التمارين الرياضية ذاته.

يعتمد عدد المرات التي يجب أن تتدرب فيها على العديد من العوامل المختلفة؛ مثل أهداف التدريب الخاصة بك، وشدة التمرين وتاريخ الإصابات التي تعرضت لها. يمكن أن يحدد نوع التدريب الذي تقوم به أيضاً عدد المرات التي تحتاج فيها إلى ممارسته.

تتسبب التمارين الرياضية بإجهاد أجهزة مختلفة في أجسامنا، ويتسبب هذا الإجهاد بالإرهاق؛ ولكنه يؤدي أيضاً إلى «تعديلات» (تحسّنات) تتبع للإجهاد الذي نطبّقه على أنفسنا. على سبيل المثال؛ في حين أن تمارين المقاومة (مثل رفع الأثقال) تساعدنا في بناء القوة العضلية، فمن غير المرجح أن تحسن هذه التمارين لياقة القلب والأوعية الدموية لدينا، وذلك لأن ممارستها تتسبب بتطبيق جهد أكبر على العضلات الهيكلية من ذلك الذي تطبّقه على القلب.

لكن التحسّنات تظهر فقط بتطبيق مزيج متوازن بين تكرار التمرين وتخصيص فترات للتعافي. إذا لم نطبق إجهادات التمرين بشكل متكرر، فسنخسر التحسّنات التي اكتسبناها. يجب علينا أيضاً أن نمنح أجسامنا وقتاً كافياً -ولكن ليس وقتاً طويلاً- بين جلسات التدريب للتعافي و «التكيّف». باختصار؛ سر تحسين اللياقة هو التدريب باستمرار؛ مما يعني تحقيق التوازن بين التمرين الكافي والتعافي الكافي.

ما يعقّد الأمور أكثر هو أن بعض أجهزة الجسم تستغرق وقتاً أطول للتعافي من غيرها. على سبيل المثال، فإن التعافي من ممارسة التمارين التي تُطبّق الجهد على الجهاز العصبي؛ مثل الجري السريع، أو «التدريبات المتقطعة مرتفعة الشدة»، أو تدريبات المقاومة الشديدة، سوف يستغرق وقتاً أطول مقارنةً بممارسة التمارين منخفضة الشدة؛ مثل الجري بسرعة منخفضة؛ والذي يجهد القلب والرئتين بشكل أساسي. هذا يعني أنه بناءً على نوع التدريب الذي تقوم به؛ قد تحتاج إلى ممارسة التمارين بوتيرة أكبر أو أصغر مما تعتقد.

تمارين التحمّل

عند التدرب للمشاركة في نشاطات متعلّقة برياضات التحمّل، فإن القيام بتمارين منتظمة منخفضة الشدة هو أمر مفيد. يساعد التدريب المنتظم بهذه الشدة الجسم على استخدام الأكسجين بشكل أكثر فاعليةً، وبمرور الوقت؛ يجعل هذا ممارسة التمارين بنفس الشدّة أمراً أكثر سهولةً.

في الواقع؛ يميل عدائو التحمل الناجحون إلى أداء معظم تدريباتهم (حوالي 80% منها) بشدة منخفضة، كما أنهم يخططون للخضوع لجلسات عالية الشدة بشكل حذر (غالباً لمرتين إلى 3 مرات في الأسبوع؛ بينها ما لا يقل عن 48 ساعة). يساعد هذا أيضاً الرياضيين على التعافي بشكلٍ أفضل وتجنّب الإصابات بين جلسات التدريب.

اقرأ أيضاً: العواقب الخطيرة للإفراط في ممارسة التمارين الرياضية

التمارين الرياضية التي تتطلّب مهارة

تتطلب العديد من الرياضات؛ ومنها السباحة والتينس وفنون الدفاع عن النفس، المهارات البدنية والتقنية معاً. على الرغم من وجود حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث في هذا المجال؛ إلا أن الباحثين يعتقدون عموماً أن الممارسة المتسقة والهادفة تساعد في تحسين الأداء في هذه الأنواع من الرياضات.

على سبيل المثال؛ يفضّل مدربو السباحة التدريبات المتكررة ومنخفضة الشدة (مع التركيز على التقنية في الممارسة) لتمكين السباحين من التحرك بشكل أكثر كفاءةً وسهولةً عبر الماء؛ ولكن عندما نقوم بنفس النوع من التدريبات بشكل متكرر، يمكن أن نصبح أكثر عرضةً لإصابات الإفراط في التدريب، لذلك؛ قد يكون من الأفضل ممارسة تدريبات تطبّق إجهادات مختلفة لمساعدة الجسم على التعافي؛ أي يجب عليك تحقيق التوازن بين الأيام التي تتدرّب فيها بشكل مكثّف وتلك التي تتدرّب فيها بشكل مخفف، والأيام المخصصة للراحة والتعافي.

فوائد السباحة للكبار والصغار
shutterstock.com/ Maridav

يمكن للأنشطة مرتفعة الشدة (مثل الركض السريع أو التينس) أن تتسبب بتغيّرات في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي؛ واللذين يُعتقد أنهما يلعبان دوراً أساسياً في تحسين المهارة؛ ولكن لا يمكن ممارسة هذه الأنشطة إلا لفترة قصيرة بالشدّة المطلوبة، ولتجنب الإصابات، فمن الضروري أن تتدرّب قليلاً فقط في كل جلسة؛ ولكن بشكل متّسق مع مرور الوقت.

باختصار، فالتدرّب بشكل «أكثر ذكاءً» -وليس أكثر شدّةً- هو أمر أساسي في كل من رياضات التحمل والرياضات التي تتطلّب المهارة.

تمارين المقاومة

عندما يتعلق الأمر ببناء العضلات، فإن زيادة عدد جلسات التدريب في الأسبوع يؤدي إلى تحقيق منافع أكثر في القوة العضلية. ربما ينتج هذا عن أن زيادة وتيرة التدريبات تؤدي إلى زيادة أكبر في حجم العضلات وقوتها؛ لكن الراحة والتعافي (وهذا يتضمّن التغذية السليمة) لا يزالان عاملين حاسمين في زيادة حجم العضلات.

بشكلٍ عام؛ يوصى بإجراء تمارين تقوية العضلات مرتين أو أكثر أسبوعياً لتحسين صحة العضلات والعظام. إذا كان هدفك هو زيادة حجم العضلات، فإن تدريب مجموعات عضلية مختلفة في أيام مختلفة يمكن أن يساعد في أن تضمن أنك تطبّق إجهاداً على عضلاتك يكفي لزيادة قوتها، مع تذكّر ضرورة منح نفسك وقتاً كافياً للتعافي بين الجلسات.

لكن على الرغم من أن تخصيص عدد أكبر من الأيام لممارسة تمارين المقاومة هو أمر مفيد؛ إلا أن ممارستها ليوم واحد في الأسبوع هو أمر فعّال في زيادة القوة العضلية. يمكن أن تكون التمارين التي تحرّك الجسم بالكامل؛ مثل تمرين القرفصاء، فعّالةً للغاية في زيادة القوة العضلية؛ وذلك إذا مورست بشكل صحيح. الجدير بالذكر أيضاً هو أن ممارسة التمارين للوصول إلى الحد الأقصى من القدرة على التحمّل لا توفر أية فوائدَ إضافية لزيادة القوة العضلية. في الواقع؛ قد يكون مفيداً أكثر أثناء محاولة زيادة القوة العضلية أن تحافظ على القليل من القدرة على التحمّل كاحتياطي.

الصحة واللياقة

بالنسبة للشخص العادي الذي يحاول استعادة لياقته، فإن أهم شيء ليس بالضرورة هو عدد مرات التمرين؛ بل جودة هذا التمرين.

على سبيل المثال؛ التدريبات المتقطعة مرتفعة الشدة تُعتبر فعالةً في تحسين اللياقة والصحة. تتضمن هذه التدريبات أداء التمارين بأقصى جهد لفترة قصيرة من الوقت، ثم تخصيص فترة للراحة. أظهرت دراسة حديثة أن القيام بـ 4-7 دفعات من التمارين المكثّفة لمدة دقيقة واحدة تليها 75 ثانية من الراحة لـ 3 مرات في الأسبوع، يحسن اللياقة البدنية والصحة العقلية، فبالنسبة للأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة بانتظام؛ قد تكون ممارسة هذه التدريبات لفترة لا تتجاوز 30 دقيقة في الأسبوع أمراً مفيداً.

تعتمد زيادة تواتر ممارسة الرياضة من عدمها على العديد من العوامل؛ ومنها عدد المرات التي يمكنك فيها ممارسة الرياضة وأهدافك التدريبية وشدة التمارين التي تمارسها. ننصحك بالتنويع في التدريبات التي تقوم بها خلال الأسبوع، وتخصيص فترات كافية للتعافي بين أيام التدريبات المكثّفة أو تدريبات المقاومة؛ وهذا يشمل تخصيص يوم واحد على الأقل للتعافي في الأسبوع؛ لكن بشكل عام، فإن البرنامج التدريبي الأكثر فاعليةً هو ذلك الذي تمارسه باتساق على مدار فترة زمنية طويلة.

المحتوى محمي