كرة من الجلد تجذب لها مليارات المعجبين حول العالم، ولا يخلو منزل في العالم من عشاقها، ومع انطلاقة كل مباراة يرتفع مستوى الحماس والأدرينالين لدى هؤلاء لتبدأ ساعات المتعة. لكن هل تقدم كرة القدم كل هذا الشغف والمتعة مجاناً أم أن لها وجهاً مظلماً؟ نعم للأسف، فإن الإصابات الخطيرة التي يتعرض لها اللاعبون والتي قد تقضي على مستقبلهم الرياضي تعد أسوأ ما في كرة القدم. وإليك أهم الإصابات التي تنهي مسيرة اللاعب المهنية.
كيف تحدث الإصابات؟
يمكن أن تحدث الإصابات في المباريات الرسمية أو حتى في تدريبات الفريق ذاته، وذلك بسبب مزيج من التصادمات القاسية بين اللاعبين والسرعات العالية التي يركضون بها، كما يمكن أن تكون نتيجة بذل جهد زائد أو الاصطدام بالأرض.
اقرأ أكثر: ما أكثر الإصابات شيوعاً عند لاعبي كرة القدم؟
ما الإصابات التي تنهي مسيرة اللاعب؟
بشكلٍ عام، فإن لاعبي كرة القدم معرضون للإصابة بأي جزء من أجسامهم أثناء اللعب، لكن تعد الأطراف السفلية الجزء الأكثر تعرضاً للإصابات التي قد تكون خطيرة في بعض الأحيان، ما يحرم اللاعب من اللعب مجدداً. وأهم تلك الإصابات:
إصابات الركبة
تعد إصابات الركبة كابوساً حقيقياً للاعبي كرة القدم، وبشكلٍ خاص إصابات الغضروف المفصلي للركبة والتي تتزامن غالباً مع إصابات أخرى في الرباط الصليبي الأمامي والأربطة الوسطى والجانبية، ما قد يؤدي إلى إنهاء مسيرة اللاعب الرياضية بالكامل. أخطر هذه الإصابات هو تمزق الغضروف المترافق مع تمزق الرباط الصليبي الأمامي الذي يصل بين الغضروف والعظام، حيث يمكن أن يحدث تمزق جزئي أو كلي، وفي كثير من الحالات يسمع اللاعب صوت فرقعة مع آلام شديدة وتورم فوري في الركبة.
تعد مثل هذه الإصابات الأكثر خطورة وحساسية، وتعتمد عودة اللاعب إلى الرياضة على عدة أمور أهمها نوع وشدة الإصابة، بالإضافة إلى احتمالية حدوث مضاعفات بعد العلاج، فتمزق الغضروف وحده يحتاج لنحو 3 إلى 6 أشهر حتى يشفى اللاعب، أما في حال ترافق مع تمزق في الرباط الصليبي الأمامي فسوف يحتاج إلى تدخل جراحي غالباً مع وقت أطول بكثير للعودة إلى اللعب، كما قد يضطر اللاعب للخضوع لبرنامج إعادة تأهيل شامل، وقد لا تنجح جميع هذه الإجراءات وتتكرر الإصابة أو ينتكس اللاعب ما يضطره للاعتزال.
من أشهر اللاعبين الذين تعرضوا لإصابات الركبة هو الألماني أولي هونيس (Uli Hoeness) الذي انتهت مسيرته بعمر 27 عاماً (لعب بين عامي 1970-1979)، وذلك بعد تعرضه لإصابة خطيرة في الركبة لم يتمكن من التعافي منها، وكذلك اللاعب الهولندي أدريان دوهرتي (Adrian Doherty) الذي استمرت مسيرته الاحترافية لمدة 4 سنوات فقط بعد إصابته بالرباط الصليبي بعمر 22 عاماً فقط.
اقرأ أيضاً: ما الإصابات التي تزعج الرياضيين خاصة لاعبي كرة القدم؟
إصابات الكاحل
تعد إصابات الكاحل أمراً شائعاً جداً بين لاعبي كرة القدم، لكن بعض الإصابات الشديدة قد تكون سبباً في إنهاء مسيرة اللاعب الرياضية، وأهم تلك الإصابات:
- التهاب وتر العرقوب (وتر أخيل): يربط بين عضلات ربلة الساق وعظم الكعب، وهو أكبر أوتار جسم الإنسان، وقد يتعرض هذا الوتر للالتهاب نتيجة الاستخدام المفرط له. عادة ما تبدأ الإصابة على شكل ألم خفيف أعلى الكعب أو في الجانب الخلفي للساق، لذلك قد يظن اللاعب أنه أمر بسيط وسيختفي مع مرور الوقت، لكن إهمالها قد يؤدي إلى التهاب مزمن أو تشكل نتوءات عظمية، ويمكن أن تصل إلى تمزق في الأوتار، ما يؤدي إلى إطالة مدة العلاج بشكل كبير، وحتى مع الشفاء تنخفض سرعة المشي بسبب ضعف استقرار الأوتار.
- التواء الكاحل: على الرغم من أن معظم حالات التواء الكاحل تكون بسيطة وتُشفى بسهولة، لكن في حال تُركت دون علاج أو تكررت الالتواءات بشكلٍ كبير قد تؤدي إلى تلف الكاحل، والإصابة بالتهاب مفصل الكاحل مع تشوّه وألم دائم واحتمالية انتهاء مسيرة اللاعب.
- كسور القدم الناتجة عن الإجهاد: تحدث هذه الكسور نتيجة التأثير المتكرر والمتراكم بمرور الوقت على القدم، إذ لا تحصل عظام القدم والعضلات الداعمة على الوقت الكافي للشفاء نتيجة لعب الرياضة المستمر، ما قد يؤدي إلى حدوث تشققات صغيرة في العظام. وعلى الرغم من أن معظم هذه الكسور تتعافى بمرور الوقت، فإن العديد من الرياضيين اضطروا لأخذ إجازة طويلة بسبب كسور الإجهاد هذه، بل لم يتمكن بعض منهم من العودة لأن أداءهم لم يكن فعّالاً كما كان قبل كسر الإجهاد.
- كسور الكاحل: تؤدي إصابة الكاحل بالكسر لآلام مبرحة، بالإضافة لالتهابات أو كدمات أو تقرحات وتشوهات في الكاحل، وتعتبر من الحالات الخطيرة جداً التي تتطلب عناية دقيقة. من الأمثلة على إصابات الكاحل اللاعب الإنجليزي دين أشتون (Dean Ashton) الذي انتهت مسيرته بعمر 26 عاماً بعد إصابة قوية أدت إلى تحطم كاحله الأيسر.
اقرأ أيضاً: التواء الكاحل: تعرّف إلى الإصابة التي يخشاها لاعبو كرة القدم؟
إصابات متنوعة أنهت مسيرة العديد من اللاعبين
تعد التصادمات الخطيرة بين اللاعبين سبباً أساسياً لحدوث الإصابات الخطيرة، وتحديداً الكسور المركبة في القدم أو ارتجاج الدماغ وغيرها، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
- اللاعب البلجيكي لوك نيلس (Luc Nillis) الذي أصيب بعمر 33 عاماً بكسر مركب في ساقه اليمينية عام 2000 هدد ببتر ساقه، ولحسن الحظ فقد احتفظ بها لكنه خسر مسيرته الكروية.
- اللاعب البريطاني ديفيد بوست (David Busst) أصيب بعدة كسور مركبة في ساقه اليمنى، وقد كانت إصابة مرعبة أدت لانتهاء مسيرته بعمر 28 عاماً.
- اللاعب البريطاني ريان ميسون (Ryan Mason) تعرض عام 2017 لكسر في الجمجمة أدى لانتهاء مسيرته عام 2018 بعد استشارة طبية.
- اللاعب البريطاني ستيوارت هولدن (Stuart Holden) الذي أصيب إصابة عنيفة أدت لكسر في عظم الفخذ مع تلف في الغضروف، بالإضافة إلى جرح تطلب 26 غرزة، لتنتهي مسيرة اللاعب بهذه الإصابة المروعة.
اقرأ أيضاً: ممَّ يتكون الكادر الطبي الخاص بفريق كرة القدم؟
كيف تؤثّر الإصابات التي تنهي مسيرة اللاعب المهنية على لاعبي كرة القدم؟
يمكن القول إن الإصابات هي السبب الرئيسي الذي ينهي المسيرة المهنية لنحو 60% من اللاعبين المحترفين، وأغلب هذه الإصابات تحدث في الأطراف السفلية وبشكل خاص الركبة والكاحل، وهذه الإصابات تحدِث أثراً كبيراً في اللاعبين يتعدى موضوع الألم الموضعي، فقد ثبت أنها تؤدي أيضاً إلى ارتفاع في معدل انتشار هشاشة العظام والأعراض المرتبطة بها، بالإضافة إلى أن لها بعض التأثيرات النفسية السلبية وبشكل خاص الاكتئاب، وغالباً ما يتمكن اللاعبون الذين اعتزلوا بدون إصابات من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي أكثر من اللاعبين المعتزلين بسبب الإصابات.
ختاماً، بعد التعرف إلى هذا العدد من الإصابات التي تنهي مسيرة اللاعب، يمكن القول إنه وعلى الرغم من كل الحماس والشغف الذي يملأ قلوبنا أثناء المباراة، فقد تكون كرة القدم أحياناً حرباً حقيقية يخسر فيها اللاعبون مستقبلهم بالكامل.