الجلوتين هو مزيج من البروتينات التي تُوجد بشكل رئيسي في القمح ويدخل في تركيب العديد من الأصناف الغذائية واسعة الانتشار كالخبز والمكرونة، ويُعتبر مشكلةً وهاجساً لملايين البشر الذين يعانون من حالة مرضية تسمى «الداء الزلاقي».
ما هو الجلوتين؟
الجلوتين هو مجموعة من البروتينات المرنة التي تُشكل عند ارتباطها مع بعضها البعض مُعقداً قابلاً للتمطط - تماماً كما هو الحال في الأوتار وخيوط شباك العناكب-، ويستخدمه نباتُ القمح لتخزين الكربون والنتروجين. اشتُق اسمه من الكلمة اللاتينية «glue» وتعني الصمغ، وأخذ هذا الاسم لأنه يمنح العجين قواماً مرناً عند مزج الطحين مع الماء وعجنه.
فوائد الجلوتين واستخدامه
يُعتبر الجلوتين عنصراً مساعداً في إنتاج الخبز، فعند إضافة الخميرة «من الكائنات الدقيقة وحيدة الخلية» إلى طحين القمح، تخمّر هذه الكائنات السكر، وتطلق غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل فقاعات، تسبب هذه الفقاعات ارتفاع العجينة وانتفاخها؛ مما يؤدي إلى تشكل شبكة من الجيوب الهوائية، مدعومة بالهيكل الجلوتيني المرن، وعند خبز العجين في الفرن تتصلب البروتينات الجلوتينية في مكانها ويأخذ العجين قواماً هشاً ومتماسكاً.
اقرأ أيضاً: هل يمكنك البقاء على قيد الحياة بتناول الخبز والماء فقط؟
أضرار الجلوتين
لا يواجه معظم الناس أية مشكلة معه؛ لكنه يسبب مشكلةً كبيرةً عند ملايين الأشخاص من حول العالم؛ وهم الأشخاص الذين يعانون من الداء الزلاقي و حساسية القمح غير الزلاقية.
الداء الزلاقي
حالة مرضية يعاني منها 1% من سكان العالم. يُثير الجلوتين استجابة الجهاز المناعي ويحفزه على مهاجمة الزغابات المعوية التي تُبطن جدار الأمعاء الدقيقة؛ ما يؤدي إلى ظهور أعراض معدية معوية تتمثل في آلام حادة في المعدة، وإسهال وإمساك وانتفاخ، وطفح جلدي، والاكتئاب، وفقدان الوزن وفقر الدم والتعب، وذلك لأن الجلوتين يعيق قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية المهمة في الطعام؛ مثل الفيتامينات والبروتينات والسكريات، كما قد يؤدي إلى مخاطر على المدى الطويل مثل سرطان الأمعاء والسكري.
حساسية القمح غير الزلاقية
يُعاني أيضاً حوالي 5% من سكان العالم من حالة تُعرف باسم حساسية القمح غير الزلاقية. في هذه الحالة يُظهر الأشخاص استجابةً مناعيةً تجاه القمح مشابهةً لتلك التي تحدث عند الإصابة بالداء الزلاقي؛ لكن نتائج الفحوص المخبرية تثبت عدم إصابتهم به.
اقرأ أيضاً: الوجبات الخالية من الجلوتين غير مرتبطة فعلياً بمرض السكر
أطعمة تحتوي على الجلوتين: أين يوجد الجلوتين؟
إن الجلوتين عبارة عن بروتينات موجودة بشكل أساسي في نباتات الفصيلة النجيلية التي ينتمي إليها القمح والشعير والحنطة، والأطعمة المصنوعة من هذه النباتات، وبذلك تكون المصادر الرئيسية للجلوتين في النظام الغذائي:
- الأطعمة التي أساسها القمح؛ مثل نخالة القمح ودقيق القمح والحنطة والقمح القاسي والسميد.
- الشعير وشراب الشعير.
- الذرة.
- خميرة البيرة.
- جميع أنواع الخبز المصنوع من القمح.
- جميع أنواع المكرونة المصنوعة من القمح.
- الحبوب ما لم يتم وصفها بأنها خالية من الجلوتين.
- الأغذية المخبوزة مثل الكعك والبسكويت والبيتزا وفتات الخبز والمعجنات.
- المقرمشات والحلوى والمكسرات المحمصة والرقائق المنكهة والفشار.
- الصلصات مثل صلصة الصويا وصلصة الترياكي والمخللات وصلصة السلطة.
- المشروبات مثل البيرة والمشروبات الكحولية المنكَّهة.
الشوفان خالي من الجلوتين بشكل طبيعي، ومع ذلك، فغالباً ما يحوي على نسب ضئيلة منه؛ حيث يمكن معالجته في نفس المصنع مثل الأطعمة القائمة على القمح.
اقرأ أيضاً: تطوير لقاح يساعد معظم الذين يعانون من الداء الزلاقي على تناول الجلوتين
كيف أعرف حساسية الجلوتين؟
تظهر علامات الإصابة بحساسية الجلوتين في غضون دقائق إلى ساعات من تناول طعام يحتوي على القمح. ومن الأعراض:
- التورم أو الحكة أو التهيج في الفم أو الحلق
- الطفح الجلدي والحكة
- احتقان الأنف وصعوبة التنفس
- الصداع
- التشنجات أو الغثيان أو الإقياء أو الإسهال.
وقد تسبب الحساسية المفرطة:
- تورم أو ضيق في الحَلْق والصدر
- صعوبة التنفس الشديدة
- مشاكل في البلع
- شحوب الجلد أو تغيّر لونه إلى الأزرق
- الدوار أو الإغماء.
كيف يتم فحص حساسية الجلوتين؟
توجد عدة اختبارات تساعد الطبيب على تشخيص الإصابة بحساسية الجلوتين. قد تشمل الآتي:
اختبار الجلد
يحقن الطبيب قطرات صغيرةً من مواد مسببة للحساسية مستخلَصة من بروتين القمح، تحت سطح الجلد، ويبحث بعد 15 دقيقة عن علامات ردود الفعل التحسسية المتمثلة بظهور نتوء أحمر مثير للحكة مكان الحقن.
اختبار الدم
يُجرى اختبار الدم للتحري عن وجود أجسام مضادة معينة تجاه مسببات الحساسية الشائعة؛ بما في ذلك بروتينات القمح.
اختبار الحساسية تجاه الأطعمة
وفيه يتناول المريض طعاماً يُشتبه أنه العامل المسبّب للحساسية، ثم يراقب الطبيب ظهور أعراض الحساسية. يبدأ المريض بكمية صغيرة من الطعام مع زيادتها تدريجياً.
معدلات الإصابة بعدم تحمل الجلوتين
تزداد معدلات الإصابة بعدم تحمل الجلوتين دون أن يُدرك العلماء سبب ذلك، ويرجح البعض أن تبدل العادات الغذائية واعتماد الناس أكثر على الأطعمة المعالجة، لم يعطِ أجسامنا وما تحتويه من بكتيريا معوية الوقت الكافي لكي تتأقلم مع تلك التبدلات الغذائية.
تجنب الكثير من الناس الأطعمة الحاوية على الجلوتين بسبب التركيز المتزايد عليه وعلى المصابين بالداء الزلاقي؛ إذ تشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 30% من الأمريكيين يتبعون أنظمة غذائية خالية من الجلوتين؛ على الرغم من أنهم ليسوا جميعاً مصابين بالداء الزلاقي، بهدف خسارة الوزن، أو فقط لأنه موضة جديدة في عصرنا.
اقرأ أيضاً: تقليل الجلوتين لطفلك قد يقلل احتمال اصابته بالاضطرابات الهضمية
بديل الخبز المصنوع من القمح
إن الخبز الخالي من الجلوتين كثيف بشكل غير مقبول ومضغه أشبه بمضغ كعكة جافة، وتتطلب وصفات تحضير الخبز الخالي من الجلوتين مزج مقادير دقيقة من الطحين الخالي من القمح للحصول على النكهة المطلوبة، وإضافة مواد معينة للحصول على القوام المناسب. ولصنع الطحين الخالي من القمح؛ يمكن استخدام الدَخن والأرز والذرة البيضاء وغيرها من الحبوب لتعويض نكهة القمح.
ولتعويض القوام المتماسك؛ يُضاف صمغ الزنتان، لربط المكونات مع بعضها، وصمغ «الزنتان مادة غذائية تُنتجها بكتريا يُطلق عليها اسم «المُصفرّة المرجية Xanthomonas campestrics». بعد مزج المكونات، نحصل على عجينة لينة القوام، توضع في وعاء مستطيل أثناء الخبز لإعطائها الشكل المطلوب. ويكون قوام الخبز الناتج مثل الكعك الاسفنجي، ويتمتع بطعم شرائح خبز التورتيلا.
من مساوئ هذا الخبز أنه في حال عدم استعمال الصمغ نحصل على حساء الخبز بدلاً من الخبز، كما أن ثمنه باهظ بالمقارنة مع خبز القمح، وذلك لكثرة مكوناته التي قد تصل إلى 20 مكوّن، بينما يحتاج الخبز العادي 5 مكونات على الأكثر.
طريقة جديدة في تحضير الخبز الخالي من الجلوتين
يسعى علماء إيطاليون لإنتاج خبز مصنوع من القمح ولكنه خالٍ من الجلوتين؛ وذلك عن طريق إضافة بكتيريا لبنية، مشابهة لتلك التي تمنح العجينة المختمرة طعمها المميز، تتغذى على الجلوتين فقط دون أن تمس أياً من المواد الغذائية الأخرى الموجودة في العجين. يبدو هذا الخبز مشابهاً في طعمه وقوامه للخبز التقليدي؛ لكنه يحتوي على مكونات أكثر من الخبز التقليدي. نشر هؤلاء الباحثون نتائج دراستهم في دورية علوم الغذاء العلمية.
إلا أن بعض خبراء التغذية؛ مثل الدكتور «جيف هيرتزبيرغ» الذي شارك في تأليف كتاب خُبز الخباز الماهر الخالي من الجلوتين في خمس دقائق يومياً «Gluten-Free Artisan Bread in Five Minutes a Day» وكتاب الخُبز الصحي الجديد في خمس دقائق يومياً «The New Healthy Bread in Five Minutes a Day»، لم يُبدِ رغبةً باعتماد هذا النوع الجديد من الخبز لمرضى الداء الزلاقي، وقال: «لست متأكداً ما إذا كانت الوصفة الجديدة هي غاية المنى، كما أننا لا نمتلك أدلةً كافيةً على أن مرضى الداء الزلاقي بإمكانهم استهلاك هذا النوع من الخبز بشكل آمن تماماً».
اقرأ أيضاً: أيهما أفضل خبز القمح الكامل أم الخبز الأبيض؟
كيف يمكن التخلص من الجلوتين؟
للتخلص من الجلوتين؛ احرص على اتباع نظامٍ غذائي بعيداً عن حبوب القمح والشعير، ويضم:
- الحبوب الخالية من الجلوتين؛ مثل الكينوا والأرز البني والحنطة السوداء والشوفان
- تناول الفواكه والخضروات الطازجة، لأنها خالية من الجلوتين بشكل طبيعي.
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الجلوتين - خاصةً المشروبات الكحولية.
- عدم تناول البيرة لأنها تنتج عن طريق تخمير الحبوب المحتوية على الجلوتين مثل القمح أو الشعير.
- تناول المزيد من المكسرات، فهي خالية من الجلوتين بشكل طبيعي
- الحد من الأغذية المصنعة؛ حيث تتم إضافة الجلوتين إليها لتحسين ملمسها في الفم وزيادة مدة الصلاحية.
- تجنب التوابل والصلصات المحتوية على الجلوتين، فقد تتم إضافته ليكون بمثابة عامل استقرار أو مثخن أو مستحلب.
اقرأ أيضاً: تقليل الجلوتين لطفلك قد يقلل احتمال اصابته بالاضطرابات الهضمية