ما المركبات التي تسبب الروائح الكريهة في الجسم وكيف يمكن التخلص منها؟

4 دقيقة
ما المركبات التي تسبب الروائح الكريهة في الجسم وكيف يمكن التخلص منها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Alena A

"الروائح لها قوة إقناع أقوى من قوة الكلمات أو المظاهر أو العواطف أو الإرادة"، هذه هي كلمات الكاتب "باتريك سوسكيند" في روايته "عطر: قصة قاتل"، والتي استخدمها تأكيداً لارتباط حاسة الشم بمشاعر الإنسان حول شيء ما أو شخص ما على نطاق واسع في الطبيعة.

ولربما تكون رائحة الجسم الكريهة إحدى أشيع الشكاوى وأكثرها إحراجاً للجميع، ومن المهم أن نعلم أنها لا ترتبط بالتعرق المفرط كما هو شائع، إذ يمكن أن تكون للشخص رائحة جسم كريهة وهو لا يتعرق، كما العكس حيث يمكن للبعض أن يتعرق بشكلٍ مفرط دون أن يترتب على ذلك أي روائح مزعجة.

فليس للعرق الذي تفرزه الغدد العرقية أي رائحة بحد ذاته، وإنما يتعلق الأمر بالبكتيريا التي تستوطن سطح الجلد، حيث تنجم رائحة الجسم الكريهة عن اختلاط البكتيريا مع العرق المُفرز واستقلاب مركباته، ويرتبط نمو هذه البكتيريا بالغذاء والأمراض بشكلٍ وثيق وعلى هذا الأساس ترتبط رائحة الجسم بها.

اقرأ أيضاً: تحديد الإنزيم المسؤول عن رائحة جسم الإنسان

ما الغدد المسؤولة عن رائحة الجسم الكريهة؟

يحدث التعرق بشكلٍ طبيعي عند ارتفاع درجة حرارة الجسم، كما يحدث في فصل الصيف أو في فصل التمارين الرياضية المكثفّة، وذلك لتبريد سطح الجلد كأحد أشكال تكيّف الجسم مع درجات الحرارة المرتفعة. ويُفرز العرق عن طريق نوعين من الغدد العرقية هي: "الغدد المفرزة" و"الغدد المفترزة".

تفرز الغدد المفرزة العرق مباشرةً على سطح الجلد، ويتوزع هذا النوع من الغدد في كامل قطاعات الجلد وبشكلٍ خاص في راحتي الكفين وباطني القدمين، وعادةً ما يتبخر العرق المُفرز دون إصدار أي رائحة كريهة.

من جهة أخرى، تنفتح الغدد المفترزة في بصيلة الشعرة ويمكن العثور على هذا النوع من الغدد في منطقة تحت الإبطين وأعلى الفخذين بشكلٍ خاص. ولأن البكتيريا تتركز بكثافة أعلى في المناطق الجلدية المُشعرة، يكون العرق المُفرز في تلك المناطق على تماس مباشر مع البكتيريا، ولهذا السبب ترتبط هذه الغدد برائحة الجسم الكريهة بشكلٍ مفرط. ولا تبدأ الغدد المفترزة بالعمل حتى سن البلوغ، الأمر الذي يفسّر غياب الرائحة الكريهة لأجسام الأطفال.

اقرأ أيضاً: ما هي فوائد التعرق الصحية؟ وكيف يمكن التخلص من فرط التعرق المحرج في الصيف؟

ما المركبات المسؤولة عن رائحة الجسم؟

الكيمياء الحيوية هي السبب وراء استقلاب بكتيريا سطح الجلد لمكونات العرق وتحويلها إلى مركبات كريهة الرائحة، وتعتبر المركبات العضوية المتطايرة ومستقلبات الكحول المركبات المسؤولة بشكل رئيسي عن رائحة الجسم.

تشمل الأحماض الدهنية المتطايرة الرئيسية 3-ميثيل -2-هكسينويك (3M2H) الذي له رائحة تشبه الماعز، وحمض 3-هيدروكسي-3-ميثيل هكسانويك (HMHA) الذي له رائحة تُشبه الكمون، ويتم إنتاج هذه الروائح من قبل جراثيم "الوتديات".

ويسهم نوع آخر في البكتيريا في التسبب بحدوث رائحة كريهة وخاصة في القدمين وهي "المكورات العنقودية" والتي تفكك حمض الليوسين في العرق إلى "حمض إيزوفاليريك" وهو مركب ذو رائحة تشبه رائحة الجبن.

يؤدي الكبريت حتى عند تواجده بكميات قليلة في التسبب برائحة الجسم الكريهة، ويعتبر 3-ميثيل -3-سلفانيلهيكسان-1-أول (3M3SH) أكثر العضويات النفّاذة الناتجة عن تفكيك جراثيم "العنقويات البشرية" لمركبات العرق إحداثاً للرائحة، وهي تُسبب رائحة تُشبه رائحة البصل الفاسد أو اللحم الفاسد.

ما أسباب رائحة الجسم الكريهة؟

تؤثر كل من الأطعمة التي نتناولها مستويات الهرمونات لدينا والحالات الصحية التي نعاني منها بشكل أو بآخر في رائحة الجسم، إذ تتعلق رائحة الجسم الكريهة بهذه العوامل أكثر من أنها تتعلق بحالة التعرق المفرط.

اقرأ أيضاً: ما سر الرائحة الجميلة التي نستنشقها بعد المطر؟

يمكن أن يكون للتعرق المفرط دورٌ في ذلك في حالات التجفاف ونقص الوارد الفموي من السوائل، فبهذه الحالة يكون العرق مُركزاً وغنياً بالأملاح، وقد تصدر عنه رائحة كريهة خاصةً عند امتزاجها بالبكتيريا.

الحالات الصحية المسؤولة عن رائحة الجسم الكريهة

ترتبط العديد من الحالات الصحية والأمراض بتغيرات رائحة الجسم المعتادة، وعلى رأسها نذكر:

  • داء السكري: يشير التغير في رائحة الجسم عند مرضى السكري إلى الإصابة بالحماض الكيتوني، والذي يحدث عند سوء ضبط السكر إذ تتراكم الأحماض في الدم ما يتسبب بتبدل رائحة الجسم.
  • النقرس أو داء الملوك: والذي يتراكم فيه حمض البول في الدم.
  • سن اليأس.
  • فرط نشاط الغدة الدرقية.
  • أمراض الكبد والكلية: فعندما تُصاب هذه الأعضاء تتراكم السموم في الجسم والذي بدوره يؤثر على رائحة الجلد.

الاضطرابات الهرمونية ورائحة الجسم الكريهة

يمكن لكل من الهبات الساخنة والتعرق الليلي المرافقة للاضطرابات الهرمونية التي تحدث في فترة ما حول سن اليأس أن تكون مسؤولة عن رائحة الجسم الكريهة. وتتبدل رائحة جسم الأنثى بشكلٍ عام أثناء الحمل وفي فترة الإباضة، الأمر الذي يركز على دور الهرمونات في التأثير برائحة الجسم.

ما الأطعمة التي تسبب رائحة الجسم الكريهة؟

ينطبق قول "أنت ما تأكله" على رائحة الجسم، إذ تتبدل رائحة الجسم بشكلٍ واضح عند تناول الأطعمة الغنية بالكبريت، إضافة للأغذية الغنية بالكافيين والكحول والغلوتامات أحادية الصوديوم كالصلصة الحارة والتوابل والكمون. نذكر أهم الأغذية الغنية بالكبريت:

  • البصل والثوم.
  • الكرنب والبروكلي والقرنبيط.
  • اللحوم الحمراء.

اقرأ أيضاً: هل للخوف رائحة عند البشر؟

كيف يتم التخلص من رائحة الجسم الكريهة؟

في حال كنت واعياً لرائحة جسمك فهناك مجموعة من الخطوات التي تساعد في تخفيفها، نذكر أهمها:

  • الحفاظ على النظافة الشخصية ونمط الحياة الصحي.
  • الحرص على شرب ما يعادل 2 لتر من الماء على مدار اليوم.
  • استخدام صابون مضاد للبكتيريا والتركيز على المناطق المُشعرة التي تتعرق أكثر من غيرها مثل الإبطين وأعلى الفخذين، فإزالة البكتيريا الموجودة على الجلد بانتظام يمكن أن تمنع رائحة الجسم الكريهة.
  • إزالة شعر المناطق الأكثر تعرقاً، إذ يُبقي الشعر العرق على الجلد مدة طويلة ويمنعه من التبخر، ولذلك يعتبر الشعر أرضاً خصبة للبكتيريا.
  • ارتداء ملابس نظيفة وقطنية وفضفاضة فهي تسمح للبشرة بالتنفس.
  • إزالة الأطعمة التي ترتبط برائحة الجسم الكريهة من النظام الغذائي كالبصل والثوم والكحول والقهوة.
  • البحث عن طرق لتقليل مستويات التوتر، فالقلق والتوتر يُحفزان الغدد العرقية ما يؤدي إلى حدوث فرط التعرق.
  • في الحالات المعندة، يمكن حقن كميات قليلة من البوتوكس تحت الإبط في الغدد العرقية لمنع التعرق.
  • استخدام المضادات الحيوية لتقليل البكتيريا الموجودة على البشرة.

اقرأ أيضاً: امرأة تتمكن من شمّ رائحة مرض باركنسون قبل تشخيص زوجها به بعشر سنوات

تخفيف رائحة الجسم الكريهة بطرق طبيعية

هناك مجموعة من العلاجات الطبيعية التي نجحت في تخفيف رائحة الجسم الكريهة، نذكر أهمها:

  • صودا الخَبز: تعمل صودا الخَبز على موازنة الحمض الموجود على البشرة وتقليل الروائح الكريهة. ويتم تطبيق خليط صودا الخَبز مع الماء على الجلد وتركه حتّى يجف، ومن ثم غسل المنطقة بالماء بعد 15 دقيقة من التطبيق.
  • الشاي الأخضر: يساعد وضع أكياس الشاي الأخضر بعد ترطيبها تحت الإبط لعدة دقائق يومياً في سد المسام وتقليل التعرق.
  • خل التفاح: يساعد خل التفاح في تقليل البكتيريا التي تستوطن الجلد، وللتقليل من أعداد هذه البكتيريا يُخلط خل التفاح مع الماء ويوضع في زجاجة رذاذ ومن ثم يُرش الجلد بالخليط.
  • عصير الليمون: بنفس آلية عمل خل التفاح، يقتل حمض الستريك الموجود في الليمون البكتيريا على سطح الجلد، ويُطبق بنفس طريقة تطبيق خل التفاح.