فريد من نوعه: ميكروبيوم المدن يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحتنا

2 دقائق
ميكروبيوم المدن
shutterstock.com/ John_T

عندما تشعر بالوحدة، تذكر أمراً واحداً؛ كلنا نعيش في نفس المكان مع أنواع لا تحصى من الأحياء الميكروبيّة، وهذا أمر جيد، على الأقل في أغلب الحالات. يمكن أن تكون قد سمعت من قبل بـ «ميكروبيوم الأمعاء» عند البشر؛ وهو تجمّع من الأحياء الدقيقة الموجودة في في جهازنا الهضمي، ويمكن أن يؤثر على صحتنا بطرق لا تزال غامضة. تمتلك المدن ميكروبيوم أيضاً، وتشير دراسة حديثة إلى أن هذا ميكروبيوم المدن فريد للغاية، ويتغيّر تركيبه بين المدينة والأخرى.

صنّفت الدراسة -التي نشرت في 26 مايو/ آيار الماضي في دورية «سيل»- التجمّعات الميكروبية في 60 مدينة في 6 دولة مختلفة، وحلّلت ما يزيد عن 4700 عيّنة أُخذت من الحافلات ومحطّات المترو لمعرفة أنواع البكتيريا والفيروسات والبكتيريا القديمة (العتائِق أو الجراثيم العتيقة) التي تعيش فيها. يقول «كريس ماسون»؛ الباحث والمؤلّف الرئيسي للدراسة، وأستاذ مساعد في جامعة «وايل كورنيل ميديسن» في ولاية نيويورك: «ما كنا نعرفه من قبل هو أن هناك بالتأكيد آلاف الأنواع من الأحياء الدقيقة في كل مكان؛ ولكننا لم نكن نعرف مدى اختلاف الميكروبيوم بين المدن».

الأماكن التي أُخذت منها العيّنات

ميكروبيوم المدن

مسح فريق دولي من الباحثين أكشاك التذاكر والأسياج والمقاعد والأبواب الدوّارة والأسطح الأخرى التي تُلمس بشكلٍ متكرر في أنظمة النقل العامة في عدة مدن حول العالم؛ ومن ضمنها بوغوتا ومدينة نيويورك وطوكيو، خلال فترة دامت 3 أعوام. وجد الباحثون أن مجموعةً أساسيةً من الأنواع توجد في كل المدن، وهي تتضمن أنواعاً مثل «كيوتيباكتيريوم أكنيس»؛ وهو نوع شائع من البكتيريا التي تعيش على جلد البشر. وجد الباحثون أيضاً أن المجموعات الميكروبية لها تركيبات فريدة في المدن المختلفة.

وفقاً لماسون، فإن هذه الاختلافات تعود بشكلٍ جزئي إلى اختلاف البيئات التي تتخللها درجات حرارة ومستويات رطوبة مختلفة. وجد الباحثون أيضاً كميّات مختلفةً من المورّثات المسؤولة عن مقاومة محتمَلة لمضادات الميكروبات -وهي مشكلة صحيّة عالمية- والتي يشير الباحثون أنها قد تتبع لأنواع المضادات الحيوية التي يتناولها سكان هذه المدن؛ لكن وفقاً لماسون، فإن الأخبار السّارة هي أن كمية هذه المورّثات في بيئات المدن قليلة مقارنة بكمّيتها في عيّنات التربة أو أمعاء البشر، كما وجد الباحثون أيضاً مواد وراثية للكثير من الفيروسات والبكتيريا التي لم تُصنّف من قبل.

يقول ماسون: «في كل مرة تجلس فيها [في المترو]، فأنت تجلس على الأرجح فوق أنواع لم تكتشف من قبل».

كتبت «ماريا غلوريا دومينغيز-بيلو»؛ أستاذ في علم الأحياء المجهري في جامعة روتجرز -لم تشارك في الدراسة الجديدة- في رسالة إلكترونية إلينا: «تمثّل هذه الورقة أول استعراض شامل لمورّثات البيئات غير الطبيعية عالمياً»، وأضافت أن هذه الدراسة مهمّة لأنها توفّر معلومات جديدة حول البيئة الحالية، وهي بيئة مختلفة للغاية عن تلك التي تطوّر فيها أسلافنا.

تقول «إيريكا هارتمان»؛ أستاذ مساعد في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة نورثويسترن -لم تشارك في الدراسة الجديدة-: «تاريخياً؛ عندما كنا نفكر بالميكروبات والبيئة والصحة، كنا نركّز على العوامل الممرضة، ونحاول تعقيم الأسطح قدر المستطاع»؛ هذا الأمر يصح بشكلٍ خاص خلال الجائحة، وتضيف هارتمان: «إن أخذ وجهة نظر أشمل والبحث في أشياء أخرى غير العوامل الممرضة، يعطينا منظوراً مختلفاً نأمل أن يقودنا إلى مقاربات جديدة في التعامل مع الميكروبات التي تعيش معنا». إحدى هذه المقاربات هي ملاحظة أنواع الميكروبات التي تكون متواجدةً بشكلٍ طبيعي، وإعادة تقييم الظروف المناسبة التي يجب استخدام المطهّرات فيها.

تقول هارتمان: «الميكروبات موجودة في كل مكان حولنا، وعلى الرغم من أن بعضها يتسبب بالأمراض؛ إلا أن أغلبها مسالمة وقد تكون مفيدة. من الضروري بالفعل الوصول إلى تكامل ما مع الميكروبات؛ وليس الإضرار بها؛ وذلك حتى لا نخلق مشاكل أكثر سوءاً بالنسبة لنا- مثل الحشرات الفائقة».

وفقاً لماسون، فبما أن أكثر من نصف تعداد البشر يعيشون في المدن، فالخدمات المدنية؛ مثل أنظمة النقل العامة، هي «أكبر الأنظمة البيئية اللمسيّة المشتركة في العالم»، ويضيف أيضاً أن معرفة أنواع الأحياء التي تعيش في هذه البيئة قد تساعدنا في اكتشاف طريقة للحفاظ على ميكروبيوم مدنيّ مرن ومتنوّع، وأكثر مقاومةً للعوامل الممرضة.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً