هل يسبب الميكروويف السرطان؟ وكيف نقلل مخاطر استخدامه؟

هل يسبب الميكروويف السرطان؟ وكيف نقلل مخاطر استخدامه؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Pixel-Shot
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اليوم، يكاد لا يخلو منزل من جهاز الميكروويف الكهربائي لاستخداماته العديدة. لكن ومنذ اختراعه في ثمانينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا، كانت هناك ادعاءات عديدة حول مخاطر هذه الأجهزة، مثل قدرتها على التسبب بالإصابة بالسرطان. فهل التسخين السريع للوجبة الغذائية في الميكروويف يستحق حقاً هذه المخاطر أمْ أنها مجرد شائعات؟ وما مدى خطورته على صحتنا؟

ما هو فرن الميكروويف وكيف يعمل؟

فرن الميكروويف هو جهاز يقوم بتسخين الطعام أو طبخه من خلال موجات دقيقة (Micro Wave) كهرومغناطيسية عالية التردد. يعمل الميكروويف على مبدأ تحويل طاقة الموجات الكهرومغناطيسية إلى حرارة، عندما يقع جزيء قطبي ذو شحنة مغايرة في مسار هذه الإشعاعات الكهرومغناطيسية، فإنه يتأرجح بحيث يحاكي حركتها. والجزيء القطبي هو جزيء يمتلك جانباً موجب الشحنة وآخر سالب الشحنة، كما أن للموجات الدقيقة (الميكروويف) قمة موجبة وقمة سالبة، حيث سيحاول الجزيء محاذاة أقطابه مع الموجات الدقيقة.

نظراً لأن هذه الجزيئات تغيّر اتجاهها بسرعة (ملايين المرات في الثانية على الأقل)، فإنها تكتسب الطاقة، ما يزيد من درجة حرارة المادة.

يستخدم فرن الميكروويف الموجات الدقيقة، وهي نوع من الموجات المحصورة بين موجات الراديو والأشعة تحت الحمراء في الطيف الكهرومغناطيسي، ويتراوح ترددها ما بين 0.3- 300 غيغاهرتز، ويقابلها تفاوت في الأطوال الموجية التي تتراوح بين 0.9 - 0.0009 متر. يستخدم الميكروويف أشعة دقيقة بتردد 2.24 غيغاهرتز وطول موجي 12.2 سنتيمتر، ما يسمح لها بالتغلغل داخل الطعام وتسخينه. في المقابل، لا ترتفع درجة حرارة الهواء حول الغذاء، لأن جزيئاته غير قطبية. الأمر ذاته ينطبق على البلاستيك والزجاج والسيراميك، إلّا أن المعدن يمكنه عكس الموجات الدقيقة، لذا يجب ألّا تستخدم الأوعية المعدنية في تسخين الأطعمة أو طهيها داخل الميكروويف، بيد أن سطحه الداخلي يُصنع من جدران معدنية تساعد على انعكاس الموجات إلى الطعام.

كيف يعمل جهاز الميكروويف؟

يعتمد فرن الميكروويف على جهاز المغنطرون لتوليد الموجات الدقيقة، وهو جهاز استُخدم لتطوير رادار عسكري بعيد المدى بعد الحرب العالمية الثانية، ويعود الفضل في اختراعه إلى المهندس الأميركي بيرسي سبنسر، الذي اكتشف عن طريق الصدفة أثناء وقوفه بالقرب من المغنطرون أنه تسبب بتذويب قطعة شوكولاتة كانت معه بينما لم يشعر بحرارة في محيطه، فكان اختراعه لفرن الميكروويف عام 1945.

يتألف فرن الميكروويف مما يلي:

  • محول الجهد العالي: لرفع جهد التيار الكهربائي من الجهد المنزلي العادي إلى آلاف الفولتات اللازمة لعمل الميكروويف، التي تتم تغذيتها إلى التجويف المغنطروني.
  • تجويف المغنطرون: هو أنبوب مفرغ عالي الطاقة يستخدم تفاعل تيار من الإلكترونات مع تجاويف كتلة من النحاس بتوجيه من مجال مغناطيسي لإنتاج الأشعة الدقيقة (موجات راديو عالية الطاقة بطول 12 سنتيمتراً).
  • دليل الموجة: هو القناة التي يفجر فيها المغنطرون الموجات، ويوجهها نحو التجويف (حجرة الطعام).
  • طاولة دوارة: يوضع عليها الطعام، بحيث يسمح دورانه بتوزيع الحرارة بالتساوي ما بين الأجزاء.

تعكس الجدران المعدنية لحجرة الطعام الموجات الدقيقة، مثلما يرتد الضوء عن المرآة، بينما يمتص الطعام هذه الموجات، كلما زادت سرعة اهتزاز الجزيئات زادت سرعة التسخين.

الفرق بين الميكروويف والفرن التقليدي

يختلف الميكروويف عن الفرن العادي في عدة نقاط:

  • لا يتسبب الميكروويف بتسخين الهواء المحيط ما يقلل من وقت الطهي، فبينما يحتاج بعض عمليات الطهي إلى عدة ساعات في الفرن التقليدي، يمكن لفرن الميكروويف إتمام المهمة في دقائق.
  • غالباً ما تكون عملية التسخين غير متساوية بين جميع الأجزاء، أو بمعدلات مختلفة. على سبيل المثال، تسخن الطبقات الخارجية للغذاء بشكلٍ أسرع من الداخلية، لأنها تمتص معظم الإشعاع قبل أن يصل إلى الأجزاء الداخلية، كما أن الأغذية ذات الرطوبة العالية تسخن بشكلٍ أسرع من الأطعمة الأقل رطوبة.
  • لا يمكن للميكروويف تحمير الغذاء، لأن اللون البني المحمر ينتج في الفرن العادي عن تفاعل الأحماض الأمينية مع السكريات بتأثير حرارة الفرن الداخلية، لكن في الميكروويف يسخن الغذاء بتأثير حركة ذراته، بينما يبقى الهواء المحيط به بحرارة الغرفة العادية.
  • لا يمكن التسخين في أوعية معدنية في فرن الميكروويف؛ لأن المعدن يعكس الموجات الدقيقة.

اقرأ أيضاً: 10 مسببات للسرطان موجودة في بيئتنا ونظام حياتنا

هل تسبب الموجات الدقيقة السرطان؟

تصنف الأشعة وفقاً لقدرتها على التسبب بتحول الخلايا السليمة إلى سرطانية إلى نوعين:

  1. إشعاع غير مؤين: منخفض التردد لا يحتوي على طاقة كافية لتدمير الخلايا بشكلٍ مباشر، ويشمل:
    • موجات الراديو، بما في ذلك الموجات الدقيقة.
    • الأشعة تحت الحمراء.
  2. إشعاع مؤين: عالي التردد يمكنه إزالة الإلكترونات من ذرات الجزيئات، وبالتالي قد يصيب الحمض النووي، ويسبب تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية، وتضم هذه الأشعة:

أي أن الموجات الدقيقة التي يصدرها فرن الميكروويف لا تسبب الإصابة بالسرطان بشكلٍ مباشر، ومع ذلك قد يكون لهذه الأشعة تأثيرٌ غير مباشر على الإصابة بالسرطان.

اقرأ أيضاً: علماء يعالجون السرطان بـ «الأشعة تحت الحمراء القريبة»

تأثير الميكروويف غير المباشر على الإصابة بالسرطان

يمكن للموجات الدقيقة أن تتسبب بالسرطان بطرق غير مباشرة وتتضمن:

  • تكوين مواد مسرطنة وتشمل:
    • الأكريلاميد: وهي مادة تَنتج عن تعرض السكريات والنشويات لدرجات حرارة عالية.
    • بيسفينول أ: هي مادة تدخل في صناعة البلاستيك لجعله أكثر صلابة، يمكن لهذه المادة أن تتسرب إلى الطعام لدى ارتفاع درجات الحرارة.
    • الفثالات: هي مادة تُستخدم في صناعة البلاستيك لجعله أكثر ليونة. يمكنها التسرب إلى الطعام في درجات الحرارة العالية.
  • تغيير المحتوى الغذائي للطعام: إذ يمكن للطهي بالميكروويف أن يؤثّر في محتوى الغذاء من مضادات الأكسدة، وهي مواد قادرة على تحييد جزيئات الجذور الحرة وإيقافها عن مهاجمة الخلايا السليمة. ومنها:
    • المغذيات النباتية: مثل الفلافونويد والبيتا كاروتين، حيث أظهرت دراسة نُشرت في مجلة علوم الأغذية والزراعة (Journal of the Science of Food and Agriculture) أن طهي الأغذية النباتية في الميكروويف يقلل من مركبات الفلافونويد بنسبة 97%، مقارنة بـ 66% في حالة غليه و11.1% بالطهي بالبخار.
    • الثوم: يحتوي الثوم على الأليسين وهو أحد مضادات الأكسدة القوية، وقد أشار المجلس النباتي الأميركي (American Botanical Council) إلى أن تسخين الثوم بالميكروويف لمدة 60 ثانية أدّى إلى تدمير نشاط جميع مضادات الأكسدة في الثوم.

هل يمكن للميكروويف أن يقلل خطر السرطان؟

بعض المواد المسرطنة مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs) والأمينات الحلقية غير المتجانسة، يمكن أن تتكون بتأثير تعرض البروتين الحيواني -الموجود في لحم الضأن والطرائد والأسماك والدواجن- للشواء على نار أو مصدر حرارة قوي، إلّا أن وضع هذه المواد لمدة 60 ثانية في الميكروويف قبل الشوي يمكن أن يقلل مستوى الهيدروكربونات الأروماتية متعددة الحلقات والأمينات الحلقية غير المتجانسة فيها، وفقاً لما أشارت إليه الدراسة المنشورة في دورية الطفرات البيئية والجزيئية (Environmental and Molecular Mutagenesis).

احتياطات أثناء استخدام الميكروويف

قبل استخدام الميكروويف، من المهم أخذ بعض النقاط بعين الاعتبار للحفاظ على الصحة والسلامة العامة، ومنها:

  • استخدم الأواني الآمنة للميكروويف أو المخصصة له.
  • يُمنع تشغيل جهاز الميكروويف في حال كان باب الجهاز مكسوراً أو مثنياً أو مفتوحاً.
  • امتنع عن الوقوف أمام فرن الميكروويف مباشرة بينما يعمل الجهاز، تجنباً لأي سوء استخدام للجهاز.
  • لا يجوز تسخين السوائل لفترة أطول مما هو موصى بها، إذ يمكن للأبخرة أن تسبب مشكلات تقنية في الجهاز.
  • تنظيف حجرة الطعام الداخلية بشكلٍ دوري بالماء والمنظفات الخفيفة، إلّا أنه يحذر استخدام ليفة الجلي الإسفنجية او المعدنية أو أي مواد كاشطة خلال التنظيف.

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يجب أن نقلق من المواد المسرطنة؟

معايير أمان فرن الميكروويف

على الرغم من أن أشعة الميكروويف لا ترتبط بالسرطان بشكلٍ مباشر، فإنها قد تسبب حروقاً في الجسم، لذا فرضت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) معايير لأمن أجهزة الميكروويف وسلامة استخدامها:

  • يُسمح بتسرب كمية من الإشعاع استطاعتها 5 ميلي واط لكل سنتيمتر مربع من سطح الفرن، وهو أقل بكثير من الحد الذي يمكنه أن يسبب الأذية للناس. علاوةً على ذلك، تنخفض طاقة الإشعاع لدى الابتعاد عن المصدر، بحيث تكون قيمتها على بُعد 50 سنتيمتراً نحو 1/100 من القيمة المقاسة على بعد 5 سنتيمترات من الفرن.
  • وجود آلية إيقاف ذاتي للأشعة بمجرد فتح باب الميكروويف، أو تحرير المزلاج.

ومع ذلك، قد يؤدي التعرض لمستويات عالية من أشعة الميكروويف إلى تسخين أنسجة الجسم كما يحدث في الطعام، مسببة حروقاً مؤلمة أو إعتاماً لعدسة العين، لذا من الآمن استخدام الميكروويف لتسخين الطعام وطهيه لدى اتباع التعليمات المرفقة بالجهاز، لكن في حال وجود أي نوع من أنواع الخلل في الجهاز، يفضل تجنب استخدامه قدر الإمكان.