ماذا تفعل هذه الفطريات داخل أمعائك؟

2 دقائق
حقوق الصورة: بيكساباي

خلال السنوات القليلة الماضية، لا بدّ وأنك قد سمعت الكثير من الحديث عن البكتيريا التي تعيش داخل الجهاز الهضمي، والتي يسميها العلماء والأطباء في الوقت الحالي بالبكتيريا المتعايشة في الأمعاء. كل هذا الكلام هو لسبب وجيه. حيث وجد الباحثون بأن هذه الجراثيم الصغيرة قد يكون لها تأثير على صحتنا، على الرغم من عدم معرفتنا لكمية ووسائل ذلك حتى الآن. وتمتلأ رفوف المتاجر في الوقت الراهن بالمنتجات التي تعِد بتقديم هذه البكتيريا المفيدة، على الرغم من أن الكثير منها لديها القليل من الأدلة - إن وجدت – والتي تدعم ادعاءاتها.

ولكن إذا فاجأك أن تعلم بأن تريليونات البكتيريا تتخذ من القولون مسكناً دائماً لها، فإن الخبر التالي قد يجعلك تضطرب بشكل أكبر: البكتيريا ليست الوحيدة التي تقطن هناك، فهناك الفطريات والطفيليات والفيروسات والعتائق أيضاً. نعم، إنها نفس مجموعة الكائنات التي تشمل الخمائر والعفن ومختلف الفطريات والتي تسكن أيضاً في الأمعاء، كما هو حال الكائنات الحية الفيروسية المختلفة والأنواع الطفيلية، والتي يرى العلماء أنه ربما لها تأثير على صحتنا أيضاً.

ومن الجدير بالذكر بأن أحد أكثر الأشياء إثارة للاهتمام حول ميكروبات الأمعاء لدينا هو أن لدينا تأثير كبير على احتمال بقائها على قيد الحياة، إذ أن أنواع الأطعمة التي نأكلها لا تغذينا فقط، بل تغذي هذه الميكروبات المتعايشة أيضاً.

ففي دراسة نشرت الأسبوع الماضي في دورية "إم سفير" mSphere، درس الباحثون كيفية تغير الفطريات داخل أمعاء الفئران اعتماداً على نظامها الغذائي: الغذاء مرتفع الدهون مقابل النظام الغذائي التقليدي. حيث اكتسبت القوارض ذات النظام الغذائي مرتفع الدهون الوزن وأظهرت علامات أخرى للسمنة، مثل مقاومة الأنسولين. وعندما درس الباحثون الميكروبات المتعايشة لكل مجموعة من الفئران، وجدوا فرقاً كبيراً بين فطريات الأمعاء عند الفئران ذات النظام الغذائي مرتفع الدهون مقابل تلك التي تغذت على الغذاء التقليدي.

وهذا يشير إلى أن المجموعات الفطرية يمكن أن تختلف تبعاً لنوع النظام الغذائي الذي يتناوله الحيوان، وهذا قد يعني بأن الفطريات يمكن أن يكون لها تأثير على صحتنا.

وتقول طبيبة الأطفال في جامعة مينيسوتا شيريل جيل: "يعتبر معظم الناس بأن الفطريات هي عوامل مسببة للأمراض ولا يمكنها إلا أن تسبب الضرر والمرض". وتضيف بأن ما تبيّنه هذه الدراسة هو أن هناك فطريات متعايشة تعيش على الجسم وداخله، والتي تتفاعل مع البكتيريا الموجودة في الأمعاء، والتي من المحتمل أن يكون لها بعض الفوائد الصحية.

لذلك، إذا كانت جميع هذه الكائنات الأخرى تطوف في أمعاءنا وتؤثر على صحتنا، فلماذا يخصص العلماء معظم اهتمامهم للبكتيريا؟ بداية، لا تزال البكتيريا تشكل الغالبية العظمى من الكائنات الحية الدقيقة في الجهاز الهضمي، ونحن نعرف عنها الكثير، ولدينا بالمثل قواعد بيانات كاملة للتسلسل الجينومي لهذه الأنواع. أما الفطريات فهي أقل شيوعاً بكثير، إذ أنها تشكل 0.1 في المئة فقط من تجمعات الميكروبات في الأمعاء، كما أن دراستها وتحديد تسلسلها هو أمر أكثر صعوبة، ولأننا لا نقوم بتحديد تسلسلها كثيراً، فلم نقم بتطوير أساليب قوية للقيام بذلك كما هو الحال مع البكتيريا.

إلا أن جيل تقول بأن مثل هذه الدراسات تساعد على سد هذه الفجوة في المعرفة. وقد وجدت دراسات نموذجية حيوانية حديثة أخرى بأن إخلال الميكروبات المتعايشة الفطرية الطبيعية (أو ما يعتقد العلماء حالياً بأنها طبيعية) يرتبط مع التهاب القولون، بالإضافة إلى حالة تشبه الربو عند الفئران.

وتقول جيل بأننا نقترب من تحسين فهمنا لكيفية عمل البكتيريا والفطريات والكائنات الدقيقة الأخرى ككل، وكيف يؤثر كل منها على الآخر، وقد لا تشكل الفطريات سوى نسبة صغيرة من مجموع هذه التجمعات، ولكن التغيرات في تركيبها قد يكون لها تأثير كبير على أنواع البكتيريا. ويمكن لنا أن نتصور بأن تأثير الدومينو هذا يمكن أن يتفاقم بسرعة ويسبب المتاعب للكائن المضيف.

في الوقت الراهن، تشير الأدلة إلى أن أفضل طريقة للعناية بالأمعاء هي تناول الكثير جداً من الألياف - والتي تمثل غذاءً للميكروبات - ويفضل أن تكون على شكل فواكه وخضروات.

المحتوى محمي