كيف تعمل اللقاحات؟ سؤال ورد من ليلى، 7 سنوات
شكرا ليلى. هذا سؤال مهم للغاية،خصوصاً في هذا الوقت الذي يبذل العلماء في جميع أنحاء العالم جهوداً جبارة لتطوير لقاحٍ يحمينا من فيروس كورونا. في الواقع، يحاول العلماء باستمرار إيجاد لقاحات للعديد من مختلف الأمراض، والتي قد تظهر بين الفينة والأخرى، كفيروس كورونا، أو تلك التي ما زلنا نعاني منذ زمن طويل حتى الآن.
لفهم آلية صنع وعمل اللقاحات، نحتاج أولاً إلى فهم كيف تجعلنا الفيروسات مرضى، وكيف تدافع الخلايا في أجسادنا ضد العدوى.
الفيروسات مخادعة جداً
تجعلنا الفيروسات مرضى عندما تغزو خلايانا، ولكن الطريقة التي تقوم بها بالدخول إليها معقدة نوعاً ما، ويتعين علينا نحن العلماء أن ندرس هذا الأمر لسنواتٍ طويلة قبل أن نتمكن من فهمها تماماً. ولكن يمكن أن أبسّط لكِ الأمر على هذا النحو:
تدخل الفيروسات إلى خلايانا باستخدام مفتاحٍ خاص يناسب القفل الموجود على سطح خلايانا. وبمجرد أن يدخل الفيروس، يقوم باختطاف الخلية وإجبارها على صنع المزيد من الفيروسات عن طريق تحويل الخلية إلى مصنع فيروساتٍ صغير.
وذلك يُرهق خلايانا كثيراً، مما يجعلنا نشعر بالمرض. والخبر السيئ هو أنه يمكن للفيروس المصنوع الجديد أن يخرج من الخلية بعد أن تموت وينتقل إلى خلايا أخرى وينشر بالتالي العدوى عبر جسمنا، ويجعلنا نمرض أكثر، بل وحتى يمكنه أن ينتشر من أجسامنا ليصيب أناساً آخرين ويمرضهم أيضاً.
جهاز مناعتك هو قوة دفاعك
يتكون جهازنا المناعي من خلايا مناعية، خلايا خاصة جداً تعيش في مختلف أنحاء الجسم، ومهمتها البحث عن أي علاماتٍ للعدوى والدفاع عن الخلايا الأخرى في الجسم عندما يكون هناك أي تهديدٍ لها.
وهناك العديد من أنواع الخلايا المناعية التي تعمل كفريقٍ واحد في مواجهة فيروسٍ ما حتى القضاء عليه، أهمها الخلايا البائية والتائية. تصنع الخلايا البائية سلاحاً سرياً يُعرف بالأجسام المضادة، وهي جزيئات صغيرة تأخذ شكل حرف «Y» وتملك قدرةً كبيرة على الالتصاق بالمفاتيح التي تملكها الفيروسات والتي تستخدمها للدخول إلى خلايانا، وبذلك تصبح الفيروسات عاجزة عن الدخول إليها والتسبب بالعدوى والمرض لنا.
إذا تمكنت الفيروسات من الإفلات من الخلايا البائية واستطاعت الوصول إلى خلايانا، يمكن للخلايا التائية التعامل معها والقضاء عليها، حيث تقوم بقتل أي خليةٍ مصابةٍ بالفيروس لمنع العدوى من الانتشار داخل جسمنا.
تدخل العديد من الفيروسات إلى أجسامنا يومياً، مثل فيروس الرشح، لكنها لا تتسبب لنا دائماً بالمرض لأن خلايانا المناعية تحمينا منها. لكن خلايانا المناعية يمكن أن تقوم بالمهمة بشكلٍ أسرع وبكفاءةٍ أكبر إذا كانت قد تعاملت مع نفس الفيروس في السابق.
إذا صادفت خلايانا المناعية فيروساً جديداً، مثل فيروس كورونا، فلن تتمكن من التعرف عليه على الفور. مما يمنح الفيروس فرصةً لإصابة خلايانا والتكاثر إلى أن يجعلنا مرضى فعلاً.
عمل اللقاحات مبني على تعريف خلايانا بالفيروسات مسبقاً
تحتوي جميع اللقاحات على قطعة صغيرة من الفيروس، فتتعامل معها خلايانا المناعية كجسمٍ غريب وتقضي عليها. وفي هذه الحالة، يمكن للخلايا البائية والخلايا التائية التعرف على تلك القطعة الصغيرة من الفيروس لو صادفتها مجدداً، ويمكن أن تتذكرها أحياناً لسنواتٍ طويلة. وبذلك إذا أصابنا الفيروس الحقيقي، فإن خلايانا المناعية تتعرف عليه على الفور وتبدأ العمل لتقضي عليه.
فإذا تمكنت خلايانا المناعية من العمل بسرعةٍ كافية وقضت على الفيروس، فلن نمرض ولن تصنع أجسامنا المزيد من الفيروسات التي يمكن أن تنتشر منا وتصيب الآخرين وتمرضهم أيضاً.
آمل أني قد أجبت على سؤالك عزيزتي ليلى. جهاز المناعة لديك هو خط دفاعٍ قوي، فهو يحميكي كل يومٍ من العدوى، لكنه قد يحتاج إلى المساعدة في بعض الأحيان، فنقدمها له من خلال اللقاح، خصوصاً إذا ظهر فيروسٌ جديد لم يره من قبل.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً
سلسلة «أطفال فضوليون»