ماذا تفعل إذا تعرّضت لكسر في الساق في مكان لا يوجد فيه أحد

8 دقائق
جبال سنتنيال. هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 28 ألف فدان تحدّ جنوب غرب ولايتي مونتانا وأيداهو.

لنفترض أنك في البرية، وتتمتع بالهواء النقي تاركاً المدينة وراء ظهرك، وفجأة ينزلق صديقك ويتعرض للكسر! ربما يسقط على يده المبسوطة، أو يقع على ساقه. في كلتا الحالتين، يراودك شعور سيء باحتمال حدوث كسور في العظام. يتألم صديقك كثيراً، بينما أنت بعيد عن أي شخص يمكنه مدّ يد المساعدة.

ماذا عليك أن تفعل الآن؟ لحسن الحظ، هناك عدد من الأشياء التي يمكنك القيام بها بنفسك لعلاج الطرف المكسور. حيث يقول إريك وايس، وهو أستاذ طب الطوارئ في كلية الطب بجامعة ستانفورد: "إن التثبيت بالجبيرة هو أساس العلاج في البراري كما هو الحال في البيئة المدنية".

وبطبيعة الحال، لا تعدّ المبادئ التوجيهية المذكورة أدناه قواعد ثابتة وجامدة، إذ أن الظروف المحيطة بك قد تختلف. ولكن إذا قمت بتثقيف نفسك وتأكدت من استعدادك للكارثة عندما تنطلق في الرحلة، فيمكنك المساعدة في منع الأمور من أن تزداد سوءاً.

تقييم الإصابة

عند حدوث أي إصابة، فأول شيء يجب عليك القيام به هو معرفة مدى السرعة التي تحتاجها للحصول على المساعدة وفيما إذا كان يمكنك الحصول عليها بنفسك. من الناحية المثالية، يمكنك طلب المساعدة عن طريق الهاتف المحمول أوهاتف الأقمار الصناعية أو الراديو أو جهاز تعقب المكان إذا كان يحوي إشارة مدمجة للطوارئ. وعند طلب المساعدة، يجب أن تكون موجزاً ومباشراً. ويقول ديفيد تاونز، وهو أستاذ مساعد في قسم طب الطوارئ في كلية الطب في سياتل بجامعة واشنطن: "استخدم وقت الاتصال بحكمة، فقم بالإبلاغ عن هويتك بالضبط وعن المكان الذي تظن أنك فيه واسرد تفاصيل القصة الطبية. فربما يكون لديك تغطية للهاتف المحمول وقد تختفي أو قد تنفذ البطاريات".

ولكن قد يكون من الصعب قياس مدى خطورة إصابة الشخص. إذ أن إصابات الرأس والرقبة والصدر والبطن والحوض معقدة للغاية. ويقول تاونز: "من الصعب تقييم ذلك بالفعل في البيئات البسيطة، حتى بالنسبة للاختصاصي المدرَّب".

ولحسن الحظ، تميل إصابات الذراع والساق لأن تكون أكثر وضوحاً. إذ أن هناك علامات تدل على انكسار أو تفتت العظام. والعلامة الأكثر وضوحاً هي بروز العظم من خلال الجلد. ولكن هناك كسور مغلقة أيضاً، أي عندما تنكسر العظام ولكن دون اختراق الجلد.

وإذا كنت تسمع صوت فرقعة، أو كان بإمكانك أن تسمع أو تشعر بشيء مزعج عند لمس المنطقة المصابة أو تحريكها، فقد يكون العظم مكسوراً. وهناك علامة أخرى، حيث أن الطرف يؤلم كثيراً عند استخدامه من قبل الشخص، أو يمكن أن يتحرك في نقطة لا يوجد فيها مفصل. ويقول وايس: "إذا قمت بالضغط نحو الركبة بعيداً عن موقع الإصابة، وقال الشخص بأنه يتألم أسفل الكاحل، فعندها من الأرجح عدم وجود عظام مكسورة".

ويمكن أن يبدو الطرف مشوهاً، إذ قد يكون أقصر من الطرف غير المصاب، أو ملتوياً بزاوية غريبة. وقد يكون هناك أيضاً تورم سريع وكدمات. ويقول وايس: "يتم صنع الدم في نقي العظام. وإذا تعرضت العظام للكسر، فإن الدم يتسرب من العظام عن طريق الكسر ويسبب تلوّن الجلد بالأسود والأزرق".

ولكن هذه العلامات قد لا تظهر في حالة الكسر، بل قد تظهر في غياب الكسر إذا تعرضت لإصابة قوية في الأنسجة الرخوة. وقد لا تكون قادراً على التفريق بين كسر العظام والتواء أو كدمات العظام. وإذا كنت غير متأكد، فلا داعي للذعر. حيث يقول وايس: "لا يمكنك الحصول على صورة شعاعية في البراري. وعندما تكون في شك، فجب أن تفترض بأنها مكسورة وتثبتها بالجبيرة بأفضل صورة".

ويعتبر التثبيت بالجبيرة عموماً آمناً للغاية عند إجرائه بشكل صحيح. ويقول تاونز: "من غير المرجح أن تصاب بالضرر نتيجة التثبيت بالجبيرة، إلا إذا قمت بوضع الجبيرة بشكل مشدود جداً".

ولكن قبل أن تقوم بإجراء الجبيرة، هناك عدد من الأشياء التي يجب القيام بها أولاً.

يا للألم!
حقوق الصورة: ديبوسيت فوتوز

يترافق الكسر المفتوح – أي عندما يبرز العظم من خلال الجلد - مع احتمال أكبر للنزيف والعدوى. وإذا كان الجرح ينزف، فقم بتطبيق الضغط المباشر واغسله جيداً بالماء المعقم قبل وضع الضماد عليه. وحاول إزالة كافة الأوساخ، ولا تقم بفرك تلك المنطقة.

كما يجب عليك التأكد من أن الكسر لا يقترن مع إصابة أكثر خطورة في الأعصاب أو الأوعية الدموية.

وإذا كنت تعرف كيفية فحص النبض، فقم بذلك لمعرفة وجود نبض تحت مستوى الإصابة. وتأكد من أن الطرف لا يصبح بارداً أو مزرقاً. ويمكنك أيضاً التحقق مما يسمى عودة امتلاء الشعيرات الدموية. ففي الحالة الطبيعية، إذا قمت بالضغط على الإصبع أو الظفر، فسوف يتحول لونه إلى الأبيض طالما أن الدم مدفوع نحو الخارج. ويقول تاونز: "وعندما تُوقف الضغط، فإن اللون الوردي يعود خلال أقل من ثانيتين". ولكن إذا كانت العودة إلى اللون الطبيعي تستغرق أكثر من بضع ثوان، فهذا يدل على أن الشخص قد تعرض لإصابة في الأوعية الدموية.

ومن الضروري أيضاً التحقق من أذيات الأعصاب. تأكد من أن الشخص المصاب يمكنه أن يشعر بالإحساس بشكل طبيعي في الأطراف بعد مكان الاصابة. واسأله فيما إذا كان غير قادر على تحريك طرفه فعلاً، أو أنه لا يمكنه تحريكه لأنه يؤلمه كثيراً.

فإذا تعرض شخص في مجموعتك لكسر في العظام، وكانت هناك أدلة على إصابة في الأعصاب أو الأوعية الدموية، فإن الحالة تعتبر طارئة جداً. ويقول تاونز: "تحتاج إلى الحصول على مساعدة في غضون ساعات".

وخلال تحضيرك لتثبيت الإصابة بالجبيرة، من الأفضل أن يحافظ الشخص المصاب على ارتداء القميص أو البنطال. إذ أن إزالة الملابس قد تضر العظام المكسورة بشكل أكبر وتتركها محمية بشكل أقل من الأشياء. ولذلك، إذا كنت تستطيع فقم بقص الملابس حول مكان الإصابة حتى تتمكن من فحصها. وقم أيضاً بنزع أي مجوهرات موجودة بالقرب من مكان الإصابة، مثل الساعات أوالأساور أو الخواتم. ويقول وايس: "أنت على وشك التورم، وستصبح هذه المجوهرات مثل الرباط المُوقف لجريان الدم. لقد شهدت حدوث ذلك، حيث لم يكن أحد يفكر في نزع خاتم الزواج، ثم حدث كسر في المعصم، وفجأة أصبح من المستحيل نزعه ويجب أن يتم قطعه".

التثبيت بالجبيرة

يجب عليك تثبيت الذراع أو الساق المكسورة بالجبيرة في وضعها الطبيعي. ويقول وايس: "إذا تعرض أحد الأطراف للتشوّه بشكل ملحوظ، وكنت تعتقد بأن الدوران الدموي في الأطراف مضطرب، عندها يجب التفكير بردّ الطرف إلى وضعه الطبيعي". وهذا يتضمن سحب الطرف بلطف تحت الكسر بينما يقوم شخص آخر بحمل الطرف بثبات في نقطة أعلى من مستوى الإصابة. ومع ذلك، ينصح وايس بالتوقف إذا شعر الشخص المصاب بزيادة كبيرة في الألم.

ولا تعتبر هذه الخطوة على أنها رصف للعظام. إذ يقول وايس: "أحاول تحسين الدوران الدموي والشعور بالإحساس بشكل أكبر من محاولة رصف العظام حتى تلتئم بصورة أفضل، لأنك تستطيع انتظار حدوث ذلك".

ولكن يمكن أن يمثل رد الطرف المكسور تحدياً. حيث يقول تاونز بأن تحديد مدى صعوبة محاولة رد الطرف إلى وضعه الطبيعي قد يتطلب تدريباً إضافياً.

إذاً قد حان الوقت أخيراً لاستخدام الجبيرة. حيث أن وضع جبيرة على العظم المكسور يمنعه من الحركة ويقوم بوقاية العضلات والأعصاب والأوعية الدموية من التعرض للأذية. كما أنه يمكن أن يقلل بسرعة وبشكل كبير من الألم الذي يعاني منه الشخص. ويجب أن تكون الجبيرة قاسية ومبطنة جيداً وطويلة بما يكفي لتثبيت المفاصل الواقعة فوق وتحت مكان الكسر.

وينصح تاونز الأشخاص الذين يذهبون إلى البراري بأخذ جبائر جاهزة معهم. إذ تعتبر جبائر الألومنيوم هذه مرنة وخفيفة ورخيصة ولا تأخذ مساحة كبيرة.

ولكن إذا لم يكن لديك واحدة منها، فستضطر للارتجال. إذ يمكن استخدام أي شيء طويل وصلب، مثل عصا التزلج، أو عكاز المشي، أو عمود الخيمة، أو الألومنيوم الموجود في حقيبة الظهر، أو حتى أي عصا. من الناحية المثالية يجب استخدام عصاتين، بحيث توضع عصا في كل جانب من جانبي الإصابة، وبالتالي تصبح الجبيرة تشبه ملقط مكعبات السكر كما يقول فايس. وفي بعض الحالات، يمكنك تثبيت الذراع المصابة لأحد الأشخاص مع صدره، أو تثبيت الساق المكسورة مع الساق غير المصابة.

وعليك أن تتأكد من أن الجبيرة مبطنة جيداً بالشاش أو الملابس أو أي شيء آخر في متناول اليد. أخيراً، اربطها في مكانها بواسطة الضمادات، أو ابتكر بعض الشرائط من الملابس أو الأحزمة. ويمكن للاحتكاك أن ينزع الجلد بسرعة كبيرة، لذلك تأكد من عدم شد الجبيرة بشكل شديد.

وقبل محاولة وضع الجبيرة على العظام المكسورة، قم بالتدرّب على الجانب غير المصاب للشخص. ويقول وايس: "يقوم الناس بوضع الجبيرة ثم الذهاب، وهذا ليس صحيحاً، كما أن نزعها يسبب ألماً غير ضروري". فعندما تكون راضياً عن الجبيرة، انقلها إلى الجانب المكسور. يمكنك أن تأخذ بعض الوقت لإجرائها بشكل صحيح. فإذا لم يكن هناك إصابة في الأوعية الدموية أو الأعصاب أو غيرها من الاصابات الحرجة، فعندها قد لا يكون الوضع طارئاً وعاجلاً.

وتكون بعض الكسور معقدة بشكل خاص. فعلى سبيل المثال، يعدّ الفخذ أكبر العظام في الجسم ويتطلب الكثير من القوة لينكسر. وعندما يتعرض للكسر، تتقلص العضلات ويمكن أن تسبب تراكب أجزاء من العظام. وقد تستلزم هذه الحالة استخدام جهاز يسمى جبيرة الجر. ويضيف وايس: "إنها تسمح لك بسحب الرِّجل كي تصبح باستقامة واحدة".

جبيرة الجر، والتي تم ارتجالها خلال أحد صفوف طب البراري.
حقوق الصورة: ديفيد تاونز

وغالباً ما لا تبقى جبائر الجر في مكانها، حتى عندما يقوم فرق البحث والإنقاذ بتطبيق واستخدام الجاهزة منها، كما يقول تاونز. ولذلك يكون من الصعب ارتجالها. ومع ذلك، يذكر وايس بأنه ساعد ذات مرة في ارتجال جبيرة جر من مجداف الزورق.

لعبة الانتظار

لا ينتهي العمل بمجرد وضع الجبيرة في مكانها. فأثناء انتظار قدوم المساعدة، تحقق من مشاكل الأعصاب والأوعية الدموية كل ساعة أو نحو ذلك. وراقب الجبيرة للتأكد من أن التورم في داخلها لم يتسبب بقطع الدورة الدموية في الطرف.

وإذا كان لديك بعض مسكنات الألم التي تعطى دون وصفة طبية، فيمكنك استخدامها. أما الأدوية المضادة للالتهابات مثل ايبوبروفين (أدفيل أو موترين) فقد تتداخل مع تخثر الدم، ولذلك فقد تزيد النزيف سوءاً. ومع ذلك، يقول تاونز بأن ذلك لا يشكل مصدراً للقلق. فإذا كان لديك الخيار، فبعض الأدوية مثل الاسيتامينوفين (باراسيتامول) قد تكون مثالية. ولكن إذا كان الشخص يتألم، فلا مانع من إعطائه الايبوبروفين كما يقول تاونز.

وبالطبع فإن كل ما سبق يفترض وجود شخص مساعد للمصاب. أما إذا كنت لوحدك، فإن الإجراء هو نفسه، ولكن سيكون من الأصعب إجراؤه (خاصة إذا تعرضت اليد الرئيسية للكسر).

وإذا لم تتمكن من الوصول إلى المساعدة أو كنت تعلم بأنها لن تصل قبل بعض الوقت، فقد تبقى عالقاً وتقضي الليل في الخارج. وتختلف كل حالة عن الأخرى، ولكن من الأساسي إيجاد المأوى وتأمين المياه.

ويقول تاونز: "بشكل عام، فإن الحفاظ على جفافك ودفئك هو الأولوية الأساسية". فالناس الذين يصابون إصابات خطيرة يخسرون الحرارة بسرعة، لذا فإن الحفاظ على دفء منطقة الجرح يعدّ أمراً بالغ الأهمية. ويضيف تاونز: "أحد الأخطاء التي يرتكبها الناس هو أنهم يغفلون أمر العزل بينهم وبين الأرض. حيث يمكنك أن تتغطى ببطانية كبيرة وكيس للنوم، ولكنك تخسر كمية كبيرة من الحرارة بينك وبين الأرض". لذلك قم بوضع بعض الأغطية أسفل المكان الذي سترتاح فيه.

وبالتأكيد الأفضل هو التخطيط المسبق. ويقول تاونز: "على الرغم من أن الارتجال يُدرّس كثيراً في طب البراري، إلا أنه لا يزال يشكل تحدياً. إذ أنه يستلزم أن يكون متوافقاً تماماً مع التحضير المناسب".

ومن الأفضل أن تذهب إلى البراري مع الأصدقاء. ولكن إذا كنت وحيداً، فتأكد من وجود شخص يعرف مكانك المفترض في رحلتك في كافة الأوقات حتى لا ينتهي بك الأمر وحيداً لأيام وأنت تعاني من كسر العظام. تعرّف على مناطق الرحلة التي تتواجد فيها تغطية للهاتف الخليوي، وعلى الأشياء التي يجب القيام بها للحصول على المساعدة أو على طريقة المشي بعرج عند الإصابة في إحدى النقاط. أحضر معك ما تحتاجه لتثبيت كسر العظام. وإذا كنت ستذهب لوحدك، فمن الجيد التدرّب على رد كسر الطرف الصعب للغاية. كن قادراً على قراءة الخريطة والبوصلة، وتجهّز لقضاء ليلة غير متوقعة في الخارج.

بالتأكيد لا يمكنك التحضير لكل حادث، ولكن هناك بعض المشاكل الشائعة. ويقول تاونز: "إذا كنت تستطيع تثبيت أحد الأطراف بجبيرة، فيمكنك تنقية المياه، ويمكنك الحفاظ على دفئك وجفافك، ويمكنك معرفة كيفية الحصول على المساعدة، وكل هذه الأمور تعفيك إلى حد كبير من الحاجة إلى الارتجال".

وإذا كنت تتجه إلى منطقة نائية، فمن الجيد أن تحصل على القليل من التدريب حول طب البراري، سواءً كان ذلك بحضور صف مدته 4 ساعات أو تدريب أطول. كما يمكنك مشاهدة مقاطع الفيديو على الانترنت والتي تشرح كيفية وضع الجبيرة. ويقول تاونز بأنه ليس من المثالي تعلّم هذه المهارات دون وجود مشرف مناسب، ولكنه أفضل من لا شيء.

المحتوى محمي