نتعافى بالبقاء في المنزل: إليك آثار الضوضاء السلبية

2 دقائق
مصدر: بيكساباي

الآن يمكث الملايين حول العالم داخل منازلهم لمنع انتشار فيروس كوفيد-19 المعروف بفيروس كورونا، ومع افتقادهم للحياة الطبيعية والسير في الشوارع والطرقات وارتياد أماكنهم المفضلة، ربما ينتبهون أن الضوضاء التي اعتادوا عليها؛ لم تعد موجودة، والأهم من ذلك أن أجسادنا ستبدأ في الاسترخاء والتخلص من آثار الضوضاء السلبية عليها.

ضجيج العمل: ينتهي بالتقاعد

الضوضاء في كل مكان. في مكان العمل يسبب الضجيج أزمات صحية ربما تصل إلى حد الإصابة بأمراض القلب التاجية، فضلا عن مجموعة من المشكلات الصحية وفقاً إلى دراسة  سويدية. أيضاً يزيد الإزعاج الناتج عن السكن بالقرب من مسارات القطارات من خطر الإصابة بداء السكري، أيضاً أصوات الطائرات المارة في السماء تؤثر عليك؛ أشارت دراسة فرنسية إلى أن أن التعرض لضوضاء الطائرات له آثار ضارة على الصحة وخاصة على النوم. 

من بين مصادر الضوضاء غير المتوقعة أيضا توربينات الهواء، ناهيك عن ضجيج أوقات الفراغ، أو ما يعرف بالضجيج الاجتماعي، وهو عبارة عن مجموعة الأصوات المرتفعة الصادرة عن الأنشطة اليومية خلال أوقات الراحة، فمثلا، يعرض البعض أنفسهم للموسيقى الصاخبة بشكل يعرض آذانهم للخطر بنفس الطريقة التي يتعرض بها عامل في مصنع للحديد والصلب لأصوات، لا يقدر على حماية أذنيه منها.

الضوضاء والتمثيل الغذائي 

مصدر: بيكساباي

ربطت العديد من دراسات علم الأوبئة بين التعرض المزمن للضوضاء واضطرابات الأيض –التمثيل الغذائي- والذي يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية. وانطلاقا من هذا أجرى مجموعة من الباحثين في جامعة بيكاردي جول فيرن الفرنسية دراسة تجريبية، عرضوا فيها 12 من ذكور الفئران إلى ضوضاء لفترات متقطعة على مدى زمني طويل، لمدة 37 يوم.

الفئران التي تعرضت للضوضاء بما في ذلك خلال فترات نومهم والتي كانت تمتد 12 ساعة، ومع أصوات مختلفة ومستويات مقاربة للأصوات المستخدمة في الدراسات البشرية مثل الضوضاء المرورية في المناطق الحضرية. ووجد الباحثون أن الفئران الذين تعرضوا للضوضاء، استهلكوا المزيد من الطعام والماء، واكتسبوا وزناً أكبر بنسبة 6%، وهي النتائج ذاتها التي لوحظت في الدراسات المماثلة على البشر.

ماذا عن الدماغ؟

يساهم التعرض للإجهاد الناتج عن الضوضاء المرورية، إلى تسريع تلف الدماغ و التدهور المعرفي. وفي دراسة كندية؛ أخضع باحثون مجموعة من الفئران إلى ضجيج حركة المرور، بهدف التحقق من آثار ذلك على الدماغ من ناحيتي البنية والوظيفة، وعلى مدار 30 يوم.

أظهرت الدراسة فرط نشاط في أجزاء من الدماغ، وسلوك شبيه بالقلق، وضعف في التعلم، والذاكرة وخلل في التوازن والتناسق الحركي، فضلا عن انخفاض في مجموعة من قياسات الدماغ، بما في ذلك حجم المخ، القشرة الجبهية الأمامية الأنسية بما فيها من كثافة عصبية. وأيضاً أظهرت كل القياسات السلوكية والدماغية آثار ضارة للضغط الناتج عن الضوضاء المزمنة، وهي النتائج التي أعادت التأكيد على أهمية استراتيجيات منع الضوضاء والتخفيف من آثارها على الصحة العامة.

هل هناك حل؟

مصدر: بيكساباي

حين نعود إلى العمل، ونعود إلى الشوارع والطرقات، سيعود الضجيج معنا، لكن ما هو الحل؟ لتلافى كل هذه الآثار السلبية للضوضاء، للأسف لا يوجد حل قاطع، لكن وضعت منظمة الصحة العالمية مجموعة من الإرشادات بشأن الضوضاء البيئية في المنطقة الأوروبية من أجل تقليل الصخب وتعزيز وتنسيق الجهود من أجل الحفاظ على مناطق هادئة، سواء بالتدخل لللسيطرة على مصادر الضوضاء، أو بإعلام وإشراك المجتمعات التي يحتمل تأثرها بتغير نسب الضوضاء.

يمكن للأفراد أيضا التحكم في مقدار الضوضاء التي يتعرضون لها عبر مجموعة من تطبيقات الهاتف المحمول التي تقيس نسب الضوضاء في البيئية المحيطة، مثل التطبيق الصادر عن المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية، في الولايات المتحدة الأمريكية، ويُعد التطبيق الأكثر دقة في قياس مستويات الضوضاء.

بعد أيام البقاء في المنزل، سيكون من الصعب العودة إلى الضوضاء مرة واحدة، وبعد مقاومة كورونا يجب علينا مقاومة الضوضاء وليس من أجل التركيز وتصفية الذهن فحسب، ولكن من أجل الحفاظ على صحتنا.