يتم إدخال الخبز في العديد، إن لم يكن معظم، وجبات الطعام في جميع أنحاء العالم، من خبز الفوكاشيا، إلى خبز النان الهندي بنكهة الكاري. والجميع يحب السكريات، وخاصة الخبز. لذلك، ألن يكون أمراً رائعاً أن نقتصر في غذائنا على هذه المجموعة المحببة من الطعام؟ والجواب المباشر هو: نعم، سيكون ذلك رائعاً. ولكن السؤال الأهم هو: هل هذا ممكن أصلاً؟
تستطيع أن تبقى على قيد الحياة معتمداً على نوعية خبز الحبوب الكاملة المخمرة لفترة من الوقت. ولكنك في النهاية ستعاني من نقص التغذية، وستصاب على الأرجح بالمرض بسبب غذاء مشبع بالسكريات.
ويتساءل الكثيرون عن إمكانية الحفاظ على البقاء اعتماداً على صنف غذائي واحد. وهو سؤال مشروع، فتناول غذاء واحداً سيوفر الكثير من الوقت والجهد وقدراً كبيراً من المال. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من أصناف الطعام ذات قيمة غذائية كبيرة. ولكن لا تستطيع كل الأطعمة أن تساهم بجميع العناصر الغذائية، وهو السبب الرئيسي الذي يجعل الناس يتناولون وجبات متنوعة.
فعلى سبيل المثال، تحتوي البطاطس على جميع الأحماض الأمينية التي يحتاجها الإنسان للبقاء، ولكن الكثير من تلك الأحماض الأمينية موجودة بكميات قليلة، وحتى لو كنت تستهلك أكثر بكثير من قيمة يوم واحد من السعرات الحرارية في البطاطس، فستصاب في النهاية بعدد من أنواع نقص التغذية.
وينطبق الأمر نفسه على الخبز، على الرغم من أن أنواعه ليست كلها متساوية من حيث القيمة الغذائية. وبخلاف البطاطس والأرز، وهما نباتان قائمان بذاتهما، فإن الخبز يصنع من مزيج الحبوب والماء وبعض الميكروبات. تقوم هذه الميكروبات والخميرة وأنواع محددة من البكتيريا بتحليل الحبوب، لتقدم عناصر غذائية لا يحصل عليها الإنسان عادة. وكما أشارت قناة الأخبار البيئية "جريست" فإن المنتج النهائي، وهو الخبز، أغنى بكثير بالمواد الغذائية من مكونه الرئيسي، وهو الحبوب.
إذا قارنت الفوائد الغذائية للعصيدة -وهي عبارة عن منقوع الحبوب الكاملة في الماء- بالخبز التقليدي، فسيتفوق الخبز، لأن العصيدة لا تخضع لعملية التخمر التي تحرر العناصر الغذائية الأساسية من الحبوب. ولكن هذا مشروط بعمل الخبز بالطريقة التقليدية. وتصنع الكثير من أنواع الخبز اليوم من مزيج من الدقيق الأبيض والخميرة التجارية، وتترك الحبوب الكاملة وما فيها من عناصر غذائية.
لذلك، إذا كنت ترغب في الحفاظ على حياتك بالاعتماد على الخبز وحده، فيجب أن يكون مصنوعاً من الحبوب الكاملة، وربما من مزيج الخميرة والبكتيريا، وهذا ما ثبت أنه يضمن المزج الصحيح وتنوع البكتيريا لتحليل تلك الحبوب الكاملة. ولعل واحداً من أفضل أنواع الخبز التي تحقق هذا الأمر هو خبز العجين المخمر التقليدي، والذي يصنع من مزيج من الخميرة والعصيات اللبنية، وهي نوع من البكتيريا. والتخمر عملية بطيئة، وهذا يضمن إيصال العناصر الغذائية الموجودة داخل الحبوب.
ولكن ربما لا يكون حتى خبز العجين المخمر كافياً لتبقى على قيد الحياة، لأنك في النهاية -وكما هو الحال مع البطاطس- ربما تعاني من نقص التغذية. ولن يوفر حتى خبز العجين المصنوع من الخميرة البلدية والبكتيريا والحبوب الكاملة ما يكفي من العناصر الغذائية مثل فيتامين سي، وفيتامين بي12، وفيتامين دي، بالإضافة إلى الكالسيوم. وبدون هذه العناصر الرئيسية، سيواجه البشر بعض المشاكل الخطيرة، ففي غياب فيتامين سي، قد يصاب الإنسان بمرض الإسقربوط، مما يؤدي إلى ضعف في العضلات وإرهاق عام، كما أن الكالسيوم ضروري لمنع هشاشة العظام، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج البشر لبقائهم إلى الدهون التي لا يملكها خبز العجين المخمر.
إذا حاولت أن تأكل طعاماً واحداً لفترة طويلة، فستصاب بالمرض قبل أن تصاب بالنقص الغذائي الشديد بفترة طويلة، بسبب الظاهرة النفسية المعروفة باسم الشبع الحسي المحدد. فقد وجد العلماء أنك كلما تناولت طعاماً معيناً بكثرة، تنخفض قدرتك على الاستمتاع به. لكن بعض الأطعمة تكون أكثر عرضة لهذا من الأطعمة الأخرى (كالأطعمة عالية البروتين)، وقد وجد بعض الباحثين أن الخبز قد يبدي بعض المقاومة لهذه الظاهرة.
ومع أن خبز العجين المخمر والحبوب الكاملة مغذية جداً، فإنها لا يمكن أن توفر جميع العناصر الغذائية. وبالتأكيد، قد يبدو من السهل أن تأكل الشيء نفسه بقية حياتك، لكن هذا قد يكون بالنسبة لمعظم الناس مملاً جداً. وإذا كنت ترغب في تبسيط نظامك الغذائي، لا تقلق، فهناك الكثير من البدائل، مثل الأرز والفاصولياء، والزبادي والمكسرات، والمعكرونة والخضروات، والتي توفر محتوى غذائياً أكثر اكتمالاً، لكن يظل التغيير والتنوع الغذائي مطلوباً من اجل صحة أفضل.