5 مفاهيم شائعة ولكنها خاطئة حول المضادات الحيوية

المضادات الحيوية, عقاقير طبية, البكتيريا, حبوب, طب, أدوية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد أن حاز على جائزة نوبل عام 1945 لاكتشافه البنسلين، ومساعدة البشرية على تطوير المضادات الحيوية الذي ساهم في إنقاذ حياة الملايين حول العالم؛ حذّر العالِم «ألكسندر فليمنج» في خطاب تسلم الجائزة من مخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية. كان فليمنج قد لاحظ بالفعل أن البكتيريا في مختبره أصبحت مقاومة للبنسلين بعد بضع سنوات فقط من اكتشافه. والآن وبعد عقود من استخدام المضادات الحيوية؛ نجد أنفسنا أمام أنواع كثيرة من البكتيريا التي أصبحت مقاومة لمعظم المضادات الحيوية.

من خلال استطلاع عالمي في 12 دولة مختلفة؛ كشف تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية عام 2015 عن سوء فهم واسع النطاق حول خطر مقاومة المضادات الحيوية. أظهر التقرير أن 64% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع ذكروا معرفتهم بأن مقاومة المضادات الحيوية تمثل مشكلة، لكنهم لم يعرفوا كيف تؤثر عليهم، وما يمكنهم القيام به لحل تلك المشكلة.

يأتي سوء الفهم من بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة التي يصدقها الناس حول المضادات الحيوية، نذكر منها أشهر 5 مفاهيم خاطئة شائعة الآن.

1. المضادات الحيوية تعالج نزلات البرد والأنفلونزا

هذه الأسطورة ربما هي الأكثر انتشاراً. في تقرير منظمة الصحة العالمية، يعتقد نحو 64% ممّن شملهم الاستطلاع أن بإمكانهم استخدام المضادات الحيوية لعلاج نزلات البرد أو الأنفلونزا. لكن في الحقيقة، لا يمكنك استخدامها لذلك. وهذا لسبب بسيط: أن هذه الأمراض تسببها فيروسات، والمضادات الحيوية تعمل على علاج الأمراض التي تسببها البكتيريا.

كلما زاد استخدامنا للمضادات الحيوية، ستزداد قدرة البكتيريا أكثر على مقاومتها، وسيزداد عددها. الإفراط وسوء الاستخدام لعلاج العدوى الفيروسية؛ واحد من أهم العوامل في زيادة مقاومة المضادات الحيوية عالمياً.

النتيجة المنطقية الوحيدة التي ستعود عليك من تناول المضادات الحيوية للبرد أو الأنفلونزا هي أنك ستسبب الضرر لنفسك ولعائلتك ولأصدقائك وللمجتمع بأكمله من خلال زيادة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

2. أجسامنا هي التي تصبح مقاومة للمضادات الحيوية

يشير تقرير منظمة الصحة العالمية أن 76% ممّن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية تحدث عندما تقاوم أجسامنا مفعول المضاد الحيوي. لكن الحقيقة؛ البكتيريا هي التي تقاوم المضاد الحيوي.

تتعلق مقاومة البكتيريا بالتطور والانتقاء الطبيعي؛ فمنذ آلاف السنين حَمَت البكتيريا نفسها من المواد الكيميائية التي تنتجها البكتيريا والفطريات الأخرى، والتي تهدف إلى تدميرها. البكتيريا المقاومة تبقى على قيد الحياة، وسوف تواجه هجوم المضاد الحيوي. كما يمكن لبعض أنواع البكتيريا أن تكتسب جينات المقاومة من الأنواع الأخرى، مما يمنحها أيضاً ميزة المقاومة بدورها. لذلك، لا يوجد ما يمكننا تغييره في أجسامنا للتغلب على مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

3. عندما تشعر بتحسن، يمكنك التوقف عن تناول المضاد الحيوي

حسناً، هذا مفهوم شائع لكنه خاطئ في أكثر من اتجاه؛ فالأمر يعتمد بشكلٍ أساسي على ما إذا كنت تأخذ المضاد الحيوي لعدوى بكتيرية، أو بشكلٍ غير صحيح لعدوى فيروسية مثلاً. إذا كانت الإجابة هي الثانية، فكلما قصر الوقت والكمية، كان ذلك أفضل. ولكن إذا كنت مصاباً بعدوى بكتيرية تحتاج علاج بالمضادات الحيوية، فمن المهم ألا تتوقف عن أخذ العلاج إلا بمراجعة الطبيب المختص.

لكن قد لا يساهم هذا الأمر في مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية. ففي تحليل نُشر عام 2017، في الدورية الطبية البريطانية، وجد الباحثون أن ممارسة وصف إكمال دورة العلاج بالمضادات الحيوية لجميع المرضى هي ممارسة قديمة، تعود إلى أربعينيات القرن الماضي عندما بدأ العلاج بالمضادات الحيوية لأول مرة، واستمرت هذه الممارسة كعادة أكثر منها وصفة علمية، لعدم وجود أدلة تدعمها. وعندما تم مقارنة دورات العلاج الأقصر مع الدورات الكاملة؛ كانت الفعالية هي نفسها تقريباً.

4. يمكنك أن تأخذ مضادات حيوية متبقية من علاج سابق

لا تأخذ المضادات الحيوية المتبقية من أي علاجات سابقة، أو التي وجدتها لدى أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء. لا تستخدم سوى الدواء الموصوف لك من طبيبك المختص، وهذا لسببين مهمين كالآتي:

أولاً: المضادات الحيوية التي مر عليها زمن، قد يتوقف فيها عمل المادة الفعالة، وبهذا قد تسبب مزيداً من المقاومة.

ثانياً: قد لا تكون المضادات الحيوية من أشخاص آخرين هي الاختيار الصحيح؛ هناك العديد من الأنواع المختلفة المُستخدمة في علاج أنواع مختلفة من العدوى، مما يعني أن العدوى التي أصابتك لن تُعالج بالشكل الصحيح، وربما تزداد أيضاً فرصة البكتيريا في أن تصبح أكثر مقاومة.

5. لا يوجد ما يمكنك القيام به لتقليل خطر مقاومة المضادات الحيوية

هناك خطوات يمكن للمجتمع الطبي وكذلك المرضى القيام بها، من أجل تقليل خطر انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. على سبيل المثال: توقف عن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، لا تطلب من الطبيب أن يصف لك مضاداً حيوياً كلما شعرت أنك مصاب بالزكام مثلاً، وحتى عند الإصابة بالعدوى البكتيرية، لا تأخذ المضاد الحيوي بدون وصفة الطبيب، بل واطلب منه أي حلول بديلة عن المضاد الحيوي إذا وُجدت. كما عليك أن تأخذ المضاد الحيوي الذي وصفه لك الطبيب فحسب، لا تلجأ لمضادات حيوية قديمة، أو تخص شخص آخر.

خلاصة القول، كلنا مسؤولون عن مستقبل صحتنا، فالمضادات الحيوية أنقذت وما زالت تنقذ ملايين الأرواح، وهي ملك للجميع. لكن حان الوقت أن نبذل مجهودات مضاعفة لمواجهة هذا التحدي القاتل؛ من خلال تصحيح الاستخدام غير الملائم لهذا المورد الحيوي.