شجرة سنديان بعمر ألف سنة تنجو من إعصار هارفي

2 دقائق
سميت الشجرة العملاقة في حديقة جوز آيلاند ستيت كأكبر شجرة سنديان حية عام 1966، وقد انتزعت هذا اللقب منها عام 2003 شجرة سان برنار في محمية في سان برنار الوطنية.

وصل إعصار هارفي أولاً إلى بلدة روكبورت بولاية تكساس ليلة الجمعة 25 أغسطس 2017. ودمرت الرياح التي بلغت سرعتها 174 كيلومتراً في الساعة، والأمطار التي زاد معدل هطولها عن 100 سنتيمتراً المنازل والكنائس والمدارس. ولكن شجرة سنديان بعمر ألف ومائة عام بقيت صامدة في حديقة جوز آيلاند ستيت.
يقول ديفيد أبيل، أستاذ التشريح المرضي النباتي في جامعة تكساس إيه آند إم: "هذا ليس الإعصار  الأول الذي تصمد هذه الشجرة في وجهه".

يبلغ قطر الشجرة العملاقة 335 سنتيميتراً ويزيد محيط جذعها عن عشرة أمتار. وقد حظيت هذه الشجرة بتقدير سكان روكبورت لأكثر من مائة عام، ما دعا الخبراء أمثال أبيل للمساعدة في العناية بها. وليست هي الشجرة الوحيدة التي نجت من الإعصار، فهناك عدة أشجار سنديان أقل عمراً وأقل جذباً للانتباه قد نجت من الإعصار. ومع الطريقة التي يتغير بها المناخ، فإن بعضها قد يعيش في هذه المنطقة لألف سنة أخرى.

ويجب على المناطق التي تعاني من هطول الأمطار الغزيرة، كشرق تكساس، أن تتوقع مواجهة المزيد. وقد تستفيد الأشجار التي تستطيع مقاومة المزيد من الرياح العاتية، ودرجات الحرارة والحرائق من المياه الفائضة. ففي تجربة أجريت في بوسطن، قام الباحثون بزراعة 12 نوعاً مختلفاً من الأشجار وراقبوا كيف تتعامل كل منها مع الحرارة الزائدة. وقد قدم الباحثون لبعضها كمية من المياه أكبر من التي تحصل عليها من الطبيعة، بينما قدموا للأشجار الأخرى كمية أقل. ووجدوا أن درجات الحرارة الأعلى قد زادت من أهمية الرطوبة. يقول جيفري ديوك الباحث في علم الغابات بجامعة بورديو والمشرف على هذا المشروع: "تضغط السنة التي تكون أكثر جفافاً على النباتات، أما في السنة الرطبة، فإن النباتات تنمو بشكل جيد حقاً".

ولا تؤثر هذه التغيرات على ولاية تكساس وحدها، حيث تقول وزارة الزراعة الأميركية إن المواطن التي تكون فيها أشجار السنديان قادرة على النمو تزداد رقعتها في جميع الولايات، بينما تتقلص المناطق التي تعيش فيها الصنوبريات وعلى رأسها شجرة الصنوبر.
يقول ديوك: "الكثير مما يحدث يمكن التنبؤ به. لا يوجد أخبار جيدة، ولكن ما نتوقعه سيحدث في ظل مناخ متغير".

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعامل فيها أشجار السنديان مع التغير المناخي، على الرغم من أنه لم يحدث أي تغيير بالسرعة التي حدث بها خلال إعصار هارفي. وخلال العصر الجليدي الأخير قبل 2.4 مليون سنة، دفعت الأنهار الجليدية أشجار السنديان إلى منطقة صغيرة تقع ضمن ما يعرف اليوم باسم فلوريدا. ثم امتدت هذه الأشجار قبل 15 ألف سنة باتجاه الشمال عندما بدأت درجة حرارة الأرض بالارتفاع.

تملك أشجار السنديان تكيفات جينية خاصة تسمح لها بالنمو في ظل الظروف غير المتوقعة. وهناك 225 نوعاً منها في كندا والولايات المتحدة والمكسيك. ويمكن لهذه الأنواع أن تختلط لتنتج نوعاً هجيناً خصباً، مع الحفاظ على استقلال النوع الأصلي. ويشبه هذا الأمر في المملكة الحيوانية حالة البغل، الذي ينتج عن تزاوج الحمار والحصان، بينما تكمل الحمير والخيول وجودها كأنواع مستقلة. وتصعّب هذه الخاصية من إمكانية تناسل السنديان باستمرار. ولا أحد يعرف بالضبط كيف سيكون شكل النسل الجديد، ولكن هذا يجعلها مستعدة للتكيف مع الظروف. ويحمي التنوع الجيني المجموعة الأكبر حجماً، لأن الأعداد التي تقتلها التهديدات الخاصة يمكن أن تحل مكانها سلالات وثيقة الاتصال فيما بينها طورت قدرتها على الصمود.

ولكن التغير المناخي يشكل بعض المخاطر على أشجار السنديان متمثلة في مسببات المرض والطفيليات، حيث تواصل درجات الحرارة المنخفضة ارتفاعها في معظم المناطق على امتداد الولايات المتحدة، وتحافظ الحشرات على بقائها بينما يفترض أن تكون قد تجمدت في الوضع الطبيعي. وتتسبب الخنافس والزنابير وفراش العث والفطور والبكتيريا بالأذى للأشجار على طول البلاد. وبالطبع فإن الأشجار عرضة للمزيد من موجات الجفاف الشديدة كتلك التي هددت حديقة جوز آيلاند ستيت عام 2015. وهذا ما شكل أكبر خطر على هذه الشجرة العملاقة في السنوات الماضية، وذلك بحسب وكيل شركة جاك سوايز، وهي شركة استشارات خاصة بالعناية بالأشجار.
ومهما كان المستقبل سيحمل معه من أحداث، فإن أشجار السنديان الحية ، وخاصة هذه الشجرة العملاقة، ستلعب دوراً مهماً في المجتمع في ولاية تكساس. يقول أبيل: "إن أشجار السنديان الحية قريبة وعزيزة إلى قلب سكان تكساس، وهي تمثل لهم الشعور بالصمود".