تعدّ عدوى المسالك البولية شائعة بشكل كبير. فهي تشكل وحدها 25 في المئة تقريباً من جميع إصابات العدوى، وأكثر من نصف النساء يصبن بالعدوى لمرة واحدة على الأقل في حياتهن. كما أنه علاجها أصبح أكثر صعوبة لأن البكتيريا تصبح مقاومة للمضادات الحيوية. ويمكن لبعض أنواع عدوى المسالك البولية أن تبقى بعد أخذ عدة أدوية من المضادات الحيوية، مما يتطلب زرع مستنبتات بكتيرية، وتستمر لفترة أطول بكثير من الأيام القليلة المعتادة. فكيف يمكنك أن تعرف فيما إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك تعاني من عدوى المسالك البولية المقاومة للمضادات الحيوية؟ وماذا يمكنك أن تفعل حيال ذلك؟
تتطور عدوى المسالك البولية في الحالة التقليدية كما يلي: يشعر الشخص بحرقة أثناء التبول، ثم يراجع الطبيب والذي يقوم بدوره بتشخيص الحالة ووصف المضادات الحيوية، والتي تؤدي إلى قتل البكتيريا وزوال العدوى خلال عدد من الأيام. جرّب شرب بعض عصير التوت البري كإجراء مفيد وشرب الكثير من الماء، وستذهب بشكل مزعج ومتكرر إلى الحمام كل 20 دقيقة، وهذا يدل إلى حد كبير على أن الجسم يواجه هذه العدوى المزعجة ليتخلص منها.
ولكن ماذا يحدث عندما تعود الأعراض أو ترفض أن تزول فعلاً في المقام الأول؟ يذكر بأن حوالي 25 في المئة من النساء المصابات بعدوى المسالك البولية الحادة يعانين من عدوى أخرى في غضون ستة أشهر من الإصابة الأولى. وإذا كنت شخصاً يتمتع بصحة جيدة، فهذا يعني عدم زوال البكتيريا بشكل كامل، ونموها مرة أخرى لتعيث فساداً في الجهاز البولي (وفي حياة الشخص). وعلى افتراض أنك قد أخذت كامل الكمية المقررة من المضادات الحيوية، فهذا يعني بأن سلالة البكتيريا التي أصبت بها أصلاً مقاومة للمضادات الحيوية التي أخذتها. وإذا كنت محظوظاً، فيمكن للطبيب علاج ذلك عن طريق اختبار البول، حتى يتمكن من اختيار دواء آخر من المضادات الحيوية المعروفة بمواجهتها للبكتيريا المؤذية. أما إذا كنت غير محظوظ بالفعل، فقد يستغرق الأمر دواءين أو أكثر لزوال عدوى المسالك البولية هذه من الجهاز البولي.
وإذا عانيت من عدوى المسالك البولية لمرتين خلال فترة ثلاثة أشهر، أو لأكثر من ثلاث مرات في سنة واحدة، فأنت تعاني بشكل حاسم من عدوى المسالك البولية الناكسة. ولكن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة المتكررة ليست هي نفسها عند الجميع. وليست كافة هذه العدوى ناتجة عن البكتيريا المقاومة. فعلى سبيل المثال، يكون الأشخاص الذين يعانون من الجفاف المزمن (كما هو الحال مع كبار السن في كثير من الأحيان، وخاصة ذوي الاضطرابات العقلية) معرضين لخطر متزايد لأنهم لا يطرحون البكتيريا بالمعدل الطبيعي. وأولئك الذين لديهم قسطرة لأسباب طبية أخرى هم أيضاً معرضون لخطر متزايد، لأن القسطرة بحد ذاتها يمكنها إدخال بكتيريا جديدة إلى مناطق حساسة. وغالباً ما تنخفض مستويات هرمون الاستروجين عند النساء بعد سن اليأس، الأمر الذي قد يضر بالبكتيريا المفيدة التي ينبغي أن تبقى في المهبل بشكل طبيعي. وأخيراً، فإن أولئك الذين يعانون من الشذوذات الجسدية التي تؤدي إلى اختلال وظيفة التبول (أو طرح البول بشكل غير كامل) هي أيضاً معرضون للخطر، لأن هذا قد يمنع البكتيريا من الخروج خلال مرات الذهاب الحمام.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن معظم التدابير الوقائية بديهية إلى حد ما. إذ أن عوامل الخطر هي الأشياء التي يرجح بأن تقوم بإدخال البكتيريا إلى المسالك البولية. وهذا يشمل ممارسة الجنس لأكثر من ثلاث مرات في الأسبوع، ووجود شركاء متعددين، واستخدام مبيدات الحيوانات المنوية وموانع الحمل الغشائية، أو المواد المسببة للحساسية الجلدية مثل حمام الفقاعات والزيوت ومزيلات الروائح والبخاخات. كما أن النظافة الجيدة مهمة للوقاية (على الرغم من ضعف ثبوت ذلك في البيانات الطبية). وهذا يشمل ارتداء الملابس الداخلية القطنية، وتجنب السراويل الضيقة، والتبول دائماً بعد ممارسة الجنس. وتتفاوت الأدلة حول فائدة شرب عصير التوت البري، ولكن الأطباء يتفقون على أن هناك القليل من المخاطر، لذلك عليك شربه بكل الأحوال. وبما أن هناك الكثير من السكر في معظم منتجات عصير التوت البري، فإن تناول حبوب التوت البري أو عصير التوت البري النقي أفضل من شرب عصير الكوكتيل.
هل هناك أي علاقة بين عدوى المسالك البولية الناكسة والبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية؟ عندما تتمكن البكتيريا الموجودة في الجهاز البولي من البقاء بعد أخذ أحد المضادات الحيوية، فهذا يعني بأن هذه البكتيريا مقاومة لهذا الدواء. ويبدأ الأطباء بوصف المضادات الحيوية الخفيفة نسبياً لمدة ثلاثة أو خمسة أيام، كمستوى أول من "القوة"، لأول مراجعة بعدوى المسالك البولية. ولكنهم يزيدون القوة إلى المستويين الثاني والثالث (ولمدة أطول) مع استمرار العدوى. في العام الماضي، تم علاج امرأة في الولايات المتحدة من عدوى المسالك البولية، ووجد بأن البكتيريا الخاصة بالعدوى مقاومة للكوليستين – أحد أقوى المضادات الحيوية المتوفرة والتي تمثل "الملاذ الأخير". ولحسن الحظ كانت العدوى حساسة لأدوية أخرى أقل قوة على سلم المضادات الحيوية، ولكنها تجبرنا بالتأكيد على مواجهة حقيقة احتمال نفاد المضادات الحيوية.
ويقول العديد من الخبراء بأنه لا ينبغي تجاهل حقيقة وجود بكتيريا مقاومة للكوليستين في إحدى حالات عدوى المسالك البولية. إذ أن عدوى المسالك البولية هي مشكلة شائعة ولا تؤخذ في كثير من الأحيان على محمل الجد. كما أنها تؤثر بشكل غير متناسب على النساء، واللواتي نميل إلى عدم أخذ آلامهن على محمل الجد. ولكن إذا تركت دون علاج، فيمكنها أن تتفاقم حتى يصبح المريض يتبول دماً ويتعرض للانزعاج الشديد والحمى. وإذا وصلت العدوى إلى الكلى، فإنها تصبح مهددة للحياة. ويقدّر عالم واحد على الأقل بأن 8 ملايين حالة من عدوى المسالك البولية تحدث في الولايات المتحدة كل عام، وقد يكون 10 في المئة منها مقاوماً للمضادات الحيوية.
ويقول الدكتور جيفري هندرسون - أستاذ مشارك في جامعة واشنطن في سانت لويس ومشارك في مركز أبحاث الأمراض المُعدية عند النساء في الكلية - بأنه لاحظ ازدياد صعوبة علاج عدوى المسالك البولية. وأبدى دهشته من مدى سرعة تحوّل استخدام المضادات الحيوية لعلاج الالتهابات الشائعة إلى أمر لا يمكن الاعتماد عليه. ويقول بأن أحد أصناف المضادات الحيوية الذي يدعى الفلوروكينولونات، تحول من دواء موثوق تقريباً في بداية تعليمه الطبي، إلى دواء لا يعمل الآن إلا في 30 إلى 50 في المئة فقط من الحالات. ويقول هندرسون: "لقد خسرنا صنفاً كاملاً من المضادات الحيوية".
وتسلط بعض الحالات مثل عدوى المسالك البولية المقاومة للبكتيريا الضوء على ضرورة تطوير مضادات حيوية جديدة، كما يقول هندرسون. ويحاول هو وغيره من الباحثين في كافة أنحاء البلاد فهم الآليات الكامنة التي تعزز البكتيريا. ويمكن لهذه المعرفة أن تؤدي إلى علاجات دوائية من شأنها استهداف تلك العملية ووقف نمو البكتيريا.
ومن الجدير بالذكر بأن عدوى المسالك البولية - وحتى الناكسة منها - لا تمثل تقريباً حالة مهددة للحياة، كما أنها ليست مُعدية (إلا إذا كان سببها أحد الأمراض المُعدية المنقولة جنسياً). ويمكنك أن تطمئن إلى أنه - حتى الآن – قد زالت في نهاية المطاف حتى أكثر الحالات مقاومةً مع استمرار التواصل والعلاج، على الرغم من أنك قد تكون معرضاً للخطر المتزايد بشكل دائم مثل العديد من الحالات الطبية. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة في حالات عدوى المسالك البولية الناكسة تعدّ بمثابة تذكير بأن البكتيريا قوية وتتطور باستمرار.