لماذا يحتل الدم أهمية كبرى في أجسامنا؟

3 دقائق

يُشكّل الدم نحو 7% من وزن جسم الإنسان، ويعد وسيلة النقل الأساسية داخل هذا الجسم عبر الشعيرات وأوردة وشرايين، كما يحتوي على خطوط دفاع قويّة لمكافحة الأمراض والأوبئة، ورُغم اختلاف فصائله يظل الدم مكوناً أساسياً لبقاء الجسم البشري على قيد الحياة، إليك بعض المعلومات الخفية التي قد لا يعلمها الكثير من البشر.

1. كميات مخصصة

تختلف كمية الدم في جسم الإنسان اعتماداً على عوامل متعددة، منها العمر، والنوع، والصحة العامة، وحتى مكان حياة الشخص، فقد يميل الرجال إلى الحصول على المزيد من الدم عند مقارنتهم بالنساء اللواتي في الحجم والوزن نفسه.

وقد تجد أن الأشخاص الذين يعيشون في أماكن عالية مرتفعة لديهم كمية أكبر من الدم مقارنة بأولئك الذين يعيشون على ارتفاعات منخفضة، وذلك بسبب أن الهواء على مستويات عالية يحتوي على كمية أقل من الأكسجين، لهذا يحتاجون إلى كمّيات إضافية لتوصيل الكمية المناسبة من الأكسجين إلى رئتيهم.

يحتوي جسم الإنسان البالغ على ما يتراوح بين 4.5 إلى 5.5 لتر من الدم ينتشر في كافة أجزاء الجسم، وإذا فقدت دماءك، فإنك تزن أقل بنسبة 8 إلى 10% (بالطبع لن تكون على قيد الحياة).

على سبيل المثال، إذا كان هناك شخص ما يبلغ وزنه 54 كيلوجرام، فإن الدم سيزن ما بين 4.4 إلى 5.4 كجم. يصل الطفل إلى نسبة الدم نفسها في البالغين عند عمر 5 أو 6 سنوات، أما الأطفال حديثي الولادة الذين تتراوح أوزانهم بين 2.3 إلى 3.6 كيلوجراماً فإن أجسامهم لا تحتوي إلا على كوب واحد من الدم؛ أي ما يقرب من 0.2 لتر.

يتكون الدم من خلايا وبلازما، وتشمل خلايا دم حمراء وأخرى بيضاء، وصفائح دموية. تحمل خلايا الدم الحمراء الأكسجين من الرئتين وتمنح الدم لوناً أحمر، أما خلايا الدم البيضاء فإنها تُحارب الأمراض والعدوى، وتُساعد الصفائح الدموية على تكوين جلطات لوقف النزيف في حالة حدوث أي جرح.

أما البلازما فهي جزء سائل يحتوي على الماء إلى جانب العوامل التي تساعد على تخثر الدم، والعديد من البروتينات التي تلعب دوراً هاماً في مناعتنا، ويحتوي كذلك على أملاح ونفايات مختلفة.

2. دوره الأساسي في أجسامنا

مثلما لا يُمكن أن تنمو منطقة سكنية أو مدينة بدون أي وسائل للنقل، فإن الجسم لا يستطيع الصمود بدون الدورة الدموية، فالكائنات الحية تحتاج إلى الدم كوسيلة لنقل المواد الغذائية، وإزالة النفايات الضارة من الجسم.

قد تختلف أنظمة الدورة الدموية في أجسام الحيوانات، لكنها تتشابه جميعاً مع الدورة الدموية لدى البشر في بعض الأشياء، فالدم يحمل الهيموجلوبين في الشرايين والأوردة والشعيرات، ويشكّل الجلطات الدموية لمنع فقدان الدم الزائد، كما أنه يحمل الخلايا والأجسام المضادة التي تحارب العدوى، وينظّم درجات الحرارة داخل الجسم.

3. عملية تكوين خاصة

تُخلّق خلايا الدم داخل النخاع العظمي، وهو نسيج أسفنجي يقع داخل بعض العظام، ويحتوي على الخلايا الأم التي تسمى الخلايا الجذعية، وتنتج الخلايا الجذعية جميع الخلايا الحمراء وما يقرب من 60 - 70% من الخلايا البيضاء، وجميع الصفائح الدموية. تُنتج الأنسجة اللمفاوية المتبقي من الخلايا البيضاء.

تصنع هذه الخلايا الجذعية المكونة للدم نُسخاً من نفسها، وتنتج أيضاً خلايا دم ناضجة، وعندما تنضج خلايا الدم وتعمل بكامل طاقتها، فإنها تترك النخاع العظمي وتدخل إلى الدم. ويتمتع الأصحّاء بما يكفي من الخلايا الجذعية للحفاظ على صنع جميع خلايا الدم التي يحتاجونها كل يوم.

هذا في بداية تكوين الدم، أما في وقت لاحق يصبح الكبد أهم عضو في تكوين خلايا الدم الحمراء، وفي مرحلة البلوغ، يكون المصدر الوحيد لكل من خلايا الدم الحمراء والبيضاء هو نخاع العظم.

4. تتعرض لمخاطر كبرى إذا فقدته

إذا فقد الإنسان الكثير من الدم، فلن يحصل الدماغ على كمية كافية من الأكسجين للحياة، فالأشخاص الذين يعانون من إصابات وصدمات كبيرة مثل حوادث السيارات قد يفقدون الدم بسرعة. يبقى ضغط الدم ومعدل ضربات القلب في المعدل الطبيعي إلى أن يُفقد 30% من الدم، أو ما يصل إلى 1.5 لتر من الدم.

إذا تجاوز فقدان الدم هذه الكمية سيواجه الإنسان التالي:

1. ارتفاع معدل ضربات القلب بسرعة أعلى من 120 نبضة في الدقيقة.

2. انخفاض ضغط الدم.

3. ارتفاع معدل التنفس.

يُمكن للإنسان العادي التبرّع بأمان بوحدة دم واحدة تصل إلى 0.35 لتر في كل مرة، بمعدل مرّة كل 3 أشهر. بعد التبرّع يُمكن استرداد حجم الدم في غضون 24 ساعة فقط، وتعود نسبة الهيموجلوبين في الدم إلى طبيعته في غضون أسبوعين، ولا يلزمه ذلك نظام غذائي مكثّف أو راحة. أما إذا فقد الشخص أكثر من 40% من الدم، فسوف يموت.

5. كائنات حية أخرى بدون دماء

هناك كائنات حية لا تحتوي أجسادها على الدم؛ مثل الكائنات وحيدة الخلية كالبكتيريا والفطريات، وبعض الكائنات متعددة الخلايا مثل الإسفنج والشعاب المرجانية والديدان المسطّحة. تمتص هذه الكائنات العناصر الغذائية التي تحتاجها، وتتخلص من نفاياتها من خلال عملية تُدعى «الانتشار»، وهو نظام يشبه عملية التنفس شهيقاً وزفيراً.

هناك العديد من أنظمة الدورة الدموية في الكائنات الحية الأخرى، لكن تشترك جميعاً في كون الدم يحمل الأكسجين داخل الجسم، وهو ما يُعطي الدم اللون الأحمر. أما في العناكب والقشريات والأخطبوط والحبّار يكون الدم باللون الأزرق؛ نتيجة وجود بروتين «الهيموسيانين» الذي يعتمد في تكوينه على النحاس، حيث يتحول إلى اللون الأزرق عند أكسدته. أما الديدان وبعض العلق؛ فيظهر دمها باللون الأخضر.

كانت هذه أحد أسرار الجسم البشري، فعندما نتحدث عن أجسامٍ بدون دماء، فنحن نتحدث عن أجسام من دون حياة.