سلسلة «أطفال فضوليين».
ما هي فصائل الدم؟ سؤال ورد من «هيرفي»، 10 أعوام، تالاهاسي، فلوريدا.
قد يبدو الدم مثل أي سائلٍ عادي أحمر اللون، لكّن إذا نظرنا إلى قطرةٍ من الدم تحت المجهر، سترى أجساماً تطفو فيه تشبه الكرات والكعك. في الحقيقة هذه الكرات والكعك ليست سوى كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية.
إذا نظرت عن كثبٍ أكثر، سترى أن بروزاتٍ على سطح الكريات الحمراء والصفائح الدموية عبارةٌ عن بروتيناتٍ نوعية، تُسمّى بالمستضدات، والتي يمكن أن تختلف من شخصٍ لآخر. هذه الاختلافات/المستضدات، هي من تحدد زمرة دمنا.
هل فصيلة دمك شائعة أم نادرة؟ هل تمنحك فصيلة دمك القدرة على مساعدة أي شخصٍ قد يحتاج إلى نقل الدم أم يمكنك فقط مساعدة الأشخاص الذين لديهم نفس فصيلة دمك؟ الإجابات تعتمد على المستضدات في دمك.
لغزٌ طبي
في بدايات القرن العشرين، إذا أصيب شخصٌ ما بجروجٍ وفقد الكثير من الدماء، يلجأ الأطباء حينها لنقل دمٍ إليه من متبرّعٍ آخر. لكن في بعض الحالات، تسوء حالة المريض الذي نُقل الدم إليه بدلاً من أن تتحسن، ولم يكن الأطباء حينها يدركون السبب.
يمكن أن تكون فصيلة دمك شائعة أو نادرة. هل تعلم ما هي؟
في الواقع، لم يكن الأطباء يعلمون أن الدم قد يختلف من شخصٍ لآخر في ذلك الوقت، فقد كانوا يفترضون أنّ الدم هو نفسه لدى الجميع، لذلك قاموا بإجراء تجارب عدة لمحاولة فهم ما يحدث عند نقل الدم من شخصٍ لآخر.
في إحدى التجارب، قام العالم «كارل لاندشتاينر» بخلط مكوّنات الدّم من أشخاص مختلفين في أطباقٍ مختلفة للمقارنة. وهنا كانت المفاجئة! فقد تبين له في بعض التجارب أن خلط الدماء قد يؤدي لتجلّط الخليط ويصبح لزجاً، في حين بقي الدم المخلوط رائقاً أحمر في تجارب أخرى. حاز هذا العالم على جائزة نوبل في الطبّ عام 1930 عن تجاربه في تحديد أنماط الدم.
وقد تمكّن العلماء فيما بعد، بعد إجراء المزيد من الاختبارات، من تقسيم الدم إلى 3 مجموعاتٍ أو زُمر مختلفة، وهي: (A, B, O). مما ساعدهم على تحديد أيٍّ منها يتنافر مع الآخر عند عمليات نقل الدم، وتجنّب حدوث مضاعفاتٍ كانت تحدث سابقاً عند القيام بهذه العملية.
هل أنت متبرّع عام؟
في الحقيقية لقد ورثت المستضدات الفريدة في دمك من والديك. فعندما تقوم بفحص زمرة دمك، سيخبرك الطبيب بأنها أحد الزمر التالية؛ A أو B أو AB أو O.
هناك عاملٌ مهم أيضاً في الدم يُسمّى عامل «الريزوس - Rh D». فالأشخاص الذين يحملون هذا العامل في دمهم؛ تكون زمرة دمهم إيجابية، أما عدم وجوده في الدم يعني أن فصيلة الدم سلبية. لذلك غالباً ما تُتبع فصيلة الدم بصفتها الإيجابية أو السلبية.
كريات الدم الحمراء السليمة
إن نوع فصيلة الدم مهمٌ جداً. فعلى سبيل المثال، إذا كانت زمرة دمك إيجابية وتبرّعت لشخصٍ زمرة دمه سلبية، فقد يهاجم الجهاز المناعي للمُتبرَّع له خلايا الدم التي تبرعت بها، والتي تحمل عامل الريزوس. إذا كنت تحمل زمرة الدم «O سالب»، فأنت معطي عام، حيث يمكنك التبرع بالدم لأي شخصٍ كان. تُعد فصائل الدم السلبية نادرةً إلى حدٍّ ما، وتبلغ نسبتهم حوالي 14% من السكّان. بينما تُعد فصيلة الدم السلبية AB الأقل شيوعاً في الولايات المتحدة، إذ تصل نسبتها بين السكّان إلى 6 أشخاص من كل 1000شخص.
وحتّى بعد كل ما يعرفه العلماء عن الزمر الدموية، ما يزالون يكتشفون المزيد حول سبب وجودها.
على سبيل المثال، أظهر العلماء أن فصائل الدم المختلفة تستجيب بشكلٍ مختلف للأمراض. فقد وجدت الأبحاث الحديثة أن الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم «O» محميون من مضاعفات مرض الملاريا بشكلٍ أفضل من أصحاب فصائل الدم الأخرى.
ما زال العلماء -وأنا من ضمنهم- يدرسون الدم ويعملون للكشف عن المزيد من أسراره التي يحملها، وآلية عمله وإن كان لاختلاف أنماطه أي أثرٍ عليك وعلينا.