نظرة عن كثب: هذا المستنقع مليء بأنوف التماسيح المتجمدة

2 دقائق
تمساح يأخذ غفوة من النوم وهو يبرز خطمه (فمه وأنفه) خارج الماء.

نتعامل نحن البشر مع الأيام شديدة البرد بتدجيج أنفسنا بالثياب من اعتمار قبعة وارتداء معطف ووشاح. أما بالنسبة للتماسيح، فليس أمامها إلا أن تغطس في الماء وتتقبل التجمد.

في الصورة البارزة لهذا المقال أعلاه، ترى أحد الزواحف التي تقطن متنزه "مستنقع نهر شالوت" وهو منغمس في قيلولة شتوية هانئة. اللافت للنظر أن متنزه كارولاينا الشمالية شهد سلوكاً مشابهاً العام الماضي، عندما انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون درجة التجمد، ولاحظ مدير المتنزه العام جورج هاوارد ما ظنه لأول وهلة تفريعات جذورٍ لأشجار سرو تبرز فوق الجليد. لكن ما رآه في الحقيقة، كان تماسيح مستنقع تبرز خُطَمها فوق الماء في حين كان سطحه متجمداً تماماً، أتاحت هذه الوضعية لهم الاستمرار في استنشاق الأوكسجين الضروري فيما حفزت المياه الباردة أجسادها لتدخل في غفوة نوم عميقة.

تدعى آلية البقاء هذه بـ"الاستكنان"، وهو ما يشبه إلى حد ما "السبات الشتوي" لدى الحيوانات من ذوات الدم البارد. هل تتذكر عظايات الإغوانا تلك وهي تتجمد وتسقط من على الأشجار في ولاية فلوريدا؟ نفس الأمر يحدث هنا. وتماماً مثلما تستعيد تلك العظايات الرمادية المتصلبة أجسادها الخضراء المرنة عندما تتعرض لبعض أشعة الشمس الدافئة، سرعان ما ستعود تماسيح متنزه مستنقع النهر عندما تدفأ الأجواء إلى طبيعتها المعتادة من السباحة بحُريّة والعضّ بشهية.

ستكون التماسيح على خير ما يرام بعد ذوبان الجليد.

من المنطقي أن تفكر أنه من المفترض أن تكون هذه التماسيح نافقة أو على الأقل تشعر ببؤس شديد، ولست وحدك في ذلك فخلال العام الماضي ظن العديد من الناس بالفعل أن البحيرة مليئة بجثث التماسيح المتجمدة، حتى أخرج لهم هاوارد واحداً من الجليد ليثبت لهم أنه لا يزال على قيد الحياة. لا تستطيع الزواحف أن تدفئ أجسامها عندما تصبح البيئة المحيطة بها باردة، ولذلك تنقذها آلية "الاستكنان" من خلال إبطاء كافة وظائفها البدنية وحفظ الطاقة.

وأكبر فارق ما بين "السبات الشتوي" الذي نجده لدى الحيوانات الثديية وبين "الاستكنان" لدى حيوانات الدم البارد هو أن الاستكنان يتغير وفق درجة الحرارة. ففي حين أن الحيوانات التي تمارس السبات الشتوي تخلد حرفياً للنوم طوال الموسم، تظل الزواحف خلال "الاستكنان" محتفظة بقدرتها على أداء الكثير من سلوكياتها المعتادة. إن الاحتجاز في الجليد لبضعة أيام هو ظرف بيئي قاسٍ للغاية؛ وخلال هذا الطقس البارد لكن في ذات الوقت لا يصل لدرجة التجمد، تقل كمية الطعام التي تتناولها التماسيح (أو تنعدم أصلاً)، ويزداد خمولها، لتنزل تحت السطح وتعانق طين الأعماق الدافئ نسبياً. لكنها مع ذلك تواصل شرب الماء، حسب ما يقوله مَرْبى الأَحياء المائية في كارولاينا الجنوبية، من ثَم تخرج في الأيام الدافئة للاستمتاع بالتشمس. وقد حدث في عام 2018 أن عاودت تماسيح متنزه مستقنع النهر الظهور بسرعة للاستمتاع بطقس كارولاينا الشمالية الأكثر دفئاً بمجرد أن مرت موجة البرد، مع أن كلمة "استمتاع" قد تبدو كلمة مبالغ فيها جداً، لأن 16 درجة مئوية للحرارة لا زالت جواً بارداً بمعايير التماسيح. لكن لا داعي للقلق يا محبي الحيوانات، لأن التماسيح بخير وصحة جيدة إلا أنها سيئة المزاج، وهذا مفهوم تماماً نظراً للظروف التي تعيشها. فإن لم تتفهم الانزعاج الذي تشعر به جرّب بنفسك أن تعلق في مستنقع متجمد، ونرى مدى تحملك!