هل سيكون من الممكن حقاً إعادة إحياء الديناصورات من حمضها النووي؟ سؤال ورد من «لوسي آر»، 5 سنوات، أتلانتا، جورجيا.
بصفتي عالم أحافير؛ وهذا يعني أني عالم يدرس أشكال الحياة القديمة، يُطرح عليّ هذا السؤال كثيراً. ففي النهاية؛ استخدم العلماء في فيلم «جوراسيك بارك» (ولاحقاً؛ «جوراسيك وورلد») الحمض النووي لإعادة إحياء الديناصورات -العشرات منها- ومنها «تريسيرابتوس» (ثلاثي القرون) و«فيلوسيرابتور» (المُمسك السريع) و«التيرانوصورس ريكس» (الديناصور الطاغية).
إذا شاهدت أياً من هذه الأفلام؛ كان عليك أن تتساءل: هل يستطيع العلماء الحقيقيون فعل ذلك اليوم؟
ألف باء الحمض النووي
الـ «دي إن إيه» (أو الحمض النووي)؛ والذي يرمز إلى «الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين»، هو شيء موجود في كل خلية في كل كائن حي عاش على الأرض؛ وذلك يشمل الديناصورات.
يمكنك تخيّل الحمض النووي على أنه جزيئات تحمل الشيفرة الوراثية؛ وهي مجموعة من التعليمات التي تساعد الأجسام والعقول على النمو والازدهار.
يختلف الحمض النووي الخاص بك عن نظيره عند أي شخص آخر؛ إنه يحدد العديد من الخصائص التي تميّز هويتك؛ مثل لون عينيك أو ما إذا كان شعرك مفروداً أو مجعداً.
يسهل العثور على الحمض النووي في «الأجزاء الليّنة» للحيوان؛ أي أعضائه وأوعيته الدموية وأعصابه وعضلاته ودهن جسمه؛ لكن الأجزاء اللينة من الديناصور زالت منذ زمن طويل، فإما أنها تحللت أو أكلها ديناصور آخر.
هل يوجد الحمض النووي في الأحافير؟
أحافير الديناصورات هي كل ما تبقى من هذه الحيوانات التي عاشت ما قبل التاريخ.
تأتي أحافير الديناصورات -والتي تكون مغمورةً لعشرات الملايين من السنين في الطين القديم والمعادن والماء- من ما يسمى بـ «الأجزاء الصلبة» للديناصور؛ أي عظامه وأسنانه وجمجمته.
نجد أحافير الديناصورات في الأرض وفي مجاري الأنهار والبحيرات وعلى جوانب الجروف والجبال. بين الحين والآخر؛ يجد شخص ما واحدة في الفناء الخلفي لمنزله.
غالباً ما تكون الأحافير قريبةً جداً من سطح الأرض، وعادةً ما تتكون داخل الصخور الرسوبية، وبالحصول على كمية كافية من الأحافير؛ يمكن للعلماء بناء هيكل عظمي للديناصور، وهو ما تراه عندما تذهب إلى المتحف.
مشكلة حمض الديناصورات النووي
يواجه العلماء مشكلةً كبيرةً عند محاولة العثور على الحمض النووي في أحافير الديناصورات. تتحلل جزيئات الحمض النووي في النهاية، وتُظهر الدراسات الحديثة أن الحمض النووي يتلف ويتفكك في النهاية بعد حوالي 7 ملايين سنة. تبدو هذه الفترة طويلة جداً؛ لكن آخر ديناصور مات في نهاية العصر الطباشيري، وحدث هذا من أكثر من 65 مليون سنة.
إذا وجدت أحفورة ديناصور اليوم، فالحمض النووي له سيكون قد تحلل منذ زمن طويل. حسب ما يعرفه العلماء اليوم، وحتى باستخدام أرقى تكنولوجيا متوفرة اليوم، فهذا يعني أنه من المستحيل خلق ديناصور من حمضه النووي.
على الرغم من أنه قد فات الأوان على إيجاد الحمض النووي للديناصورات؛ إلا أن العلماء وجدوا شيئاً آخراً مثيراً للاهتمام بنفس القدر. اكتشف العلماء أجزاءً من الحمض النووي في أحافير النياندرتال وبعض الثدييات القديمة الأخرى؛ مثل الماموث الصوفي. هذا منطقي؛ إذ أن هذه الأجزاء تعود لأقل من 2 مليون سنة؛ وهي فترة لا تكفي لتحلل الحمض النووي.
تخيّل للحظة...
فقط بهدف التسلية؛ دعنا نتخيّل لو أن الباحثين استطاعوا في المستقبل إيجاد أجزاء من الحمض النووي للديناصورات. بالحصول على أجزاء محدودة فقط؛ لا يستطيع العلماء إعادة إحياء ديناصور كامل.
بدلاً من ذلك؛ سيتعيّن عليهم مزج هذه الأجزاء مع الحمض النووي لحيوان موجود في وقتهم لخلق كائن حيّ. مع ذلك؛ لا يمكن تسمية هذا الكائن ديناصوراً؛ بل إنه سيكون هجيناً - أي ناتجاً عن المزج بين ديناصور ونوع من الطيور أو الزواحف على الأرجح.
هل تعتقد أن هذه فكرة جيّدة؟ في النهاية؛ لقد حاول العلماء في فيلم المنتزه الجوراسي فعل هذا، وكلنا نعلم ما حدث بعد ذلك!
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.