لماذا تتم تغطية الناجين من الكوارث بأكياس لامعة من الألمنيوم؟

لماذا تتم تغطية الناجين من الكوارث بأكياس لامعة من الألمنيوم؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Mega Pixel

طرحت المدوّنة نسرين تغريدة مؤخراً على تويتر تسأل بها عن سبب تغطية الناجين من الكوارث بأكياس لامعة من الألمنيوم؟ وحاولت توضيح بعض النقاط حول ذلك في ثريد يجيب عن هذا السؤال، وبالفعل إن نظرنا لهذه الأكياس سنراها رفيعة وخفيفة وربما قد تبدو لنا غير مفيدة، لكن العلم والتطبيق أثبتا العكس، وإليك أبرز ما يجب معرفته عن هذه البطانيات التي تُسمّى بالبطانيات الفضائية.

تاريخ صناعة البطانيات الفضائية 

تُعرف هذه البطانيات ببطانية الحرارة أو بطانيات مايلر أو بطانيات النجاة أو بطانيات الطوارئ، وطوّرتها في الأصل وكالة ناسا عام 1973، وتُدعى بطانيات فضائية لأنها استُخدمت لأول مرة في الفضاء حيث تعرضت محطة سكايلاب الفضائية لكسر في درعها الحراري وارتفعت درجة حرارتها أثناء وجودها في المدار، واقتربت درجة الحرارة داخل المحطة من 54 درجة مئوية، ما جعل رواد الفضاء يقلقون على صحتهم وسلامة المعدات والمواد الغذائية داخل المحطة، بالإضافة لتشكل غازات سامة.

اتصل المهندسون في ناسا بشركة أميركية في نيوجيرسي تُسمّى ناشيونال ميتالايزينغ (National Metallizing) لمساعدتهم على إنشاء درع طارئة في سكايلاب، واقترحت الشركة بعد التشاور مع وكالة ناسا استخدام السولفان المُمَعدَن الذي كانوا يستخدمونه في صناعة الألعاب وزينة أشجار عيد الميلاد، إذ تملك هذه الصفائح المعدنية الرقيقة اللماعة قدرة جيدة على تشتيت الحرارة، ونجحت هذه الطريقة في المحافظة على درجة حرارة مقبولة في محطة سكايلاب وحجبت أشعة الشمس عنها. 

اقرأ أيضاً: ما الذي يمكن أن نتعلّمه عن أصول الموت الأسود من ضحية عمرها 5000 عام؟

آلية عمل البطانية الفضائية 

تعمل بطانيات الفضاء على تدفئة الجسم من خلال نظام التدفئة السلبي، أي أنها لا تولد حرارة بل تساعد على عكس الحرارة (الأشعة تحت الحمراء) بسبب لمعانها الشديد، وتعمل بالوقت ذاته في الحفاظ على حرارة الجسم من الضياع، أي تحافظ البطانيات الفضائية على تدفئة الناس من خلال استغلال عدة آليات تنظيم حرارية موجودة في الجسم، ومن أبرزها ما يلي:

  • عكس التبخر: التبخر آلية فيزيولوجية لتبريد الجسم، حيث يتطلب تبخر العرق وتحوله من طور سائل إلى غازي استهلاك طاقة حرارية يكتسبها تفاعل التبخر من حرارة الجسم، ما يسبب البرودة، لذا تعمل البطانية الفضائية على إبطاء معدل التبخر وتقي الجسم من فقدان حرارته في هذه العملية. 
  • منع فقدان الحرارة الإشعاعي: تفقد أجسامنا الحرارة عن طريق إشعاعها إلى الهواء الخارجي الذي يكون عادةً أبرد من درجة حرارة الجسم الداخلية، ويمكن منع فقدان الحرارة بالإشعاع من خلال بطانيات الفضاء التي تعكس نحو 80-90% من الحرارة المفقودة في الجسم بالإشعاع وتردها إلى الجسم. 
  • منع فقدان الحرارة بالحمل الحراري: ويعتمد الحمل الحراري على التوصيل؛ أي عندما تضع جسماً ساخناً على اتصال مع جسم بارد، سيفقد الجسم الساخن حرارته ليصل الجسمان إلى التوازن الحراري، وعند الإنسان يمكن للرياح أن تحمل الدفء بعيداً عن كل ما تلمسه، وكلما كانت الرياح أسرع، زادت برودة الجسم، وتقلل البطانية الفضائية فقدان الحرارة بالحمل الحراري عن طريق عزل الجسم عن الرياح فتحفظ الحرارة في الجسم.
حقوق الصورة: shutterstock.com/ gcpics
حقوق الصورة: shutterstock.com/ gcpics

كيفية تصنيع البطانية الفضائية

تُصنَع البطانيات الفضائية وفقاً لوكالة ناسا عن طريق ترسيب الألمنيوم المُبَخِّر على ركائز بلاستيكية رقيقة، ويكون هذا البلاستيك ممدوداً ورقيقاً وقوياً ليستطيع تحمل الضغط والحرارة. تدعى التقنية التي تُصنع بها البطانيات الفضائية بـ"المَعدَنة بالفراغ" وتُستخدم أيضاً لصناعة المرايا عن طريق إضافة طبقة رقيقة من الفضة وصناعة أوراق الزينة وأوراق التغليف الغذائي وورق تغليف الهدايا.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يمكننا شرب ماء البحر؟

استخدامات البطانية الفضائية

يمكن الاستفادة من البطانيات الفضائية بعدة طرق وتطبيقات تبعاً للمكان والموقف الذي تتعرض له، وتتلخص أبرز استخدامات البطانيات الفضائية بما يلي:

  • التدفئة وخاصة في أوقات الكوارث لإسعاف المصابين والحفاظ على دفئهم في الجو البارد.
  • عزل المعدات والأجهزة المعرضة لأشعة الشمس والحفاظ عليها.
  • الشعور بمزيد من الدفء عبر لفها في كيس النوم من الداخل.
  • استخدامها من قِبل بعض الرحالة في تسخين الطعام أو غلي الماء، إذ يذوب بعض أنواع البطانيات الفضائية عند درجة حرارة 254 مئوية. لكن هذه الطريقة بحاجة إلى التطبيق بعناية.
  • استخدامها كعَلَم عاكس لطلب المساعدة.
  • منع فقدان الحرارة حيث توضع أحياناً وراء ظهر الأشخاص الجالسين حول نار المخيم لعكس الحرارة ومنع فقدانها.
  • لصناعة ملجأ أو خيمة عاكسة لأشعة الشمس في الصحراء.
  • استخدامها لجمع مياه الأمطار في الرحلات الاستكشافية من خلال وضعها على حفرة أو انخفاض موجود على الأرض.
  • استخدامها من قِبل صيادي السمك كطعم عن طريق قطع أجزاء صغيرة منها وتعليقها في خطاف الصنارة، إذ تنجذب الأسماك إلى الأشياء اللامعة.
  • استخدامها كحبل أو صناعة عاصبة لوقف النزيف بسبب متانتها.
  • استخدامها كشمعة أو فانوس للحصول على إضاءة إضافية.

إيجابيات البطانيات الفضائية 

تتميز البطانيات الفضائية بما يلي:

  • خفيفة الوزن، إذ لا يصل وزن البطانيات المتوسطة إلى أكثر من 50 غراماً فقط. 
  • بحاجة إلى مساحة صغيرة، إذ يمكن طي البطانية إلى أن تصل أبعادها لما لا يزيد على أبعاد علبة ورق اللعب أو منديل ورقي.  
  • غير مكلفة ويمكن للجميع شراؤها.
  • مقاومة للماء والرياح والحرارة.
  • إمكانية استخدامها في عدة تطبيقات متنوعة غير التدفئة.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع الحيوانات تحذيرنا من الكوارث الطبيعية الوشيكة مثل الزلازل والبراكين؟

سلبيات البطانيات الفضائية

تتصف البطانيات الفضائية ببعض السلبيات، ومن أبرزها ما يلي:

  • تُباع بأحجام مختلفة، لذا من المهم التأكد من أن الحجم الذي اشتريته كبير بما يكفي لتغطية جسمك بالكامل أو للغرض الذي تريد استخدامها به. 
  • تتمتع بعمر افتراضي قصير وتتحلل بسهولة. 
  • تزداد فاعليتها عند دمجها مع عوامل التدفئة الأخرى مثل كيس النوم وغيرها. 
  • تكون عرضة للأكسدة والتقاط الرطوبة. 
  • يؤدي تعرضها المستمر للأشعة فوق البنفسجية إلى تشقق الألمنيوم الموجود على سطحها.
  • تكفي شرارة صغيرة لتشعل بطانيات الفضاء بسبب قابليتها الشديدة للاحتراق.