لماذا لا يُصاب القلب بالسرطان؟

القلب عضو مميز، منيع أمام السرطان أو يكاد يكون منيعاً أمام السرطان. ماذا يعني هذا الكلام؟

ينشأ السرطان عند حصول خلل في استنساخ الحمض الوراثي عند انقسام الخلية من أجل توليد خلايا جديدة. في القلب لا يحصل هذا!

القلب وتطوره

تتكاثر الخلايا العضلية للقلب في المرحلة الجنينية فقط، وعندما يولد الطفل يكون عدد الخلايا في قلبه قد وصل إلى حد لا ازدياد بعده. ما يحصل بعد ذلك مع التقدم في العمر هو ازدياد حجم الخلايا القلبية دون ازدياد عددها، أي أنها لا تتكاثر بعد الولادة ما يجعل من شبه المستحيل أن تنتج خلية سرطانية في لحظة ما.

اقرأ أيضاً: هل ستنجح لقاحات السرطان في حسم المعركة ضد هذا المرض الخبيث؟

هل هذا يعني أن القلب حصين ضد السرطان بالمطلق؟

لا! فالقلب ليس مكوناً من نسيج عضلي فحسب، إذ يشترك في نكوينه أيضاً كل من:

• الشرايين الإكليلية: التي تساهم في ترويته الدموية.
• الشغاف: الذي يعتبر بطانة القلب من الداخل.
• التامور: الذي يشكل محفظة القلب الخارجية.

هذه الأنسجة المذكورة تتكاثر بشكل مستمر لتعوض الخلايا المفقودة منها. وبالتالي فهي عرضة خلال تكاثرها للإصابة بخلل ما يقود لتشكل نسيج ورمي، ولذا نجد أورام القلب في الغالبية الكاسحة تنشأ على حساب الشرايين الإكليلية أو من شغاف القلب فتشكل ما يسمى "بالورم المخاطي" (Myxoma).

تكون هذه الأورام في غالبيتها حميدة، ولكن على الرغم من ذلك فهي تؤثر على وظيفة القلب الحساسة. في حالات شديدة الندرة قد ينشأ الورم على حساب عضلة القلب نفسها، هنا يكون الحمض النووي للخلية العضلية المتمايزة (أي التي وصلت إلى آخر مراحل نضوجها) قد تعرض لأذية إشعاعية أو كيميائية ما يدفع الخلية -على نحو خاطئ- للتكاثر.

ولكن قلبنا المناضل يمتلك حكمة بليغة، فهو يخبرنا مع كل نبضة ألا شيء بالمجان، وأن لكلّ شيء لا بد من مقابل. فمناعة قلبنا أمام السرطان تجبر خلاياه على محاولة البقاء مدى الحياة، فهي تعرف أنها لن تتجدد، ولذا إذا حدث احتشاء قلبي وتموت جزء من خلايا القلب فإنه يستعاض عنها بندبة ليفية فقط. وكأنها تخبرنا بين السطور بأن الأشياء الثمينة حقًا لا يمكن أن تتكرر!

اقرأ أيضاً: لماذا يحدث السرطان؟ وما هي أهم علاجاته المتوفرة حتى الآن؟

ربما لذلك تخبئ الرئتان القلب وتحتمي هي بدورها خلف القفص الصدري.

نشرت هذه المقالة ضمن اتفاقية الشراكة التحريرية بين مجرة وكورا. وتمت الإجابة عن السؤال على موقع كورا بواسطة عبادة الحمدان، طبيب باحث في Parexel معهد الدراسات السريرية.