عادة ما تكون بطولة كأس العالم في جوهرها مهرجاناً للاحتفال بأجمل الأهداف والحركات الفنية والأساليب التقنية التي تخطف الأنفاس، لكن كرة القدم ليست وحدها ما تصنع كأس العالم. فعلى مدى نحو قرن من الزمن، حدثت في بعض البطولات مواقف غريبة، بل إن بعضها لا يخلو من الطرافة. إليك بعض أغرب المواقف التي حدثت في كأس العالم.
1. أقصر مباراة في تاريخ كرة القدم
في يوم 21 نوفمبر من عام 1973، وبينما كان المشجعون في استاد تشيلي الوطني يترقبون لقاء منتخبي الاتحاد السوفييتي وتشيلي في مباراة التأهل لكأس العالم، حدث أمر غير مسبوق. أطلق حكم المباراة صافرته معلناً بدء المباراة، ثم ما لبث أن أطلقها مرة أخرى ليعلن النهاية بنتيجة 1-0 لصالح الفريق تشيلي، لأنه لم يكن هناك أي لاعب سوفييتي على أرض الملعب.
قبل شهر من المباراة، تعادل الفريق السوفييتي مع فريق تشيلي في مباراة الذهاب في موسكو (0-0)، لكنه رفض لاحقاً خوض مباراة الإياب في ملعب سانتياغو في تشيلي اعتراضاً على الإطاحة بحكومة الرئيس التشيلي سلفادور أليندي، ومعتبراً أن الملعب كان مسرحاً لتعذيب وقتل أنصار أليندي خلال الانقلاب.
عرض السوفييت لعب المباراة على أرض محايدة، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) رفض ذلك، لذا تم إقصاء المنتخب السوفييتي وإعلان خسارته أمام المنتخب التشيلي في أقصر مباراة في تاريخ كرة القدم.
اقرأ أيضاً: على أعتاب مونديال قطر 2022: إليك أرقاماً قياسية من ملاعب كرة القدم
2. المشاركة الأولى والأخيرة لمنتخب زائير
على الرغم من القيود التي فرضها الفيفا في القرن الماضي، والتي حدت بشكل كبير من مشاركة الدول الإفريقية في بطولات كأس العالم، فإن دولة زائير سابقاً، أو كما تُعرف الآن بجمهورية الكونغو الديمقراطية، تمكنت من التأهل لبطولة 1974 في ألمانيا. كان قد خسر الفريق جميع مبارياته الثلاث في مجموعته، ولم تتبق أمامه سوى مباراة واحدة أمام فريق البرازيل حامل اللقب، حيث وقعت حادثة كروية قد تكون مضحكة للبعض.
قبل دقائق على نهاية المباراة، والتي كانت نتيجتها 3-0 لصالح الفريق البرازيلي، حصل البرازيليون على ركلة حرة في منطقة مربع زائير. بدأ المدافعون الأفارقة بالاصطفاف في وضع الجدار، منتظرين صافرة الحكم ليضرب اللاعب البرازيلي الكرة، إلا أن ما حدث أن كسر المدافع جوزيف مويبو إيلونجا الجدار وانطلق نحو الكرة وضربها بعيداً قبل أن يقترب منها اللاعب البرازيلي.
كانت تلك المشاركة الأولى والأخيرة للفريق الإفريقي، إلا أن ما لم يعلمه الكثيرون أن الفريق كان قد تعرض للاحتيال بسرقة مستحقات لاعبيه عن مشاركتهم في المونديال، كما تم تهديد اللاعبين بمنعهم من العودة لديارهم فيما لو خسروا بنتيجة 4-0 أمام البرازيليين. قال مويبو: "أرسل الرئيس موبوتو حراسه الرئاسيين لتهديدنا. لقد أغلقوا الفندق أمام جميع الصحافيين وقالوا إنه إذا خسرنا 4-0 أمام البرازيل فلن يتمكن أي منا من العودة إلى دياره. أصبت بالذعر وركلت الكرة بعيداً قبل أن يتمكن (ريفيلينو) من أخذها".
3. الانتصار المزلزل للمكسيك
في المباراة الافتتاحية للمجموعة السادسة لمونديال عام 2018 في روسيا، والتي كانت بين ألمانيا والمكسيك، تمكن الفريق المكسيكي من هزيمة ألمانيا 1-0، فكان الانتصار مزلزلاً بالمعنى الحرفي للكلمة. رصدت وكالة تتبع الزلازل والبراكين المكسيكية "سيمسا" (SIMMSA) هزات أرضية في مدينة مكسيكو سيتي عبر جهازي استشعار عقب هدف الفوز، بالتزامن مع احتفال المشجعين المكسيكيين. اقترحت وكالة سيمسا في تغريدة لها على تويتر أن الزلزال لم يحدث بتأثير نشاط تكتوني أو بركاني، بل كان نتيجة القفزات المنسقة للمشجعين في احتفالهم بهدف الفوز للاعب المكسيكي هيرفينغ لوزانو.
اقرأ أيضاً: هل تُصنع كأس العالم حقاً من الذهب وكيف يتم ذلك؟
4. هدفا مارادونا: يد الله وهدف القرن
في ربع نهائي كأس العالم لعام 1986، وفي اللقاء الذي جمع الأرجنتين بالفريق الإنجليزي، كانت المباراة قد بدأت شوطها الثاني، وما زال الفريقان لم يسجلا أي أهداف. خلال إحدى المناورات للفريق الأرجنتيني صد لاعب الوسط الإنجليزي محاولة لاعب الهجوم برمي الكرة نحو الحارس وفوق مارادونا، خاصة أن طول مارادونا لا يتجاوز 165 سنتيمتراً. لكن وبطريقة ما تمكن مارادونا من تسديد الكرة نحو المرمى مسجلاً الهدف الأول في المباراة. اعترض الفريق الإنجليزي على قرار الحكم الذي استعان بالحكم المساعد، إلا أنه بدوره لم يرَ أي خطأ، وتم قبول الهدف.
في حديث لمارادونا مع الصحافة بعد المباراة قال فيه: "تم تسجيل الهدف قليلاً برأس مارادونا وقليلاً بيد الله"، لتشير الإعادة لاحقاً إلى أن يد مارادونا قد أصابت الكرة.
على الرغم من الخطيئة التي وقع بها مارادونا، ومن انقسام الجمهور حوله بين مشجع ومعارض له، فإن مارادونا استحوذ بعد 4 دقائق من تسجيل هدفه الأول على الكرة، وتخطى ثلاثة مدافعين والحارس متمكناً من إحراز هدفه الثاني في المباراة، والذي عُرف لاحقاً في استطلاع للفيفا عام 2002 بهدف القرن.
اليوم وبعد 36 عاماً من دخول الكرة شباك الإنجليز للمرة الثانية، تُعرض الكرة التي لعب بها مارادونا تلك المباراة للبيع في مزاد في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، وبسعر يصل إلى 3.3 مليون دولار أميركي.
اقرأ أيضاً: ما المواد التي تصنع منها كرة قدم كأس العالم 2022 في قطر؟
5. هدف خاطئ وقتيل ضحية مونديال 1994
ليست كل الأحداث الغريبة التي حدثت في بطولات كأس العالم طريفة أو غريبة، بل إن لبعضها نهاية مأساوية، مثلما حدث مع قائد المنتخب الكولومبي أندريس إسكوبار. في مونديال 1994، خسر الفريق الكولومبي أمام الولايات المتحدة في المونديال بهدف واحد كان قد سجله إسكوبار في مرمى فريقه بالخطأ. عُرف عن قائد الفريق أخلاقه العالية وهدوءه والتزامه، إلا أن هذا لم يكن شفيعاً له بعد أن تم إقصاء كولومبيا خلال دور المجموعات.
بعد عشرة أيام من المباراة، وبينما كان إسكوبار يتجول بسيارته في مدينة ميديلين الكولومبية، اعترض طريقه مجموعة من الرجال وسخروا من هدفه، وفي محاولة عبثية منه لإقناعهم بأن الهدف كان خطأً صريحاً أشهر أحدهم مسدساً وأطلق النار على إسكوبار لست مرات، وهو يصرخ مع كل مرة يضغط فيها على الزناد "الهدف".
ذكرت الشرطة الكولومبية لاحقاً أنها ألقت القبض على المسلح ومجموعته، وكانوا قد خسروا مبالغ مالية كبيرة في مراهنات على مباريات كولومبيا.
اقرأ أيضاً: المبادئ الفيزيائية المعقدة وراء جعل مسار الكرة مقوساً مثلما يفعل لاعب في كأس العالم
مع ترقب العالم لمباريات كأس العالم 2022 المقامة في قطر، وبالتزامن مع الأحداث السياسية التي نشهدها من حولنا، وما تتعرض له قطر من احتجاجات على قوانين المونديال بحكم استضافتها له، قد نشهد المزيد من القصص الكروية التي ستُضاف لسلسلة غرائب بطولة كأس العالم.