هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
يلعب الدماغ دوراً حاسماً في حياة البشر عن طريق توليد الأفكار والسلوك. وعلى الرغم من أنه أحد أهم أعضاء الجسم، إلا أنه لا يشكّل سوى 2% من حجم جسم الإنسان. كيف يمكن لعضو صغير للغاية أن يؤدي مهاماً على هذا المستوى من التعقيد؟ لحسن الحظ، تسمح التقنيات الحديثة مثل «تخطيط الدماغ» لعلماء الأعصاب مثلي أن يجيبوا عن هذا السؤال. يستطيع علماء الأعصاب أن يفهموا بشكل أعمق طريقة عمل الدماغ وما يحدث عندما تُفقد بعض أجزاء الخلايا أو تتعطّل عن العمل، وذلك عن طريق وضع مخططات للطريقة التي تنتظم بها كل أنواع الخلايا في الدماغ، وفحص الطريقة التي تتواصل فيها مع…
هذا المقال يحتوي معلومات مدققة علمياً لن تجدها في أي مكان آخر
يلعب الدماغ دوراً حاسماً في حياة البشر عن طريق توليد الأفكار والسلوك. وعلى الرغم من أنه أحد أهم أعضاء الجسم، إلا أنه لا يشكّل سوى 2% من حجم جسم الإنسان. كيف يمكن لعضو صغير للغاية أن يؤدي مهاماً على هذا المستوى من التعقيد؟
لحسن الحظ، تسمح التقنيات الحديثة مثل «تخطيط الدماغ» لعلماء الأعصاب مثلي أن يجيبوا عن هذا السؤال. يستطيع علماء الأعصاب أن يفهموا بشكل أعمق طريقة عمل الدماغ وما يحدث عندما تُفقد بعض أجزاء الخلايا أو تتعطّل عن العمل، وذلك عن طريق وضع مخططات للطريقة التي تنتظم بها كل أنواع الخلايا في الدماغ، وفحص الطريقة التي تتواصل فيها مع بعضها.
تاريخ تخطيط الدماغ
أذهلت مهمة فهم العمليات الداخلية للدماغ الفلاسفة والعلماء لقرون. اقترح الفيلسوف اليوناني «أرسطو» أن الدماغ هو موطن الروح، ورسم «ليوناردو دا فينشي» صوراً تشريحيةً للدماغ باستخدام قوالب الشمع، وحقق «سانتياغو رامون إي كاخال» باكتشافه البنى الخلوية للجهاز العصبي، وهو عمل حاز بسببه على جائزة نوبل في 1906، أحد الإنجازات الأولى التي أسست علم الأعصاب كما نعرفه اليوم.
باستخدام طريقة لتخيّل الخلايا الإفرادية تدعى «تلطيخ غولجي» (وهي طريقة ابتكرها العالم «كاميلو غولجي» الذي شارك كاخال جائزة نوبل)، والفحص المجهري لأنسجة الدماغ، أسّس كاخال «مذهب العصبون»، والذي ينص على أن الخلايا العصبية، وهي من خلايا الدماغ الأساسية، تتواصل مع بعضها عن طريق الفراغات بينها، والتي تدعى «المشابِك العصبية». أطلقت هذه الاكتشافات سباقاً لفهم التركيب الخلوي للدماغ، والطريقة التي تتصل فيها الخلايا الدماغية مع بعضها.
تقدّمت التقنيات التي تُستخدم في علم الأعصاب منذ ذلك الحين كثيراً، فالآن وبعد 100 سنة من إنجاز كاخال، يستطيع علماء الأعصاب فحص كل مكونات الدماغ بدقة عن طريق تطبيق تقنيات حديثة تدعى «التقنيات العصبية»، والتي تشمل تقنية تخطيط الدماغ. يستخدم العلماء في مختبري الخاص تقنيات تخطيط الدماغ هذه لاكتشاف أنواع الخلايا التي يتألف منها الدماغ وكيف تساهم هذه الخلايا في توليد الإدراك.
يجب على العلماء أولاً أن يحددوا نوع الخلية الدماغية التي يريدون دراستها أو يتخيّلوه. هذه العملية كالبحث عن إبرة في كومة قش، وستكون أسهل بكثير إذا كانت هذه الخلايا متوهّجة. يمكن تحقيق ذلك إما بالطرق الوراثية أو طرق الصبغ المناعية. تستغل الطرق الوراثية الحيوانات، مثل الفئران، التي يمكن تعديلها وراثياً بطريقة تجعل الخلايا الهدف مرئية بتوجيه أنواع خاصة من أضواء الفلورسنت عليها. بينما طرق الصبغ المناعية تمكّن الباحثين من جعل عينات أنسجة الدماغ شفافة بتطبيق معالجة كيميائية خاصة، ثم استخدام الأجسام المضادة لاستهداف أنواع الخلايا.
الخطوة التالية هي تصوير الدماغ بأكمله باستخدام تقنيات الفحص المجهري التي تمكّن العلماء من مشاهدة أجزاء أصغر بكثير من أن ترى بالعين المجردة. تستطيع أدوات الفحص المجهري المتخصصة التقاط صور لكامل الدماغ. ويمكن تجميع هذه الصور مع بعضها لاحقاً لتوليد صورة ثلاثية الأبعاد. يشبه الأمر تصميم «خريطة جوجل» للدماغ، إذ أنه بمزج الملايين من صور الشوارع الإفرادية، يمكنك تكبير الصورة لتفحص كل شارع وكل زاوية أو تصغيرها لترى المدينة بأكملها.
ما لا يثير الدهشة هو أن هذه الصور ثلاثية الأبعاد لها حجوم كبيرة. على الرغم من أن دماغ الفأرة أصغر من طرف إصبع الإنسان، إلا أن حجم هذه الصور يمكن أن يصل إلى ما بين بضعة مئات من الغيغابايتات إلى تيرابايت واحد. لحسن الحظ، أصبحنا قادرين على تحليل كميات هائلة من البيانات نظراً للتطورات الكبيرة في أجهزة الحاسوب والبرمجيات. تمكّن العلماء من تحديد العديد من السمات الخلوية المختلفة في الدماغ، مثل أشكال الخلايا وأحجامها، بالإضافة إلى العمليات التي تقوم بها هذه الخلايا، وذلك عن طريق استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
بمجرد أن يتمكّن العلماء من رؤية الخلايا التي يرغبون في دراستها في صورة ما، الخطوة النهائية هي تحديد سمات خلية معينة في دماغ مرجعي. يمثّل هذا الدماغ خريطة قياسية تبين مواقع كل مناطق الدماغ. يستطيع العلماء بعد ذلك أن يستخدموا هذه الخريطة لمقارنتها مع الأدمغة الأخرى واكتشاف الفروقات.
تُكرر هذه الخطوات على كل نوع من الخلايا، مما يُنتج خريطة أغنى وأكثر اكتمالاً للدماغ مع كل تكرار.
ساعد تطور تقنيات تلطيخ الخلايا والفحص المجهري سانتياغو رامون إي كاخال على اكتشاف حقائق أساسية حول الخلايا العصبية. مع ذلك، إن قدرته على التوصل إلى نظرية تفسّر مشاهداته هي التي ساهمت بزيادة فهم علماء الأعصاب للدماغ.
على الرغم من انشغال الباحثين بجمع معلومات دقيقة للغاية عن الدماغ، إلا أن استخدام هذه البيانات لصياغة نظريات جديدة حول كيفية عمل الدماغ لا يزال بطيئاً. لا تبين خريطة الخلايا للباحثين كيفية عمل الخلايا وتفاعلها مع بعضها البعض ككل بالضرورة. على سبيل المثال، كيف تتكامل هذه الشبكات المعقدة من أنواع خلايا الدماغ معاً لتوليد الإدراك؟ هل هناك جزء أساسي من الدماغ يوجّه طريقة عمل الإدراك ووظائفه؟ ستساعد الإجابة على أسئلة مثل هذه الباحثين على فهم كيفية ارتباط تغييرات معينة في الدماغ باضطرابات الدماغ المختلفة مثل الخرف، والتوصّل إلى استراتيجيات جديدة لعلاجها.
إنه وقت مثير للغاية لأبحاث علم الأعصاب. إذ تقدم خرائط الدماغ الغنية وعالية الدقة فرصة عظيمة لعلماء الأعصاب للتفكير بعمق في المعلومات التي تحملها هذه البيانات الجديدة حول كيفية عمل الدماغ. على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من الغموض حول الدماغ، إلا أن هذه الأدوات والتقنيات الجديدة يمكن أن تساعد في تسليط الضوء عليها.
«يونغسو كيم» هو أستاذ العلوم العصبية والسلوكية في جامعة ولاية بنسلفانيا. نُشرت هذه المقالة على موقع «ذا كونفيرسيشن».
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.