بلورات فضائية قديمة قد تبرهن أن الشمس كانت عصبية المزاج في طفولتها

2 دقائق
نضجت الشمس كثيراً مع مرور السنوات.

تتشابه النجوم اليافعة مع الرضع والأطفال البشر في الكثير من النواحي: نزعة إلى نوبات من الطاقة العشوائية، مزاج سيء وصارخ، إضافة إلى الصياح والتقيؤ المقرف في كل اتجاه. وبالتالي، من الطبيعي أن نفترض أن شمسنا، البالغة من العمر 4.5 مليار سنة، كانت ذات طفولة صاخبة. ولكن بدون وجود أي دليل راسخ يدعم هذه الفرضية، لم يتجاوز العلماء مرحلة الشكوك القوية. أما الآن، توجد بيانات جديدة تتعلق بجموعة غريبة من البلورات الزرقاء الفضائية، والتي يبدو أنها تقترح أن الشمس كانت تصدر في بداياتها تدفقاً من الأشعة الكونية بشكل أقوى بكثير مما كنا نعتقد.

تسمى هذه البلورات الزرقاء بالهيبونايت، وقد وصلت إلى الأرض عن طريق النيازك. يعتبر الهيبونايت من أول المواد المعدنية التي تشكلت في النظام الشمسي، وذلك عن طريق تبرد الغاز الناتج عن الشمس. وتركز الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة Nature Astronomy على نيزك مورتشيسون، والذي وقع في أستراليا في 1969، وعلى الأرجح أنه نشأ من أحد الكويكبات في حزام الكويكبات، وهو يحتوي على قطع من البلورات بأبعاد من رتبة الميكرون، أثخن بقليل من الشعرة البشرية.

تقول ليفكي كوب، باحثة في مجال الكيمياء الكونية في جامعة شيكاغو، والمؤلفة الأساسية للدراسة الجديدة: "نعتقد أن بلورات الهيبونايت، مثل تلك الموجودة في مورتشيسون، تشكلت قرب الشمس اليافعة، حيث كانت درجات الحرارة مرتفعة بما يكفي لتشكيل مواد معدنية كهذه. تشتهر بلورات الهيبونايت من مورتشيسون بأنها تحوي نظائر على شكل شذوذات كبيرة يمكنها أن تخبرنا عن أنواع النجوم التي ساهمت بتقديم المواد إلى الغيمة الجزيئية التي تشكلت الشمس منها". لم يتمكن الفريق من تحديد تاريخ تشكل حبيبات الهيبونايت بدقة، ولكن بناء على عمر العناصر الكاسرة للضوء في النيزك، فقد تكون البلورات بعمر يتجاوز 4.5 مليار سنة بقليل.

إذا كان الهيبونايت ناتجاً عن الشمس في بداية نشاطها فعلاً، فقد يكمن الجواب في تحليل نظائر الهيليوم والنيون في البلورات. حيث تضرب الجسيمات عالية الطاقة التي تقذفها الشمس اليافعة شديدة النشاط مستوعبات الكالسيوم والألمنيوم في البلورات، وتقسم هذه الذرات إلى نيون وهيليوم، وتبقى عالقة هكذا لمليارات السنين.

المؤلفة الأساسية ليفكي كوب أثناء العمل في المختبر.
مصدر الصورة: متحف فيلد

قام فريق البحث بدراسة بلورات الهيبونايت باستخدام مطياف كتلي عالي الحساسية في المعهد الاتحادي للتكنولوجيا في زوريخ، حيث أذابوا حبات الهيبونايت بالليزر، وقام المطياف بقياس وتأكيد وجود تراكيز من

برهنت النتائج الجديدة على وجود مرحلة عالية الفعالية للشمس اليافعة، ولكنها بينت أكثر من ذلك، حيث تظهر كيف تتأثر بعض مواد النيازك من السديم الشمسي بشكل مباشر بإشعاعات الشمس اليافعة. كما لاحظ الفريق أيضاً غياب الهيليوم والنيون من البلورات الأصغر عمراً، ما يشير إلى تغير شيء ما في ظروف الإشعاعات الشمسية، ويثير الأسئلة عما حدث فعلاً. قد تتطور هذه المعلومات لاحقاً إلى فهم أكثر عمقاً لدور تطور النجوم في تشكل العناصر والمواد التي تتجمع لاحقاً متحولة إلى كواكب وغيرها من الأجسام السماوية.

بلورة صغيرة من الهيبونايت من نيزك مورتشيسون.
مصدر الصورة: آندي ديفيس، جامعة شيكاغو

تقول كوب: "على مدى العقود الأخيرة، ظهر خلاف حول ما إذا كانت النيازك تحتوي دليلاً على نشاط الشمس اليافعة. وبشكل عام، حتى بالنسبة لنا، لم نعرف ماذا يمكن أن نتوقع من هذه الدراسة، ولكن في النهاية شعرنا بالكثير من الحماس لدى رؤية أثر واضح للتعرض الإشعاعي في الهيبونايت".

يشير آندرو ديفيس، وهو مؤلف مشارك في البحث وذو صلة بجامعة شيكاغو ومتحف فيلد للتاريخ الطبيعي، إلى أن الحجم الصغير لبلورات الهيبونايت يحد من قدرة الفريق على قياس آثار الهيليوم والنيون، إضافة إلى تحليل العمر المطلق للهيبونايت نفسه، كما أن التحليل قد يؤدي إلى تدمير البلورات: "نعمل حالياً في مختبري على تصميم جهاز لدراسة تركيب النظائر للمزيد من العناصر في حبات الهيبونايت، حتى نفهم بشكل أفضل كيف اختلطت المصادر المختلفة للغبار في بداية السديم الشمسي".

على الرغم من هذا، لا يمكن التقليل من شأن هذه النتائج لوحدها. يقول ديفيس: "لقد اشتركت في هذا النوع من الأبحاث لفترة طويلة للغاية. ولطالما شعرت بالشك في ادعاءات العلماء بالعثور على آثار تدل على الشمس اليافعة. ولكن مع هذه الدراسة الجديدة، يسرني أن أغير رأيي هذا".