لا شك أن رصد السماء بما تحمله من نجوم وكواكب أمر ممتع. لذا يفكر كثيرون في اقتناء تلسكوبهم الخاص الأول، للحصول على متعة حقيقة في مراقبة السماء. لكن أغلب الناس يتراجعون عن الفكرة؛ لأنهم يخشون شراء تلسكوب لا يحقق لهم ما يتمنوه، حيث تتوفر أنواع مختلفة من التلسكوبات. فمراقبة الكواكب بشكلٍ أساسي، سيختلف عن مراقبة السماء العميقة؛ مثل السّدم القريبة. وأي مبتدئ لن يتسنى له معرفة ما الأفضل بالنسبة له، ويناسب احتياجاته. عبر هذا الدليل المبسط؛ يمكن لأي مبتدئ اقتناء تلسكوبه الأول يناسب احتياجاته.
التلسكوب والمنظار: حدد أولوياتك
من المهم معرفة الفرق بين المنظار والتلسكوب من أجل تحديد الأكثر مناسبة لاحتياجاتك، وحتى لا يختلط عليك الأمر في عملية الشراء. يبدو واضحاً أن التلسكوب ذو عدسة واحدة، أما المنظار من عدستين، لكن الفرق الجوهري هو أن التلسكوب مخصص لرؤية الأجسام البعيدة في السماء، بينما المنظار يمنحنا رؤية أفضل للأشياء البعيدة في الأرض، مثل مراقبة السفن في البحر، أو الطيور، ولا يحل أبداً مكان التلسكوب.
يمكنك بالمنظار مراقبة النجوم، لكن لن تكون قادراً على الحصول على أفضل رؤية، بينما يمنحك التلسكوب هذه الرؤية الجيدة. المناظير أفضل في المناظر الطبيعية، أما التلسكوب فهو أفضل في سماء الليل للحصول على صور واضحة وجيدة للقمر. بالإضافة إلى يمكنك مراقبة الكواكب الأخرى في النظام الشمسي، أو حتى النجوم والمجرات البعيدة. المنظار أسهل في الاستخدام، بينما التلسكوب يحتاج إلى مهارات التثبيت، ضبط واجهتك نحو الكواكب البعيدة. في النهاية، المنظار أرخص في الثمن من التلسكوب.
التكبير: التلسكوب ليس كاميرا
نبدأ بخاصية التكبير في التلسكوب، لأن هذه الخاصية هي الخطأ الشائع بين المبتدئين في شراء التلسكوب، ومن الممكن أن تشتري كاميرا ذو خاصية تكبير قوية، لكن في التلسكوب الأمر يختلف. فخاصية التكبير في التلسكوب ليست كل شيء، وصحيح أن التكبير يجعل الكائن يبدو أكبر، وهو أمر مهم، إلا أن الضوء الذي يجمعه مجال الرؤية ينتشر على مساحة أكبر؛ مما يخلق صورة خافتة في العدسة.
مدى التكبير في العدسة يعمل بجانب فتحة العدسة نفسها، لذا لا تختار التلسكوب فقط من خلال التكبير المُعلن عنه. وحتى لا يتم خداعك، عليك معرفة أن كل بوصة من قطر فتحة العدسة يمنحك مدى تكبير يساوي 50 بيكسل. فإذا كانت فتحة العدسة 2 بوصة، هذا يعني أن مدى التكبير 100 بيكسل. وإذا كانت 2.5 بوصة، فسيكون مدى التكبير 125 بيكسل في أحسن الأحوال، لذا لا تسأل عن مدى تكبير العدسة بل قطر فتحة العدسة.
قطر العدسة: الأهم في التلسكوب
قطر العدسة في التلسكوب هو حجم الفتحة التي يمر من خلالها الضوء إلى التلسكوب، وكلما كانت الفتحة أكبر، كلما مر ضوء أكبر وبالتالي حصلنا علي رؤية أفضل، لكن يتناقص مجال رؤية التلسكوب مع زيادة الفتحة، مثل أنك كلما اقتربت من رؤية القمر ستجد نفسك تشاهد التجويف الموجودة به، وكلما ابتعدت كلما بدا لك كاملًا دون تفاصيل دقيقة.
حجم الفتحة هو المفتاح الحقيقي للتفاضل بين أفضل التلسكوبات الملائمة لكل شخص، وبشكل نموذجي. التلسكوبات الملائمة للمبتدئين تكون كالتالي: التلسكوبات الكاسرة ذات فتحة 2.4 بوصة (60 ملم)، و3.1 بوصة (80 ملم)، والتلسكوبات العاكسة ذات فتحة 4.5 بوصة (114 ملم)، و6 بوصة (152 ملم).
الكاسر والعاكس: ما الفرق بينهما؟
عند اختيار التلسكوب، هناك نوعان رئيسيان يمكنك الاختيار منهما؛ العاكس والكاسر. يمكن أن يكون كلاهما رائعين لمشاهدة سماء الليل والأجرام السماوية، لكن الفرق بينهما هو أن كل واحداً منهما يستخدم طرقاً مختلفة لزيادة تجمع الضوء من الأجسام الخافتة في السماء. إليك كيف يختلفون عن بعضهم، وطريقة عملهم، والمزايا والسلبيات لكل واحد منهما.
التلسكوب الكاسر: هو الأكثر شيوعاً، ويستخدم العدسات. تقع العدسة أسفل التلسكوب، ويشبه تصميمه المناظير. من مزاياه أنه بسيط التصميم وسهل الاستخدام. يفضل استخدامه للنطر إلى النجوم، القمر، والكواكب. بالإضافة إلى أنه أنبوب مغلق يقلل من التيارات الهوائية التي تصنع صورة ضبابية، كما يحتاج إلى صيانة قليلة. أما سلبياته فأبرزها هي أن فتحات العدسة صغيرة، عادة من 3 إلى 5 بوصات، وهذا يعني أن مشاهدة المجرات والسدم البعيدة ستكون ضعيفة، بالإضافة إلى أنه أثقل وأطول وزنًا من العاكس.
التلسكوب العاكس: يستخدم المرآة بدلاً من العدسة. تقع العدسة على جانب الأنبوب الرئيسي، وتنظر من خلال العدسة على جانب الأنبوب إلى الأعلى. من مزاياه أن له فتحات أكبر مما يعني رؤية ممتازة لأجسام السماء الخافتة العميقة مثل المجرات البعيدة. كما يقدم صورة واضحة جداً. أما سلبياته فأبرزها أن أنبوبه مفتوح للهواء، مما يعني أن الغبار سيصل إلى المرايا بداخله، ويتطلب مزيداً من العناية والصيانة.
أفضل تلسكوب هو الذي يلائم احتياجاتك
لا يمكن الجزم بأفضل الاختيارات بين التلسكوبات، فلكل فرد احتياجات يبحث عنها في التلسكوب، بالتالي فإن الأفضل هو الذي يلبي احتياجاتك. هي القاعدة الذهبية التي تختار على أساسها تلسكوبك، لكن هناك بعض الأشياء الأخرى التي يجب أن تضعها في اعتبارك قبل عملية الشراء، كالآتي:
إذا كنت تعيش في المدن الكبيرة، فعليك مراعاة أن أضواء الشوارع والمباني، ينبعث منها توهجاً يؤثر على ما تراه في الليل. هذا التوهج ناتج عن بعض الضباب الساطع الذي يحجب النجوم والمجرات البعيدة بنسب متفاوتة. يقتصر سكان المدن في الغالب على مشاهدة الكواكب الشمسية، والنجوم المزدوجة، وبعض أجرام السماء العميقة الأكثر إشراقاً من خلال تلسكوب ذو فتحة عدسة أكبر.
إذا كنت تعيش في مناطق ذات كثافة سكنية أقل ونائية؛ ستعمل جميع التلسكوبات بشكلٍ جيد، والتلسكوبات ذات الفتحة الأكبر ستمنحك مشاهد لا تصدق من السدم والمجرات، والكوكبات النجمية المميزة.
يجب أن يكون لأي تلسكوب جديد عدسة واحدة على الأقل، وبعض التلسكوبات تأتي مع اثنتين أو ثلاثة. تصنف العدسة بواسطة الملليمتر، وعلى الرغم من أن العدسة المكبرة الأعلى قد توفر مزيداً من التفاصيل، فقد يكون من الصعب الاحتفاظ بالمشهد ثابتاً. وللحصول على رؤية أكثر ثباتاً في حالة العدسة الكبيرة، من المهم استخدام أداة التثبيت الآلية، ويفضل استخدام أدوات التثبيت مع جميع التلسكوبات، حتى يمكنك التركيز بشكلٍ صحيح، والاستمتاع بمراقبة الأجرام السماوية.