مجموعة من حيوانات البطلينوس التي تعيش في قطعة من الخشب. ميغ دالي
إهداء هذه المقالة
هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
أول ما يخطر على بالك عندما تفكر بالحيوانات التي تحفر في الخشب هو النمل الأبيض والخنافس. مع ذلك، تعيش بعض أنواع البطلينوس في القطع الغارقة من الخشب في قاع البحر. توفّر قطع الخشب لهذه الحيوانات المغذّيات بالإضافة إلى موطن لتعيش فيه، لا يوجد الكثير من الخشب في المحيط، لكن القطع التي ينتهي بها المطاف في المياه والتي تأتي من الأشجار الساقطة أو السفن يمكن أن تعج بأشكال الحياة التي لا نعرف الكثير عنها. في ورقة بحثية جديدة نُشرت بتاريخ 15 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في مجلة مارين بايودايفيرسيتي (Marine Biodiversity)، وصف الباحثون الطريقة التي طوّرت بها مجموعة من حيوانات البطلينوس…
هذا المقال يحتوي معلومات مدققة علمياً لن تجدها في أي مكان آخر
أول ما يخطر على بالك عندما تفكر بالحيوانات التي تحفر في الخشب هو النمل الأبيض والخنافس. مع ذلك، تعيش بعض أنواع البطلينوس في القطع الغارقة من الخشب في قاع البحر. توفّر قطع الخشب لهذه الحيوانات المغذّيات بالإضافة إلى موطن لتعيش فيه، لا يوجد الكثير من الخشب في المحيط، لكن القطع التي ينتهي بها المطاف في المياه والتي تأتي من الأشجار الساقطة أو السفن يمكن أن تعج بأشكال الحياة التي لا نعرف الكثير عنها.
في ورقة بحثية جديدة نُشرت بتاريخ 15 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في مجلة مارين بايودايفيرسيتي (Marine Biodiversity)، وصف الباحثون الطريقة التي طوّرت بها مجموعة من حيوانات البطلينوس التي تحفر الخشب القدرة على بناء المداخن باستخدام برازها كطريقة لضمان أن تحصل على المزيد من الخشب لنفسها.
تمتلك حيوانات البطلينوس التي خضعت للدراسة أصدافاً بحجم حبة البازلاء، وهي تحفر داخل الأخشاب الغارقة مشكلّة ثقوباً تصبح المصدر الرئيسي للطعام والمأوى بالنسبة لها في بيئاتها القاسية للغاية.
تحديات البيئة القاسية التي تواجهها حيوانات البطلينوس
تقول الأمينة المشاركة لقسم علم الحيوانات اللافقارية في متحف فيلد في مدينة شيكاغو والمؤلفة الرئيسية للدراسة، جانيت فويت (Janet Voight): "هناك تحديان يجب على كل كائن بحري مواجهتهما. وهما إدخال الماء النقي إلى الجسم لتزويد الخياشيم بالأوكسجين، والتخلص من النفايات. وذلك لأن الحيوانات تميل لتجنّب العيش وسط برازها"، وتضيف: "لكن حيوانات البطلينوس التي درسناها تعيش مع برازها وتزدهر بوجوده أيضاً".
يمكن أن تأوي بعض الأخشاب الموجودة في قاع البحر "مجموعة مذهلة من الحيوانات" لأشهر أو حتى سنوات بعد أن تصل إلى القاع، بينما يمكن أن تصبح بعض القطع مستهلكة من قبل الحيوانات الحافرة لدرجة أنها تتفتت تماماً عند الإمساك بها. أرادت فويت اكتشاف سبب الاختلاف الكبير بين بعض عينات الخشب المستخرجة من المحيط، وبعد جرد جميع أنواع البطلينوس الحافرة للخشب والموجودة في عينات الخشب الغارقة والمستخرجة من جميع أنحاء العالم، لاحظت فويت وجود نمط محدد.
تقول فويت: "هناك 6 فروع رئيسية في شجرة عائلة البطلينوس الحافر للخشب، واتضح أن كل قطع الخشب التي كانت مستهلكة لدرجة أنها تتفتت عند الإمساك بها باليد كانت محفورة من قبل نوع ينتمي لنفس الفرع من شجرة عائلة البطلينوس"، وتضيف: "هذا ليس منطقياً، يفترض أن تحفر جميع أنواع البطلينوس الحافرة، والتي تعتبر متشابهة للغاية، الخشب بالطريقة نفسها. مع ذلك، وجدنا مجموعة تتبع سلوكاً مختلفاً تماماً".
خشب محفور من قبل البطلينوس. المصدر: كيت غولمبيفسكي، متحف فيلد.
كانت حيوانات البطلينوس التي تنتمي للفرع الحيوي الذي يحمل اسم زيلوفاغا دورساليس (Xylophaga dorsalis) مسؤولة عن حفر جميع قطع الخشب المدروسة والتبرز فيها.
طبيعة حيوانات البطلينوس التشريحية تؤدي دوراً في تفتيت الخشب الغارق
بيّنت الأبحاث السابقة أن تفتت الخشب يزداد بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه أو ازدياد عدد يرقات البطلينوس. لكن من المحتمل أن طبيعة حيوانات البطلينوس هي السبب الرئيسي لذلك. تمتلك جميع أنواع البطلينوس التي تنتمي لنفس الفرع الحيوي وذات الكفاءة العالية في الحفر والقريبة من بعضها وراثياً سمة جسدية مشتركة تقع في النقطة التي تطرح منها البراز. عندما تحفر حيوانات البطلينوس الحفر وتدخل فيها، فهي تملأ الفراغ حولها بالبراز.
لا يتم اتباع هذا السلوك عن قصد، بل إنه تشريحي. تستخدم هذه الحيوانات أصدافها للحفر في الخشب. ومع دخول هذه الأصداف في الخشب، تُبرز هذه الحيوانات الممصات (وهي أجزاء جسمية أنبوبية الشكل تمتص المياه للحصول على الأوكسجين وتطرح الفضلات) من خلفيتها. تمتلك معظم أنواع البطلينوس الحافر للخشب ممصات لها نفس الطول ويتم إخراجها من الجسم. لكن حيوانات البطلينوس المدروسة تمتلك ممصات لطرح الفضلات أقصر طولاً.
وفقاً لفويت، تبقى الممصات الأقصر طولاً والتي تستخدم لطرح المياه منزوعة الأوكسجين والبراز داخل الحفر. لذلك "تتبرز هذه الحيوانات داخل الحفر التي تحفرها. ليس لدى هذه الحيوانات خيار آخر، إلا إذا مطّت الممصات كثيراً".
تبقى الفضلات في الحفر مع الحيوانات، وتشكّل مداخن برازية تحيط بالممصات. على الرغم من أن هذه الطريقة ليست نظيفة، فإنها لا تبدو أنها تتسبب بأي مشكلات مناعية لهذه الحيوانات. والسؤال الذي يجب إيجاد جوابه هو "لماذا تطورت هذه الكائنات لتتبع هذا السلوك؟".
افترض فريق المؤلفين أن المداخن البرازية قد تكون بمثابة إشارة تجذب يرقات البطلينوس للاستقرار في قطع الخشب التي تحتوي عليها. من المحتمل أن تتمكن اليرقات العائمة من تحسس البراز والوصول إلى قطع الخشب المحفورة لتعيش فيها إلى جانب الأفراد الآخرين من نفس النوع. مع ذلك، يصبح توفّر مكان واسع بما يكفي للعيش مشكلة حقيقية مع قدوم المزيد من اليرقات إلى قطع الخشب التي تحتوي على البراز، وانخفاض كمية الموارد فيها.
قالت فويت في مقابلة مع موقع بوبساي: "يمكن تشبيه هذا السلوك بأن حيوانات البطلينوس تحضّر مسكناً وتدعو اليرقات للعيش فيه، لكن بعد فترة سيصبح المكان ضيقاً".
تتمتع حيوانات البطلينوس المدروسة بمقاومة عالية بشكل غير اعتيادي للبيئات الفقيرة بالأوكسجين، وهي تمتلك تكيّفات جسدية إضافية قد تقلل من خطر إصابتها بتسمم الكبريتيد الموجود في فضلاتها. تساعد هذه التكيّفات حيوانات البطلينوس على البقاء والازدهار في بيئاتها المزدحمة والمتسخة.
تقول فويت: "أعتقد أن هذه الاستراتيجية هي من استراتيجيات العيش السريع؛ إذ إن هذه الحيوانات تقوم بجمع ما تستطيع من الموارد كجماعة وتقوم بالتكاثر وإرسال اليرقات بأسرع وقت ممكن لإيجاد قطع جديدة من الخشب".
النتيجة النهائية لسلوك الهيمنة هذا هي الحصول على المزيد من الخشب لتتناوله هذه الحيوانات الحافرة للخشب وتعيش فيه مع اليرقات التي تنتجها.
بالإضافة إلى حل اللغز حول وجود قطع الخشب المحفورة والمملوءة بالبراز، تقول فويت إن الدراسة الجديدة تبين أهمية دراسة الأنظمة البيئية مع إدراك العلاقة بين الأنواع المختلفة التي تعيش فيها.
تقول فويت: "أعتقد أن هذه الدراسة هي مثال جيد يبين مدى جهلنا بالبحار العميقة وكيف يمكننا الجمع بين المعارف المتوفرة ودراسة عدة مجالات مختلفة لإجراء تنبؤات عن الطبيعة".
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.