كيف تحولت حشرة الدبور الخطيرة إلى سلاح مكافحة حيوية فعال؟
يعتبر استخدام دبابير تاماركسيا أحد السبل التي تتبعها وزارة الزراعة الأميركية في برنامج المكافحة الحيوية، والذي يهدف إلى التخفيف من الأضرار التي تنتج عن الأنواع الدخيلة من خلال تربية مفترساتها وإطلاقها.
دبور تاماركسيا ينظر للأسفل على فرائسه. وزارة الزراعة الأميركية
إهداء هذه المقالة
هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
في صباح يوم أربعاء حار في أوائل شهر يونيو/حزيران 2022، قام جوزيف برافاتا (Joseph Bravata) بركن سيارة دفع رباعي سوداء ذات لوحة فيدرالية في موقف سيارات تابع لملعب في إحدى ضواحي مدينة نيوأورلينز. كانت تحد الموقف من الشمال مجموعة متشابكة من أشجار البلوط والشحم الصينية، بينما كان يحدّه من الشرق تقسيم فرعي من الأراضي التي تحتوي على حدائق منزلية كبيرة وشوارع واسعة. فتح برافاتا، وهو مدير صحة النبات في وزارة الزراعة الأميركية صندوق سيارته وأخرج منه برّاداً أبيض وصل إليه عبر شركة فيد إكس في صباح اليوم السابق.
كان يحتوي هذا البراد على 6 حاويات بلاستيكية شفّافة مملوءة بالدبابير الطفيلية غير اللاسعة التي يبلغ حجم كل منها حجم بذرة نبتة الخشخاش المنوّم. عندما قامت الشمس بتدفئة هذه الحاويات، دبّت الحياة في هذه الدبابير وبدأت في الاصطدام بجوانب الحاويات مثل حبات الفشار.
اقرأ أيضاً: الدبابير الروسية للتخلص من الخنافس الشرهة القاتلة لأشجار المُران الأميركية
دبابير مفترسة
تفترس هذه الدبابير التي تمت إثارتها والتي تحمل اسم تاماركسيا رادياتا (Tamarixia radiata) بشكل أساسي حشرات تحمل اسم
أدخل بريدك الإلكتروني واقرأ المقال مجاناً
أنشئ حساباً مجاناً واقرأ مقالتين مجاناً كل شهر من أوسع تشكيلة محتوى أنتجته ألمع العقول العالمية والعربية.
في صباح يوم أربعاء حار في أوائل شهر يونيو/حزيران 2022، قام جوزيف برافاتا (Joseph Bravata) بركن سيارة دفع رباعي سوداء ذات لوحة فيدرالية في موقف سيارات تابع لملعب في إحدى ضواحي مدينة نيوأورلينز. كانت تحد الموقف من الشمال مجموعة متشابكة من أشجار البلوط والشحم الصينية، بينما كان يحدّه من الشرق تقسيم فرعي من الأراضي التي تحتوي على حدائق منزلية كبيرة وشوارع واسعة. فتح برافاتا، وهو مدير صحة النبات في وزارة الزراعة الأميركية صندوق سيارته وأخرج منه برّاداً أبيض وصل إليه عبر شركة فيد إكس في صباح اليوم السابق.
كان يحتوي هذا البراد على 6 حاويات بلاستيكية شفّافة مملوءة بالدبابير الطفيلية غير اللاسعة التي يبلغ حجم كل منها حجم بذرة نبتة الخشخاش المنوّم. عندما قامت الشمس بتدفئة هذه الحاويات، دبّت الحياة في هذه الدبابير وبدأت في الاصطدام بجوانب الحاويات مثل حبات الفشار.
تفترس هذه الدبابير التي تمت إثارتها والتي تحمل اسم تاماركسيا رادياتا (Tamarixia radiata) بشكل أساسي حشرات تحمل اسم الحِماطيّات الحمضية الآسيوية (ديافورينا سيتري، Asian citrus psyllids)، وهي حشرات تشبه الحوّام تتغذّى على نسغ النباتات. تضع الدبابير الصغيرة بيوضها داخل أجسام هذه الحشرات وتنمو يرقاتها من خلال التغذّي على المضيف والاحتماء بقشره. يمكن لأنثى هذا الدبور تناول ما يصل إلى 500 حشرة خلال دورة حياتها القصيرة. هذا النوع من الحشرات الصيادة هو واحد من عشرات الأنواع التي استوردتها الحكومة الأميركية إلى الولايات المتحدة للتعامل مع أنواع أخرى من الكائنات وصلت إلى البلاد. وهو نهج للتعامل مع الأنواع الغازية يدعى المكافحة الحيوية.
قام برافاتا بفتح أغطية الحاويات واحداً تلو الآخر، وبعد القيام بنقر الحاويات بضع مرات، اختفت الدبابير في النسيم الدافئ بحثاً عن فرائسها. توجد في الجوار العديد من أشجار الحمضيات مثل المندرين والبرتقال الياباني والبرتقال والتي أصبحت مواطن لحشرات الحماطيات. تعيش الحماطيات في قارة آسيا بشكل رئيسي. إذ تنتشر جماعاتها من باكستان إلى فيتنام. وعلى الرغم من أنها تتسبب بضرر طفيف للأشجار التي تستعمرها، فإن هذه الحشرات العاشبة تعتبر أيضاً ناقلة لمرض غير قابل للعلاج يحمل اسم اخضرار الحمضيات، والذي يجعل فاكهة النباتات تذبل ويكسبها طعماً مرّاً.
مجموعة من زنابير تاماركسيا رادياتا قبل إطلاقها. فيليب كيفر/بوبيولار ساينس
يعتبر استخدام دبابير تاماركسيا أحد السبل التي تتبعها وزارة الزراعة الأميركية في برنامج المكافحة الحيوية، والذي يهدف إلى التخفيف من الأضرار التي تنتج عن الأنواع الدخيلة من خلال تربية مفترساتها وإطلاقها في الولايات المتحدة. يقول برافاتا: "هذه العملية ليست معقدة"، ويضيف: "يمكننا استخدام أي وسيلة تمنحنا إياها الطبيعة".
تركّز برامج التعامل مع الأنواع الغازية التابعة لوزارة الزراعة الأميركية في معظم الأحيان على منع دخول الأنواع الغازية إلى البلاد. إذ يفحص المكتب الذي يعمل فيه برافاتا شحنات الحبوب والمواد الأخرى في ميناء مدينة نيوأورلينز بحثاً عن هذه الأنواع. لكن لا يمكن منع جميع الأنواع من الدخول. لذلك يصبح السؤال المهم هو "كيف يمكننا التكيّف مع الأنواع الغازية؟".
عندما تظهر حشرات جديدة في الولايات المتحدة، يتم إرسال علماء الأحياء التابعين لوزارة الزراعة الأميركية إلى موطن هذه الحشرات لاكتشاف الأنواع التي تفترسها. ويمكن أن تتضمن هذه العملية المشي لمسافات طويلة في غابات سيبيريا أو مسح الأدغال في تايوان. وحتى إذا فشل العلماء في إيجاد المفترسات التي يبحثون عنها، فهناك اهتمام متزايد باستخدام الفطريات والبكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى كبدائل.
وصلت الحِماطيّات الحمضية الآسيوية إلى ولاية لويزيانا في 2008، واكتُشفت في باحة منزل خلفية في مدينة نيوأورلينز. حيث وجدت وليمة.
يبحث علماء الحشرات الذين يعملون مع وزارة الزراعة الأميركية عادة عن حيوان مفترس يتغذّى على الحشرات بشكل حصري. وأحد المخاطر هو وقوع كارثة مثل كارثة علاجيم القصب مرة أخرى. تبيّن أن علجوم القصب، وهو نوع برازيلي تم إدخاله إلى أستراليا عام 1935 للتغذّي على خنافس قصب السكر المحلية كان يفترس جميع أنواع الحيوانات المحلية بشراهة. وتعمل الحكومة الأسترالية حالياً على استخدام عامل مكافحة حيوية آخر لاستهداف هذه العلاجيم.
دبابير المكافحة الحيوية
لكن تعتبر الدبابير شبه الطفيلية مثل تاماركسيا وسيلة مثالية إلى حد ما في أغلب الأحيان. هناك نوع من الدبابير شبه الطفيلية التي تطوّرت لتتغذّى على كل نوع من الحشرات على الكوكب تقريباً. قدّر العلماء في مراجعة أُجريت في 2018 أن هناك ما بين 400 ألف ومليون نوع من الدبابير شبه الطفيلية (وهي لا تقرب من الناحية الفنية أنواع الدبابير اللاسعة المألوفة مثل دبابير السترة الصفراء)، ما يجعل عددها يتجاوز أي مجموعة أخرى من الحيوانات في العالم. بمجرد إيجاد النوع المفترس المناسب، يحاول الباحثون استخدام نظامه الغذائي عالي التخصص لأهدافهم الخاصة.
وصلت الحِماطيّات الحمضية الآسيوية إلى ولاية لويزيانا في 2008، واكتُشفت في باحة منزل خلفية في مدينة نيوأورلينز. حيث وجدت وليمة. يقول برافاتا إن عدد أشجار الحمضيات في المدينة مثير للدهشة. إذ تحتوي هذه المنطقة على أشجار المندرين في حدائق المنازل والأشجار غير منتظمة الشكل في الشوارع وأشجار السرنجة التي تملأ الأفنية الأمامية للمنازل.
في البداية، لم يكن هناك الكثير من الخيارات أمام وزارة الزراعة الأميركية. كانت ظاهرة اخضرار الحمضيات تنتشر في المدينة، إذ تم التبليغ عن حالات تفصل بينها سنوات على جانبي نهر المسيسيبي. لكن الخطر الحقيقي هو احتمال انتشار المرض جنوباً وضرب آخر قطاع مهدد بالخطر لصناعة الحمضيات في الولاية. يمكن قتل الحماطيات باستخدام المبيدات الحشرية. وصرّحت ولاية لويزيانا استخدام نوعين منها منزلياً، كما قامت أبرشية في جنوب الولاية برش المبيدات على كل البساتين باستخدام الطائرات المروحية في 2009. لكن لا يرغب جميع الأشخاص الذين يزرعون الحمضيات في الأفنية الخلفية لمنازلهم بتعريض نباتاتهم لهذه المواد الكيميائية.
خلال العشرين عاماً الماضية أو نحو ذلك، بحث علماء الحشرات في جميع أنحاء العالم عن أعداء طبيعيين للحماطيات. تم إيجاد إحدى جماعات الدبابير في باكستان بينما وجدت أنواع أخرى في فيتنام وتايوان. وفي 2011، بعد سنوات من حث جماعات الدبابير لمعرفة ما إذا كانت تتغذّى على الحشرات الضارة، وافقت وزارة الزراعة الأميركية على الإطلاق الخاضع للرقابة للدبابير. تمت تربية هذه الدبابير في دفيئات في ولايتي تكساس وفلوريدا ثم تم تجميعها وإرسالها عبر البلاد مقابل قرابة 0.22 دولار لكل أنثى دبور.
عندما وصلت شحنة من الدبابير أخيراً إلى ولاية لويزيانا في 2015، قال برافاتا إنه متفائل ولكن بحذر. إذ إنه قد شهد فشل برامج مكافحة حيوية أخرى، ما سمح للآفات بأن تستمر في الانتشار.
أُطلقت الدبابير لأول مرة في وسط ولاية لويزيانا في أشجار السرنجة في حي سيتي بارك. يقول برافاتا: "كان بإمكان أي أحد النقر على الأشجار ورؤية الحماطيات تطير خارجها". أطلق البرنامج كل الدبابير المتوفرة والتي كان يبلغ عددها 1000 دبور. يضيف برافاتا: "عندما عدنا لفحص الأشجار بعد أسبوعين، لم نجد أي أثر للحماطيات". وبدأ يشعر برافاتا عندها بالحماس.
أجمل ما في دبابير تاماركسيا أنها تجد أهدافها من على بعد يصل إلى 1.6 كيلومتراً. لكن لا يهدف إطلاق هذه الدبابير إلى تحقيق توازن تنافسي بينها وبين الحماطيات، بل إنه يهدف إلى الاستفادة من الطبيعة لحماية المحاصيل. نظراً لأن الهدف هو القضاء على الحشرات التي تمص نسغ النباتات والتخلّص من مرض اخضرار الحمضيات الذي تنشره، قامت وزارة الزراعة بإشباع المدينة بفائض من الدبابير.
علماء الحشرات يُكثرون دبابير تاماركسيا في منشأة تربية فيدرالية. جستن ويندل/وزارة الزراعة الأميركية
وفقاً لبرافاتا، أصبح من الصعب إيجاد الحماطيات الآن في أرجاء المدينة. انتقل البرنامج من مدينة نيوأورلينز وبدأ يصب تركيزه على المناطق المجاورة. يقول برافاتا: نحاول الآن معرفة حدود المنطقة التي انتشرت فيها الحشرات. وذلك لأنه إذا أطلقنا الدبابير في حدود هذه المنطقة، سنتمكّن من الحد من انتشار الحشرات".يقول برافاتا: نحاول الآن معرفة حدود المنطقة التي انتشرت فيها الحشرات.
ستستمر شحنات الدبابير بالقدوم إلى الولايات المتحدة في المستقبل المنظور. كما سيستمر العمل في منشآت الحجر وسيتم أيضاً استخدام الكلاب التي تتحسس الأمراض بالشم. كلها مشاريع خصصت وزارة الزراعة ما لا يقل عن 25 مليون دولار لإنجازها خلال العقد المنصرم.
مع ذلك، في المشاريع التي غالباً ما تتمحور حول كبح موجة لا تنتهي من الحشرات الغازية، فإن النجاح الذي ينتج عن الاستفادة من الحيوانات المفترسة هو أمر مريح للغاية. يقول برافاتا: "يكون العمل في هذا المجال محبطاً بعض الشيء أحياناً"، ويضيف: "لكن عندما نحقق نجاحاً ما، نشعر وكأن الأمر يستحق كل ذلك العناء".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط. موافق اقرأ أكثر حول سياسة الخصوصية
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.