8 أساليب تلجأ إليها الحيوانات لتفرض سيطرتها على منطقتها

4 دقائق
8 أساليب تلجأ إليها الحيوانات لتفرض سيطرتها على منطقتها
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Sandra Clayton

تخيل لو قام أحدهم بدخول منزلك دون استئذان، أو أخذ مكانك في ركن السيارة، كيف ستكون ردة فعلك وماذا ستفعل لكي تعالج الموقف؟ قد تطلب منه بهدوء أن يغادر وتنزعج بشدة لهذا التصرف، لكن الأمر ليس هكذا في مملكة الحيوان، فالمناطق الخاصة بكل حيوان تعد مكان نفوذه المحرم الذي يدافع عنه بشراسة وضراوة شديدة وتصل الأمور إلى القتل أحياناً. نقدم لكم في هذا المقال بعض الأساليب التي تمارسها الحيوانات لرسم مناطقها وكيفية دفاعها عنها.

طريقة تحديد الثدييات لمناطق نفوذها

تعد الثدييات من أكثر الكائنات الحية تطوراً على سطح الأرض، وتتميز بتنظيمها وامتلاكها خصائص بيولوجية تساعدها على رسم حدود مناطق نفوذها، وذلك في سبيل تحذير الحيوانات التي تحاول غزوها، ولحماية أولادها الصغار من الافتراس، لذا يمكننا تلخيص أهم الطرق التي تستخدمها الثدييات لتحقيق ذلك من خلال الأمور التالية:

الإشارات ذات الرائحة، من المعروف عن الأسود بشكل خاص أنها تقوم بتوزيع إفرازاتها الغدية ذات الرائحة المميزة  كالبراز ورش البول في أماكن بارزة في مواطنها، وغالباً ما تقوم بتوزيعها بشكل دوري في خطوط على طول المسارات التي تسلكها باستمرار أو الحدود المحيطة بنطاقها، فتميز الأسود الأخرى والحيوانات هذه الرائحة فتتفادى المرور بتلك المنطقة، وإلا سيعتبر ذلك تحدياً وتعبيراً عن الرغبة بالقتال وفرض السيطرة.

تقوم الأسود أيضاً بخدش الأشجار المحيطة والأراضي لتبين للحيوانات الأخرى بأنها موجودة، فهي تعتمد طريقتين مميزتين لتحديد منطقتها، وتعبّر هاتين الطريقتين عن هيمنة الأسود، فهي تقوم بدوريات حول أراضيها وتترك إشارات دون الحاجة لوجودها فعلياً كل الوقت لتبسط سيطرتها.

بالإضافة للأسود تقوم الذئاب بتحديد منطقتها بنفس الأساليب، لكن تعد قطعان الذئاب أكثر شراسة من الأسود في الدفاع عن حدودها والرد على انتهاكها، ويعد دفاع الذئاب عن مناطقها وقتالها السبب الرئيسي لموتها، وتتميز الكلاب البرية أيضاً برسمها لحدود تدريجية بالرائحة في سبيل تحذير الدخلاء، فتكون أول دائرة لحدودها عريضة برائحة خفيفة وتزداد الروائح شدة كلما توجهنا نحو مركز مناطق نفوذها.

ومن الثدييات المشهورة باعتمادها على التحذيرات الصوتية هناك القرود التي تعتمد على النداءات الصاخبة لمنع القرود الأخرى من دخول أراضيها أو أشجارها، وهناك أنواع من القرود تكون عنيفة جداً في الدفاع عن حدودها، وذكور الشمبانزي تجتمع كل فترة تمتد بين 10 إلى 14 يوماً، وتتحرك بعدد يبلغ نحو 20 منها إلى حافة أراضيها لحماية حدودها والاتجاه لمنطقة شمبانزي أخرى للاستيلاء عليها، ومن أشهر الأمثلة عن ذلك حرب غومبي بين فئتي شمبانزي لتقاسم النفوذ التي حصلت في تنزانيا واستمرت نحو 4 سنوات و4 أشهر، وما يثير الدهشة قدرتها على تصنيع أسلحة مثل الرماح من الخشب وغيرها لصيد فرائسها.

اقرأ أيضاً: ضفادع على ثعبان، وخمسة حيوانات أخرى تركب حيوانات أكبر منها.

طريقة رسم الطيور حدود مناطقها

تعتمد الطيور على الطرق الصوتية في تهديد الطيور الأخرى التي تقترب من مناطق وجود أعشاشها، فتزقزق وتصفر بشكل شبه مستمر أو دوري، أو تطرق الخشب مثل نقار الخشب فتتغذى على الديدان وتعلن في الوقت نفسه للمتطفلين أنهم يتجاوزون منطقة مأخوذة مسبقاً، وتصل أصواتها لمسافات بعيدة نسبياً إذ تستطيع الحيوانات بشكل عام سماعها بشكل أفضل من البشر، وتقوم الطيور أيضاً بعرض نفسها وفرد أجنحتها لتظهر ألوانها الزاهية وتحذر خصومها من الاقتراب، وأيضاً تراقب الغربان بشكل خاص مناطقها عندما تحوم بشكل مكرر حول أعشاشها، فموائل الطيور تكون للتعشيش والتكاثر وتناول الطعام ولا يجب المساس بهذه الأمور الضرورية بالنسبة لها.

تهتم الطيور بإعلان حدود مناطقها باستمرار لأن بعض أنواعها تهاجر وتعود فتسكن مناطق مختلفة، لذا من الضروري أن تحافظ على أسرابها متحدة دون تطفل أو تداخل من طيور أخرى، لكن من أهم نقاط ضعف الطريقة الصوتية في تحديد مناطق النفوذ هو كشف مناطق وجود الطيور أمام المفترسات الأعلى كالصقور وغيرها.

اقرأ أيضاً: حتى الحيوانات عملت كجواسيس أيضاً

مناطق نفوذ النحل وخواصها

تتميز الحشرات وبشكل خاص النحل ببنائها لخلية تعد بمثابة القصر الخاص بها، وتعتمد النظام الملكي في تنظيمها الاجتماعي، حيث تظهر عدوانية في الدفاع عن مناطق نفوذها دفاعاً عن الملكة والخلية الكبيرة، والأسلوب الخاص في تحذير المتطفلين هو الرائحة والفرمونات المميزة لها، بالإضافة للأزيز المرتفع في بعض الأحيان، ويتعرف النحل إلى فرمونات سربه عند العودة من مسافات طويلة، فتلك المواد الكيميائية تخدم عدة أهداف في الوقت ذاته.

لا يقوم نحل العسل باعتبار حقول أزهار معينة مناطق إقليمية خاصة به يدافع عنها، فهي مجرد حقول يأخذ منها الغذاء على عكس باقي الأنواع التي تحمي مناطق توفر غذائها لحماية مواردها الغذائية، ومن الممكن أن ترى عدة مستعمرات نحل مختلفة تتغذى من الحقل نفسه دون أن تؤثر على بعضها بعضاً، إذ تسافر مسافة 5 أميال بعيداً عن خليتها الرئيسية وتلتقي غيرها، لكن الأمر يختلف عند النحل اللاسع الذي يعد حقول الأزهار القريبة من خليته مناطق نفوذ خاصة به.

اقرأ أيضاً: 6 طقوس تزاوج غريبة في المملكة الحيوانية

أحواض نفوذ الأسماك والكائنات البحرية

تهتم الأسماك بموائلها وتحمي مناطق نفوذها من الأسماك الأخرى من النوع نفسه لأن المحيطات والبحار بشكل عام تمتلك تنوعاً حيوياً هائلاً لعدة أنواع حية في نفس الحيز الجغرافي، لذا تعتبر الأسماك حدود إقليمها مكاناً آمناً من الافتراس ومنزلاً للتكاثر وموطناً مناسباً لوضع البيوض وحراستها وتربية الصغار المعرضة للخطر.

تعتمد الأسماك على تحديد مناطق نفوذ ذات طبيعة بصرية عالية، حيث تهتم بأن يكون معروف الحدود والتضاريس بالنسبة لها ولأعدائها، ولا يكون عادةً مكاناً واسعاً فهي لا تستطيع الدفاع عن نطاق كبير لتحفظ طاقتها، وتذهب لتبحث عن الطعام اللازم لحياتها.

تتبع الأسماك أسلوب الصوت في تحذير نظيراتها، وتساهم التيارات المائية وحركاتها بشكل كبير في إعلام الخصوم بوجود سرب أسماك في هذا الكهف أو هذا الحيد المرجاني أو غيره، وكلما زادت شدة حركة التيارات تصبح الأسماك الأخرى قادرة على تقييم الخطر، فالتيارات الكبيرة تدل على خطورة وقوة الأسماك الموجودة والعكس في حال كانت التيارات خفيفة، وتستخدم ألوانها الزاهية لكي تنبه القادمين بأن المنطقة مأهولة ومأخوذة مسبقاً، وبعض الأسماك تكون شرسة في دفاعها عن التعديات ضد نفس النوع.

تبقى الحياة البرية والمجموعات الحيوانية مدرسة طبيعية نستطيع فهم ظواهر اجتماعية وبيئية وسلوكية متعددة من خلالها، فمناطق النفوذ تمثل البيت غير المسقوف إن جاز التعبير لكل مجموعة من تلك الحيوانات، حيث تستخدمها لحماية أفرادها، وتنال بها حياة الخصوصية بعيداً عن المتطفلين. وعلى الرغم من ضراوة هذه الحيوانات مثل فرس النهر الذي يعد أخطر حيوان في العالم، فإنها لا تؤذي أحداً إن احترم حدودها ومناطق سكنها.

المحتوى محمي