إذا كان لديك مساحةٌ صغيرة أمام منزلك وتريد زراعتها؛ ولكن لا ترغب في أن يكون العمل فيها مجهداً، وتفضّل استخدام كمياتٍ قليلة من المياه والأسمدة الكيماوية، فالحل الأنسب هو زراعة حديقة صغيرة تزيّن بها مدخل المنزل وتعمل على عزل الكربون أيضاً؛ وبذلك تستفيد من قيمتها الجمالية، ويستفيد منها مناخ كوكبنا في نفس الوقت.
يحتجز العشب الأميركي القياسي كميةً أقل من الكربون مقارنةً بالعديد من النباتات الأخرى. صحيحٌ أنه أفضل من الخرسانة؛ إلا أن عملية قص الجزء العلوي من العشب (جزّ العشب) تجعله قصيراً وتُبقي الجذور قصيرة؛ مما يقلل من قدرته على امتصاص الكربون، فكلما زاد حجم النبات، زادت كمية الكربون التي يحتجزها من الغلاف الجوي، كما تطلق عملية إنتاج كميات الأسمدة الضخمة لملايين الهكتارات من المروج كمياتٍ هائلةً من الكربون. بالإضافة إلى ذلك؛ تشكّل المروج عبئاً كبيراً على الموارد المائية في بعض الدول - خاصةً في المناطق الجافة.
إذاً فالحل المناسب هو زراعة حديقة صغيرة أمام منزلك تعطيك الجمال والراحة، وتكون صديقةً للبيئة في نفس الوقت. إليك 6 نصائح تمكّنك من زراعة حديقة صغيرة تحتجز الكربون:
1. اختر مجموعةً متنوعةً من النباتات المحلية
تتميز النباتات المحلية بأنها أكثر تحملاً وتتكيّف بشكلٍ أفضل مع ظروف المنطقة، فاستمرار النبات على قيد الحياة مهمٌ جداً لعملية احتجاز الكربون، لذلك يجب أن تتمتع النباتات بفرصةٍ أفضل للبقاء في المناخ المحلي؛ بالرغم من أن الدراسات لا تشير بوضوحٍ إلى فرصة نجاة هذه النباتات في الظروف المناخية المتطرفة. لا يمكن أن يكون النبات -سواء كان شجرةً أو شجيرة- مقاوماً للجفاف والفيضانات والصقيع في آنٍ معاً؛ لكن زراعة مزيجٍ من عدة أنواع محلية عديدة في الحديقة سيسمح لها بالبقاء لعدة عقود.
إذا كنت لا تعرف أين يمكنك العثور على النباتات المحلية، فيمكنك البدء بالبحث على هذا الموقع الذي أنشأه «دوغ ديلاوير»؛ أستاذ علم الحشرات في «جامعة ديلاوير». يمكّنك الموقع من التعرّف على النباتات المحلية في منطقتك، كما يمكنك الاستعانة بخدمات الإرشاد الزراعي أو بالمشاتل المحلية؛ وهي موارد رائعة تساعدك في اختيار النباتات المناسبة لمنطقتك.
2. النباتات البرية خيار جيّد أيضاً
يقول «إيلي ساجور»؛ أخصائي الإرشاد الزراعي في جامعة مينيسوتا: «يُعتبر الكربون بالنسبة للأشجار بمثابة البروتين بالنسبة للاعب كمال الأجسام. في الواقع؛ يشكّل الكربون 50% من وزن الشجرة الجاف (بعد نزع الماء)، وتُعتبر هذه الكمية تعويضاً كبيراً عن الكربون الذي تطلقه ممتلكاتك ومختلف أنشطتك».
لكن زراعة الأشجار لا تنجح في جميع الأماكن. يمكن للأعشاب والنباتات البرّية احتجاز كمياتٍ كبيرة من الكربون أيضاً، فإذا لم يكن بمقدورك الحصول على الأشجار؛ يمكنك زراعة نباتاتٍ أصغر وذات مجموعٍ جذري كبيراً نسبياً. يقول ساجور: «أعيش في مينيسوتا؛ حيث توجد لدينا بعض أنواع النباتات البرية التي تمتد جذورها بين مترين وحتى 3 أمتار تحت سطح الأرض؛ أي بوسعها احتجاز كمياتٍ كبيرة من الكربون عميقاً في الأرض».
كما تشيد «جيرليند دين»؛ عالمة التربة في جامعة فاغينينغين، بدور المراعي وفوائدها العظيمة: «قد لا تبدو المساحة التي تشغلها الأعشاب البرية غير المشذّبة كبيرة فوق الأرض؛ لكن هناك الكثير مما يحدث تحت الأرض، فنظراً لأن معظم هذه النباتات معمّرة؛ إن الكربون الذي تحتجزه سيبقى فترةً طويلة تحت الأرض»، وتضيف: «من الأفضل أن تكون لديك مجموعة متنوعة من الأنواع العشبية البرية، لأن جذورها ستصل إلى أعماق مختلفة، وعندما تموت، تأكلها الميكروبات والديدان التي تموت هي بدورها أيضاً، ويصبح بعض الكربون جزءاً من تكوين التربة؛ خاصةً إذا كانت التربة تحتوي على طين أو طمي أو أية موادٍ أخرى يمكنها تخزين الكربون، وقد اكتشفنا حديثاً أنه لا يزال من الممكن تثبيت الكربون الجديد نسبياً في التربة».
3. استخدم الأسمدة الطبيعية
تنتج صناعة الأسمدة الكيماوية كمياتٍ هائلةً من غازات الدفيئة، واستخدامها لتخصيب التربة يؤذي البيئة بطرقٍ متعددة؛ ولكن إذا كنت تستخدم المزيج الصحيح من النباتات، فقد لا تحتاج إلى الأسمدة الصناعية.
تقترح دين زراعة البقوليات التي تحتوي جذورها على بكتيريا تقوم -بشكلٍ طبيعي- بامتصاص النيتروجين من الغلاف الجوي، وتحويله إلى مواد غذائية نيتروجينية يستفيد منها النبات، ويؤدي تثبيت النيتروجين في التربة أيضاً إلى زيادة كمية الكربون المُحتجزة في التربة، ربما لأن النيتروجين يزيد كفاءة النباتات في امتصاص الكربون من الجو.
4. استخدم «الكمبوست» المحلي والمَلش
قد يؤدي استخدام الكمبوست أو الملش (بقايا أوراق النباتات) غير المُنتَج في منطقتك إلى انتشار أمراض النباتات، وما تريده هو زراعة حديقة صغيرة لعزل الكربون ولا ترغب بالتأكيد في زيادة انبعاثاته بجلب السماد من أماكن بعيدة بواسطة الشاحنات.
اترك أوراق الأشجار المتساقطة كل عام على الأرض لأنها ما تزال تحتوي على بعض العناصر الغذائية المهمة بالإضافة إلى الكربون، وتشكّل بيئةً مثاليةً لديدان الأرض والفطريات المهمة. تقول دين في هذا الصدد: «أفضّل ترك الأوراق الميتة على الأرض بدلاً من جمعها ورميها بعيداً، لأنها بمثابة عملية إعادة تدويرٍ طبيعية»، كما توجد في العديد من المجتمعات المحلية منشآتٌ لتحضير السماد العضوي، أو يمكنك تحضيره بنفسك من فضلات الطعام إذا أردت ذلك.
5. شراء نباتات «فائقة» لحديقتك في المستقبل
يعمل معهد «سالك» على مشروع يسمى «مبادرة تسخير النباتات»؛ والذي يتضمن في جزءٍ منه تصميم نباتاتٍ عن طريق التحسين الوراثي لإكسابها صفاتٍ تزيد من قدرتها على امتصاص المزيد من الكربون. يركّز العلماء في المعهد حالياً على نباتات المحاصيل؛ مثل الذرة وفول الصويا والكانولا والأرز؛ لكنهم يقولون إنهم يأملون في نقل هذه الصفات إلى نباتاتٍ أخرى في المستقبل. قد تكون النباتات الفائقة لحديقتك حقيقةً واقعةً يوماً ما.
6. أفكارٌ كبيرة؛ لكن لا تتجاهل الأشياء الصغيرة
في النهاية؛ شجرة أو شجرتان لن تكفي لتعويض إجمالي انبعاثاتنا من الكربون. يقول ساجور: «لا توجد لدى أحدنا حديقةٌ كبيرة بما يكفي لإحداث فرقٍ في مناخ كوكبنا. إذا كنت وخيارات سياسية واضحة يمكنك اتباعها وسيكون لها تأثير أكبر، ومع ذلك؛ من المهم أن تفعل ما بوسعك، فبالرغم من أن تأثير عملك الفردي لن يوقف أو يعكس آثار تغيّر المناخ؛ لكن حديقة عزل الكربون لن تحتاج سوى القليل من الجهد والتسميد والسقاية؛ ما يوفّر عليك الوقت والمال، كما أن العناية بهذه المساحة الصغيرة التي تمتلكها على هذا الكوكب لن يضر عموماً».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً