تنبض عضلة القلب بلا توقف، وتعمل بلا هوادة، لتضخ الدم في كافة أنحاء جسدك؛ لتصل المغذيات إلى كل خلية فيه، وتبقيك على قيد الحياة، كيف تستطيع هذه المضخة التي لها حجم قبضة اليد أن تفعل ذلك؟ اقرأ السطور التالية لمعرفة كيف يعمل القلب.
جهاز الدوران
يعتبر القلب الجزء الأساسي من جهاز الدوران؛ الذي يتكون من القلب والأوعية الدموية، فهو المضخة التي تضخ الدم في الأوعية الدموية؛ التي توصله بدورها إلى كافة أنحاء الجسم، وتعيد الدم أيضاً إلى القلب. يبلغ طول الأوعية الدموية في الجسم حوالي 100 كيلو متر، ولها أنواع ثلاثة، وبالرغم من أنها جميعها لها وظيفة نقل الدم، إلا أن طبيعة الدم المنقول عبرها مختلفة:
الشرايين
أكبر وأقوى الأوعية الدموية، تبدأ بالشريان الأبهر؛ أو الوتين، وهو الشريان الكبير الذي يغادر القلب. تنقل الشرايين الدم الغني بالأكسجين بعيداً عن القلب إلى جميع أعضاء الجسم، وتتفرع عدة مرات، وتصبح أصغر وأصغر؛ مشكّلةً الشعيرات الدموية الدقيقة.
الشعيرات الدموية
أوعية دموية صغيرة ورقيقة تصل الشرايين بالأوردة، تسمح جدرانها الرقيقة للأكسجين والمواد المغذية وثاني أكسيد الكربون والمخلفات الأخرى بالمرور من وإلى خلايا الأعضاء.
الأوردة
هي الأوعية الدموية التي تحمل الدم من كافة أنحاء الجسم وتعيده إلى القلب، تحتوي دماً فيه نسبة منخفضة من الأكسجين، وغني بغاز ثنائي أكسيد الكربون والمخلّفات التي يريد الجسم التخلص منها. تصبح الأوردة أكبر وأكبر كلما اقتربت من القلب، وتدخل القلب عبر الوريد الأجوف العلوي؛ هو الوريد الكبير الذي ينقل الدم من الرأس والذراعين إلى القلب، والوريد الأجوف السفلي؛ الذي ينقل الدم من البطن والساقين إلى القلب.
القلب عضلة لا تتعب
القلب عضلة مدهشة بحجم قبضة اليد، تعمل بلا إرادة منا دون توقف. يضخ القلب الأكسجين والدم الغني بالمغذيات في جميع أنحاء الجسم للحفاظ على الحياة، وينبض 100 ألف مرة في اليوم؛ ضاخاً 5 أو 6 لتر من الدم كل دقيقة. يقع القلب داخل القفص الصدري، على يسار عظمة القص التي تحميه، وبين الرئتين.
خلايا القلب خلايا عضلية مخططة لا إرادية وفريدة من نوعها؛ لا مثيل لها في أية عضلة في الجسم. تنقبض الجدران العضلية القوية لتضخ الدم إلى الجسم، توجد على سطح القلب شرايين تاجية تمد عضلة القلب نفسها بالدم الغني بالأكسجين، أما الأوعية الدموية الرئيسية التي تدخل القلب هي الوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي والأوردة الرئوية. يخرج الشريان الرئوي من القلب وينقل الدم المفتقر إلى الأكسجين إلى الرئتين، كما يخرج الشريان الأبهر ويحمل الدم الغني بالأكسجين إلى باقي أجزاء الجسم.
أجزاء القلب
من الداخل، القلب عبارة عن عضو أجوف مكون من أربع حجرات. ينقسم إلى قسمين؛ أيسر وأيمن، بواسطة جدار عضلي يمنع مزج الدم بين قسمي القلب. ينقسم هذان القسمان بدورهما إلى حجرتين علويتين؛ هما الأذينتان اللتان تستقبلان الدم من الأوردة، وحجرتين سفليتين؛ هما البطينان اللذان يضخان الدم إلى الشرايين. عندما تعمل الأذينتان يرتاح البطينان، وبالعكس؛ عندما يعمل البطينان ترتاح الأذينتان، وهذه العملية العكسية بينهما تؤدي إلى ضخ الدم خارج القلب.
عندما يخرج الدم من كل حجرة من حجراته، فإنه يمر عبر صمام يسمح له بالمرور في اتجاه واحد، ويمنعه من العودة عبر الصمام نفسه. توجد أربع صمامات للقلب تفصل بين الحجرات: الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرف الواقعان بين الأذينتين والبطينين، والصمام الأبهري والصمام الرئوي بين البطينين والأوعية الدموية الرئيسية الخارجة من القلب.
كيف يعمل القلب؟
يضخ القلب الدم ويستقبله من جميع أنحاء الجسم في عملية تسمى الدورة الدموية، وللدورة الدموية نوعان؛ صُغرى وكبرى، تختلفان بنوعية الدم الذي تنقلانه من وإلى القلب.
الدورة الدموية الكبرى
تبدأ من الأذينة اليسرى؛ حيث تفرَّغ الأوردة الرئوية فيه الدم الغني بالأكسجين القادم من الرئتين. عندما تتقلص الأذينة، يتدفق الدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر عبر الصمام التاجي المفتوح، وعندما يمتلئ البطين بالدم، ينغلق الصمام التاجي؛ ما يمنع الدم من التدفق للخلف إلى الأذينة بينما يتقلص البطين. عندما ينقبض البطين، يخرج الدم من القلب عبر الصمام الأبهري إلى الشريان الأبهر؛ ناقلاً الدم الغني بالأوكسجين والمغذيات إلى جميع أنحاء الجسم.
الدورة الدموية الصغرى
يعود الدم المحمل بغاز ثنائي أكسيد الكربون من كافة أنحاء الجسم، ليدخل إلى القلب عبر الوريدين الأجوفين السفلي والعلوي، إلى الأذينة اليمنى للقلب، وعندما تتقلص الأذينة اليمنى، يتدفق الدم منها إلى البطين الأيمن عبر الصمام ثلاثي الشرف المفتوح، وحين يمتلئ البطين، ينغلق الصمام ثلاثي الشرفات؛ هذا يمنع الدم من التدفق للخلف إلى الأذينيتن بينما يتقلص البطين. عندما ينقبض البطين، يخرج الدم من القلب عبر الصمام الرئوي، إلى الشريان الرئوي الذي ينقل بدوره الدم المحمَّل بغاز ثنائي أكسيد الكربون إلى الرئتين؛ حيث يتأكسد فيهما ثم يعود إلى الأذينة اليسرى عبر الأوردة الرئوية؛ لذلك تُعرف هذه الدورة باسم الدورة الرئوية أيضاً.
جهاز التحكم بآلية عمل القلب
لتعمل كلتا الأذينتان معاً، ويعمل كلا البطينان معاً، ويتعاقبا ويسترخيا بالتناوب لضخ الدم عبر القلب، يحتاج القلب إلى جهاز تحكم يضبط هذه العملية، ويتم ذلك عبر ما يُعرف بالنظام الكهربائي للقلب؛ وهو مصدر الطاقة الذي يجعل ذلك ممكناً، وتعمل نبضات القلب عن طريق نبضات كهربائية تنتقل وفق مسار خاص عبر القلب.
يبدأ ذلك في حزمة صغيرة من الخلايا المتخصصة تسمى العقدة الجيبية الأذينية، وتقع في الأذينة اليمنى، وتُعرف هذه العقدة بجهاز تنظيم ضربات القلب الطبيعي. ينتشر النشاط الكهربائي عبر جدران الأذينتين ويؤدي إلى تقلصهما، كما توجد أيضاً مجموعة من الخلايا في وسط القلب بين الأذينتين والبطينين؛ تسمى العقدة الأذينية البطينية، وهي تشبه البوابة التي تبطئ الإشارة الكهربائية قبل أن تدخل البطينين، ويمنح هذا التأخير الأذينتين وقتاً للانقباض قبل أن يتقلص البطينان.
اقرأ أيضاً: العضو الأكثر تعقيداً: كيف يعمل العقل؟