لماذا سيؤدي قياس كتلة بوزون دبليو إلى إعادة صياغة نظريات فيزياء الجسيمات؟

2 دقائق
لماذا سيؤدي قياس كتلة بوزون دبليو إلى إعادة صياغة نظريات فيزياء الجسيمات؟
حقوق الصورة: شترستوك

عند السؤال عن وحدة بناء المادة، تأتي الإجابة فوراً "إنها الذرة"، وعلى الرغم من أنّ هذه الذرة لا تُرى بالعين المجردة وتحتاج إلى تقنيات لرؤيتها، إلا أنها تحتوي بداخلها على جسيمات أصغر، تُسمى بـ "الجسيمات دون الذرية" من ضمنها: الكوارك والبوزون واللبتون، ويُطلق عليها الجسيمات الأولية، فهي لا تحتوي بداخلها على جسيمات أصغر، ما يجعلها مناسبة لكي تكون وحدات بناء المواد الأخرى المكونة للكون. لكن هناك العديد من علامات الاستفهام حول هذه الجسيمات الأولية، ما يجعلها محط اهتمام للعلماء والدارسين. 

جسيم بوزون دبليو 

اكتشفت مجموعة من العلماء في "كاشف مصادم فيرميلاب" (Collider Detector at Firmilab) أنّ كتلة جسيم بوزون "دبليو" (W) أثقل من الكتلة التي توقعتها نظرية النموذج العياري، علماً بأنّ هذه النظرية نشأت لأول مرة قبل 40 عاماً، مختصة بعالم الجسيمات الأولية تصف 3 قوى وهي: القوة الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة والنووية القوية. ما يعني أنّ هذا الاكتشاف قد يغير الكثير من المفاهيم الخاصة بالجسيمات الأولية، ونُشرت الدراسة في دورية "ساينس" (Science) في يوم 7 أبريل/نيسان 2022. 

وتعمل البوزونات كحامل للقوى. على سبيل المثال، بوزون دبليو، يعمل كحامل للقوة النووية الضعيفة، وسُمي بهذا الاسم لأن الحرف دبليو (W) هو الحرف الأول من كلمة "ضعيفة" (Weak) في إشارة للقوة النووية الضعيفة. 

يُعد بوزون دبليو واحداً من أهم الجسيمات الأولية، ويحظى بمنزلة خاصة عند علماء الفيزياء منذ أن تم اكتشافه لأول مرة في عام 1983، وعمل عدد كبير من العلماء على قياس كتلته، واتفقوا جميعاً على قياس محدد له، ما عزز صحة نظرية النموذج العياري. لكن في نفس الوقت، وجدوا أنّ هذا النموذج لا يعطي تفسيرات كافية للجاذبية أو المادة المظلمة التي تشكل 85 % من الكون، ما جعل العلماء يشككون في دقته، وراحوا يبحثون عن نظريات جديدة، تحتوي على تفسيرات مقنعة لكل هذه التساؤلات. 

اقرأ أيضاً: الفيزياء هي المتورطة في توقف البطاريات عن العمل

قياس جديد لبوزون دبليو 

استخدم الباحثون بيانات من  مسرع تيفاترون (Tevatron) للجسيمات الأولية في إلينوي بالولايات المتحدة الأميركية، وأعادوا قياس كتلة بوزون دبليو، ووجدوا أنها تُعادل 80.4335 جيجا إلكترون فولت، وكان من المتعارف عليه أنّ كتلة بوزون دبليو تبلغ 80.379 جيجا إلكترون فولت. ربما يبدو الفرق صغيراً نسبياً، ولكنه مهم، وبناءً عليه قد تتغير العديد من المفاهيم. 

وقد استطاع العلماء قياس بوزون دبليو من جديد من خلال تصادم حزم من البروتونات والبروتونات المضادة، ثم تحليل الجسيمات الناتجة عن هذا الاصطدام. استغرقت عملية التحليل هذه ما يزيد عن عقد من الزمن بسبب تعقيد العملية، حيث تضمحل بوزونات دبليو بسرعة كبيرة إلى جسيمات أخرى مثل: الإلكترونات والإلكترون نيوترينو والميوون وميوون نيوترينو. إضافة إلى ذلك، يحتاج تصادم البروتونات الذي يكون بوزون دبليو إلى طاقة عالية جداً. 

لكن النتيجة النهائية أحدثت ضجة في المجتمعات العلمية المهتمة بالفيزياء والجسيمات دون الذرية خاصة، وصرح عدد كبير من العلماء بأنهم متحمسون للنتائج التي ستُعطيهم فهماً أوسع لهذه الجسيمات. وبناءً عليه، يستطيع العلماء وضع العديد من النظريات المنطقية التي تعزز فهمنا للكون بصورة أوضح. فعلى الرغم من أنّ نتيجة هذا الاكتشاف استغرقت ما قد يزيد عن 10 سنوات من العمل الجاد، ولكن الاكتشاف ضروري، وقد يفتح الباب أمام كثير من الاكتشافات الأخرى التي تكشف الستار عن عالم الجسيمات دون الذرية، ذلك العالم المحير. 

المحتوى محمي