أحدث 7 اكتشافات وإنجازات علمية في عام 2023

أحدث 7 اكتشافات وإنجازات علمية في عام 2023
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Butusova Elena

يتسم المشهد العلمي لعام 2023 باكتشافات رائدة تدفع البشرية إلى أماكن واعدة في العديد من المجالات. فمن براعة الذكاء الاصطناعي غير المسبوقة إلى رسم الخرائط المعقدة لأدمغة الحشرات وتصميم روبوتات حية من خلايا بشرية، وغيرها من الاكتشافات، لا يمكن القول سوى إن هذا العام قد شهد طفرة في الابتكار مع وجود بصمة للذكاء الاصطناعي في العديد من الأبحاث. وحتى لا يفوتك أين وصل العالم في مجال البحث العلمي، إليك بعضاً من أهم الاكتشافات العلمية لعام 2023.

أحدث الاكتشافات العلمية في 2023

1- رسم أول خريطة عصبية كاملة لدماغ حشرة

نجح باحثون من جامعة كامبريدج في رسم أول خريطة عصبية كاملة لدماغ يرقة ذبابة الفاكهة. تشمل الخريطة 3016 خلية عصبية و548,000 نقطة تشابك عصبي، ما يجعلها أكبر شبكة عصبية كاملة رُسِمت على الإطلاق لدماغ حشرة، وتشكّل تقدماً كبيراً في المجال مقارنة بالأعمال السابقة التي أنشأت خرائط لهياكل دماغية بسيطة تضم عدة مئات فقط من الخلايا العصبية.

سيساعد هذا البحث العلماء على التعمق في الشبكة العصبية المعقدة، وفهم الآليات العصبية الأساسية التي تحكم نقل الإشارات العصبية في الدماغ، وكيفية تأثيرها في السلوك والتعلم. نُشِرت الدراسة في دورية ساينس (Science) في مارس/آذار 2023.

اقرأ أيضاً: علاج جيني جديد للقضاء على نوع عدواني وقاتل من السرطانات الدماغية

2- تلسكوب جيمس ويب يكتشف جزيئاً كربونياً مهماً في الفضاء

استطاع فريق دولي من الباحثين، بقيادة أوليفيه بيرنيه (Olivier Berné) من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي في تولوز، اكتشاف مُركّب كربوني جديد في الفضاء أول مرة باستخدام تلسكوب جيمس ويب. يُعرف هذا الجزيء باسم الميثيل كاتيون (Methyl cation) وهو جزيء مهم يساعد على تكوين جزيئات أكثر تعقيداً تعتمد على الكربون، وقد اُكتشف في نظام نجمي شاب، مع قرص لولبي أولي، يقع في سديم الجبار ويبعد نحو 1,350 سنة ضوئية عن الأرض. يُعد هذا الاكتشاف مثيراً للاهتمام خصوصاً بالنسبة للعلماء الذين يعملون على فهم كيفية تطور الحياة على الأرض، وكيف يمكن أن تتطور في مكان آخر في الكون؛ إذ تُعد مركبات الكربون أساس أشكال الحياة المعروفة كافة. 

اقرأ أيضاً: ناسا تنشر صوراً مذهلة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لأعماق الكون

3- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مضاد حيوي جديد يقضي على بكتيريا "خارقة"

استطاعت مجموعة من العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology) وجامعة ماكماستر الكندية (McMaster University) باستخدام خوارزمية تعلم آلي اكتشاف مضاد حيوي جديد يمكنه قتل نوع بكتيري مقاوِم للمضادات الحيوية. تُدعى هذه البكتيريا بالراكدة البومانية Acinetobacter baumannii، وتُعد من أنواع البكتيريا المعدية الخارقة الشديدة الخطورة؛ إذ تستطيع مقاومة معظم المضادات الحيوية والأدوية التي تُستخدم في علاج العدوى الناتجة عنها. توجد غالباً في المستشفيات على مقابض الأبواب وأسطح المعدات الطبية، وتسبب الإصابة بالالتهاب الرئوي والالتهاب السحائي وغيرها من الأمراض الخطيرة. 

لجأ الباحثون في البداية إلى تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي، إذ اختبروا تأثير آلاف الأدوية ذات التركيب الكيميائي المحدد على هذه البكتيريا، وذلك لمعرفة أي نوع يمكنه قتل هذه البكتيريا أو إبطاء نموها، ثم زوّدوا نموذج الذكاء الاصطناعي بهذه البيانات، ليتمكن من تقييم قدرة المركبات الكيميائية على منع نمو البكتيريا. بعد ذلك، عرض الباحثون قائمة تضم نحو 7000 مُركّب دوائي محتمل ذي فاعلية غير معروفة على نموذج الذكاء الاصطناعي المدرَّب. وفي أقل من ساعتين، أسفر التحليل عن بضع مئات من أفضل النتائج، ومن بينها اختار الباحثون 240 مُركباً لاختباره في المختبر.

ثم أسفرت التجارب المخبرية عن 9 مضادات حيوية، منها مضاد قوي جداً تبين أنه صُمِم أساساً بمثابة دواء محتمل لمرضى السكري، لكن وُجِد أن له تأثيراً فعّالاً جداً في قتل بكتيريا الراكدة البومانية دون أن يؤثّر في أنواع أخرى من البكتيريا. وتُعد قدرة القتل ضيقة الطيف هذه ميزة مرغوبة في المضادات الحيوية؛ لأنها تقلل خطر انتشار خاصية المقاوَمة عند البكتيريا الأخرى، بالإضافة إلى ذلك من المحتمل أن يتجنب هذا الدواء قتل البكتيريا المفيدة التي تعيش في الأمعاء البشرية، ويساعد أيضاً على قمع العدوى الانتهازية، ما يمنع الاصابة بعدوى ثانوية. نُشِرت هذه الدراسة في دورية "نيتشر كيميكال بايولوجي" (Nature Chemical Biology) في مايو/ أيار 2023.

4- علماء يصممون روبوتات بيولوجية صغيرة من خلايا بشرية

حقق العلماء اكتشافاً مهماً في مجال علم الأحياء؛ حيث طوّر فريقٌ في جامعة تافتس (Tufts University) ومعهد ويس (Wyss Institute) بجامعة هارفارد (Harvard University) روبوتات حية صغيرة من الخلايا البشرية، اُطلق عليها اسم "الأنثروبوتس" (Anthrobots). صُنِعت هذه الروبوتات من خلايا القصبة الهوائية البشرية المغطاة بالأهداب، تتراوح أبعادها بين 30-500 ميكرون (عرض شعرة إنسان إلى نقطة قلم رصاص)، وقد كانت قادرة على التجمع الذاتي والتحرك في طبق المختبر من تلقاء نفسها، والمساعدة على شفاء الجروح التي تنشأ في الخلايا العصبية.

يعتمد البحث على أعمال سابقة أدّت إلى إنشاء أول روبوتات حية "كزينوبوتس" (Xenobots) من خلايا جذعية لأجنة الضفدع الإفريقي ذي المخالب، لكن وعلى عكس الكزينوبوتس، فإن الروبوتات الحديثة المصنوعة من خلايا البشرية تكون غير معدّلة وراثياً، ما يفتح الآفاق أمام قدراتٍ غير متوقعة من حيث الحركة والاستخدامات العلاجية.

 أظهرت الروبوتات القدرة على تشجيع نمو الخلايا العصبية، وتعزيز التطبيقات المحتملة في شفاء الأنسجة العصبية. علاوة على ذلك، فإن تصنيعها من الخلايا البشرية يسمح باستخدام خلايا المريض الخاصة في العمل العلاجي دون إثارة استجابات مناعية. يفتح هذا الاكتشاف إمكانات واسعة لتطبيقات مختلفة، مثل إزالة الترسبات المتراكمة في الشرايين، وإصلاح الحبل الشوكي أو تلف أعصاب الشبكية، والتعرف إلى البكتيريا أو الخلايا السرطانية، وتوصيل الأدوية إلى الأنسجة المستهدفة.

يذكر أن هذه الروبوتات تدوم بضعة أسابيع داخل الجسم قبل أن تتحلل طبيعياً وتُمتص، بالإضافة إلى أنها لا تستطيع البقاء على قيد الحياة خارج الجسم إلّا في ظروف مخبرية محددة جداً (تبقى 45-60 يوماً على قيد الحياة في المختبر قبل التدهور الطبيعي)، ولا يوجد خطر من التعرض لها أو انتشارها غير المقصود خارج المختبر، بالإضافة إلى أنها لا تتكاثر ولا تحتوي على أي تعديلات جينية. نُشِرت هذه الدراسة في دورية العلوم المتقدمة (Advanced Science) في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

اقرأ أيضاً: كبسولة مغناطيسية يمكن أن تكون بديلاً لعملية التنظير الهضمي المزعجة

5- العمل على تطوير اللقاحات العكسية

ربما يكون عام 2023 بارقة الأمل بالنسبة لمرضى المناعة الذاتية؛ إذ يعمل الباحثون على تطوير "اللقاحات العكسية" في محاولة لمعالجة اضطرابات المناعة الذاتية؛ وهي حالات يحدث فيها أن يستهدف الجهاز المناعي عن طريق الخطأ أنسجة الجسم، وذلك بسبب استجابة الخلايا المناعية للمستضدات الذاتية (وهي جزيئات من خلايا الجسم نفسه).

وعلى عكس اللقاحات التقليدية التي تحفّز الاستجابات المناعية، تهدف اللقاحات العكسية إلى تثبيط هذه الاستجابات، إذ تقترح الدراسة تطوير لقاحات تحتوي على مستضدات تشبه المستضدات الذاتية، وتوجيه هذه المستضدات الذاتية المحتملة إلى الكبد، حيث تُفسَّر هناك الرسالة وتقديمها إلى الخلايا التائية والبائية، الخلايا المناعية التي تكافح العدوى، لإخبارها بما يجب ألّا تدمره وتخفيف حدة هجومها على أنسجة الجسم.

تسعى هذه الاستراتيجية المبتكرة إلى استعادة التوازن المناعي، ما قد يوفّر الراحة للمتضررين من أمراض المناعة الذاتية. في حين أن مفهوم اللقاحات العكسية لا يزال في مراحله الأولى، فإن النتائج تبشّر بتطوير علاجات مستهدفة يمكن أن تحدث ثورة في علاج اضطرابات المناعة الذاتية. نُشِرت الدراسة في مجلة "نيتشر بايوكيميكال إنجينيرينغ"(Nature Biomedical Engineering) في سبتمبر/أيلول 2023.

6- اكتشاف طريقة لامتصاص ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الجو وتحويله إلى صودا الخبز وتخزينه في البحر

استطاع فريقٌ من العلماء من جامعة ليهاي الأميركية (Lehigh University) وجامعة تيانجين الصينية (Tianjin University) اكتشاف مادة ماصة هجينة مشتقة من التفاعلات بين المركبات الحمضية والقلوية، وتتألف من مُركّب متعدد الأمينات وأيونات النحاس. يتميز مُركّب البوليامين-نحاس بقدرة عالية على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الجو؛ حيث يعمل الجزيء متعدد الأمينات على محاصرة جزيئات ثاني أوكسيد الكربون على نحو انتقائي، في حين تساعد أيونات نحاس على عمليات الامتصاص والامتزاز.

تتميز هذه المادة بقدرتها العالية على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون التي تفوق قدرة الطرق المستخدمة سابقاً بـ 3 مرات تقريباً. بالإضافة إلى إمكانية استخدام مياه البحر (محاليل ملحية بسيطة) من أجل تحويل ثاني أوكسيد الكربون الممتص إلى شكل قلوي (بيكربونات الصوديوم أو ما يُعرف بصودا الخبز)، دون الحاجة إلى طاقة حرارية إضافية في هذه المرحلة وبتكلفة زهيدة.

ونظراً لأن زيادة تركيز بيكربونات الصوديوم في المحاليل الملحية تُعدُّ أمراً آمناً بيئياً في حال المحافظة على مستويات ملوحة ثابتة للمحلول، يمكن استخدام مياه المحيطات أو البحار ببساطة وأمان لتخزن ثاني أوكسيد الكربون المحتجز. تتوافق هذه الممارسة المستدامة مع المعايير البيئية، وتوفّر وسيلة مسؤولة وفعالة لإعادة المركبات الثانوية إلى المحيط دون آثار سلبية، ما يسهم في الجدوى الشاملة لأساليب احتجاز الكربون وعزله. يلقى هذا النهج على الرغم من أنه ما زال في مراحله الأولى ترحيباً من قِبل المتخصصين الآخرين في هذا المجال. نُشِرت الدراسة في دورية ساينس أدفانسيس (Science Advances) في مارس/آذار 2023.

7- نموذج ذكاء اصطناعي يستطيع قراءة الأفكار

استطاع فريقٌ من الباحثين ابتكار جهاز فك تشفير يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه تحويل نشاط دماغي لشخصٍ إلى نص، وفقاً لدراسة بحثية منشورة في مجلة نيتشر نيوروساينس (Nature Neuroscience) في مايو/ أيار 2023. وتُعد وحدة فك الترميز هذه غير جراحية ولا تتطلب أي عمليات زرع جراحية، وتستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها تشات جي بي تي، حيث مسحت نشاط الدماغ بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، ثم تنبأت بالكلمات التي كان الشخص يستمع إليها. يأمل العلماء في استخدام هذا الابتكار من أجل مساعدة غير القادرين على التواصل.

لا يسعنا ذكر الاكتشافات العلمية جميعها التي حُقِقت في هذا العام، لكن هذا كان بعضاً من أهمها، عسى أن يحمل العام القادم اكتشافات أكثر إبداعاً.

المحتوى محمي