عندما تفقد خلية عصبية اتصالها بالخلايا المجاورة لها، لا يمكن إصلاح هذا الأمر عادةً. لكن العلماء، وفي بحثٍ جديد، وجدوا طريقةً لإعادة إحياء تواصل الخلايا العصبية الحساسة للضوء في شبكية العين البشرية المأخوذة من أعين المتبرعين بعد الوفاة.
نجاح عملية استعادة النبضات الكهربائية للمستقبلات الضوئية في البقعة الصفراء
في الحقيقة، تستمر العين في الاستجابة للضوء حتى 5 ساعاتٍ بعد الوفاة. لكن الخلايا الحساسة للضوء، والتي تُدعى المستقبلات الضوئية، لا يمكنها الاتصال بخلايا الشبكية الأخرى، لذا فهي عديمة الفائدة بشكلٍ أساسي. تمكن فريق من الباحثين من أخذ عيون بشرية من متبرع توفي حديثاً مستخدمين حاوية مخصصة لنقل العينين بحيث تحافظ على الأوكسجين وتغذية العين أثناء النقل. عندما قام الفريق بعد ذلك بتحفيز شبكية العين كهربائياً، تمكنوا من استعادة النبضات الكهربائية الطبيعية للمستقبلات الضوئية في البقعة الصفراء، وهي منطقة في شبكية العين البشرية مسؤولة عن مجال رؤيتنا المركزي. نشرت نتائج البحث، والذي يُعتبر البحث العلمي الأول من نوعه حول تشريح عين مأخوذة من شخصٍ بعد وفاته، في دورية "نيتشر" يوم الأربعاء.
اقرأ أيضاً: باحثون ينجحون في صنع شبكية عين اصطناعية فعالة
يقول فرانس فينبيرج، مؤلف الدراسة والأستاذ المساعد في طب العيون بجامعة يوتا، في بيان: «لقد تمكنا من إعادة التواصل بين خلايا الشبكية بنفس الطريقة التي تتواصل بها الخلايا الحية لمساعدتنا على الرؤية. لقد استعادت الدراسات السابقة النشاط الكهربائي، ولكن بشكلٍ محدود جداً، في عيون المتبرعين بالأعضاء، ولكن ذلك لم يتحقق أبداً في البقعة الصفراء، ولم يتحقق مطلقاً بالقدر الذي التي أظهرناه الآن».
هناك الكثير من الأبحاث التي تُجرى حول فقدان الرؤية باستخدام الفئران أو الحيوانات الأخرى. لكن لا يوجد لدى الفئران بقعة صفراء في العين مثل البشر، لذا فإن نتائج الأبحاث على هذه النماذج الحيوانية لا تتطابق بشكل كامل مع الرؤية البشرية. يمكن لهذه الأساليب الجديدة أن توسع إمكانيات البحث حول الرؤية البشرية. وقد تبشر أيضاً بمستقبلٍ يمكن فيه عكس فقدان الرؤية الناجم عن التنكس البقعي وحالات التنكس العصبي الأخرى.
فرص واعدة في أبحاث فقدان الرؤية مستقبلاً
ويضيف فينبيرج: «يمكن للمجتمع العلمي الآن دراسة الرؤية البشرية بطرق غير ممكنة مع حيوانات المختبر. ونأمل أن يحفز ذلك الجمعيات المانحة للأعضاء والمتبرعين بها وبنوك العيون على إدراك الفرص الجديدة المثيرة التي يتيحها هذا النوع من الأبحاث».
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يعد التنكس البقعي المرتبط بالعمر أحد الأسباب الرئيسية للعمى في جميع أنحاء العالم، وهو السبب الرئيسي لضعف الرؤية والعمى بين الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وأكثر.
وتقول فاطمة عباس، عالمة الأعصاب بجامعة يوتا والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة، لموقع إذاعة "كي إس إل": «إن مجرد القدرة على أخذ أعين المتبرعين سليمةً وفهم كيفية عمل شبكية العين البشرية، وعلى وجه التحديد، آلية حدوث هذه الأمراض هو أمر ضخم حقاً».
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن النقطة العمياء في العين؟
إلى جانب التنكس العصبي في العين، يمكن أن تُظهر الأعمال المستقبلية المبنية على هذا البحث كيف تموت الخلايا العصبية وكيف يمكننا إحياؤها للحفاظ على وظيفتها أو استعادة وظيفتها في المستقبل. واعتماداً على شبكية العين كنموذجٍ للجهاز العصبي بشكلٍ عام، يمكن أن تتحدى منهجيات فريق البحث مشكلة عدم عكوسية موت الخلايا العصبية.