خطوة نحو علاج العقم: تعديل جيني لفئران عقيمة يمكنها من إنتاج نطاف جرذان

4 دقائق
خطوة نحو علاج العقم: تعديل جيني لفئران عقيمة يمكنها من إنتاج نطاف جرذان
قد تساعد تكنولوجيا إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات في المختبر على إنقاذ تجمعات الأنواع المهددة بالانقراض عندما يكون ذلك متعذراً في البرية. ديبوزيت فوتوز

نجح علماء الأحياء في تعديل حيوانات جينياً لتنتج حيوانات منوية لنوع مختلف، ما جعل تكنولوجيا إكثار الحيوانات مخبرياً اعتماداً على الحمض النووي الحيواني فقط تتقدم خطوة للأمام. على الرغم من أن هذه الطريقة ربما تتيح إعادة بناء مجموعات مهددة بالانقراض أو حتى إعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة، فإنه لا داعي للقلق، ستبقى الحيوانات العملاقة التي شاهدتها في فيلم "جوراسيك بارك" ضرباً من الخيال.  

تعديل جيني للفئران

أظهر بحث جديد نُشر مؤخراً في مجلة "ستيم سيل ريبورتس" أنه من الممكن إنتاج نطاف الجرذان بواسطة فئران هجينة عقيمة. على الرغم من أن هذه الطريقة لا تزال بحاجة إلى تحسين، فإن مؤلفي الدراسة يقولون إن نهج "زرع الكيسة الأريمية"، والذي ينطوي على إضافة الخلايا الجذعية المعدلة جينياً من أحد الأنواع إلى أجنة أنواع أخرى، يمكنه تعزيز الأنواع المهددة بالانقراض. إذا كانت الأنواع المهددة بالانقراض غير قادرة على الحفاظ على أعدادها ضمن الحدود المقبولة، يمكن الاعتماد على توليد بويضاتها ونطافها في المختبر كأداة جديدة لزيادة أعدادها. 

اقرأ أيضاً: تقنية كريسبر للتعديل الجيني تنجح في تخفيض مستويات بروتينات شاذة مسببة للأمراض في الدم

استخدم الفريق الخلايا الجذعية، خصوصاً الخلايا الجذعية متعددة القدرات. تُعتبر الخلايا الجذعية المادة الخام التي تشكّل جميع أنواع الخلايا، ولكن يمكن للخلايا الجذعية متعددة القدرات إنتاج أكبر عدد ممكن من أنواع الخلايا المختلفة. تتطور هذه الخلايا بشكلٍ طبيعي في الأجنة فقط، ولكن من الممكن أيضاً أن تتحول أنواع أخرى من الخلايا، كتلك المأخوذة من عينات الأنسجة العادية، إلى خلايا جذعية متعددة القدرات، ما يوفر للعلماء مصدراً يمكن الوصول إليه بسهولة أكبر لتنمية هذه الخلايا الجذعية مخبرياً. عند إضافتها إلى الأجنة المعقمة لكائن حي آخر، تتحول هذه الخلايا الجذعية في النهاية إلى خلايا جرثومية على غرار الحيوانات المنوية أو البويضات. 

تعديل جيني لإنتاج نطاف الجرذان العقيمة
صورة مجهرية لأجنة خيمر الفأر-الجرذ المجمدة في المختبر. جويل زفيك/المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ

يقول عالم الأحياء في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ وأحد مؤلفي الدراسة، أوري بار نور: «لقد أثبت بحث سابق أنه يمكن بالفعل إنتاج الحيوانات المنوية للجرذان في الفئران باستخدام الخلايا الجذعية متعددة القدرات». تنطوي العملية على تخليق كائن "الخيمر" (chimera)، وهو هجين وراثي اصطناعي من حيوانات متعددة، وفي هذه الحالة، من الفئران والجرذان. لكن التجارب السابقة على خيمر الفأر-الجرذ أنتجت الحيوانات المنوية للفئران والجرذان، ما أعطى مزيجاً من الحيوانات المنوية كان من الصعب تمييزها وعزلها واستخدامها. على عكس هذه التجارب السابقة، استخدم بار نور وفريقه فئراناً عقيمة وراثياً، وقاموا بإضافة الخلايا الجذعية متعددة القدرات من الجرذ إلى جنين الفأر العقيم في مرحلةٍ معينة من تطوره (في مرحلة الكيسة الأريمية في هذه الحالة)، ما سمح لخيمر الفأر-الجرذ بإنتاج الحيوانات المنوية للجرذ فقط.

يقول باحث ما بعد الدكتوراة في بيولوجيا الخلايا الجذعية بجامعة روكفلر وغير المشارك في الدراسة، كيفن غونزاليس: «تمت إزالة إحدى العقبات، خاصة إذا كان من الممكن أن تنجح العملية في الأنواع الأخرى». 

اقرأ أيضاً: استخدام الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر لدراسة التطوّر الجنيني

ومع ذلك، لم يكن هذا النهج الجديد ناجحاً تماماً. إذ يمكن للحيوانات المنوية التي ينتجها الخيمر أن تخصب بيوض الجرذان، ولكن بمعدل منخفض نسبياً، ولم تتطور الأجنة الناتجة إلى ذرية حية. لم يكن بار نور وفريقه متأكدين من سبب ذلك، لكنهم يشتبهون في أن ذلك يعود إلى تجميد الأجنة وإذابتها، الأمر الذي من شأنه تقليل قابليتها للحياة. يقول بار نور: «إنه شيء ما زال يتعين علينا التحقيق فيه والعمل عليه». 

ومع ذلك، يقول غونزاليس إن قدرة الفريق على هندسة الخيمر الذي ينتج حيوانات منوية لنوع آخر مختلف حصراً هي تقدم واعد لمستقبل استخدام تكنولوجيا إكثار الخلايا الجذعية في جهود الحفظ. إن استمرار هذا النوع من البحث يمكن أن يسهم في إعادة بناء تجمعات الأنواع المهددة بالانقراض (أو حتى إعادة الأنواع المنقرضة) التي تتناقص أعدادها. في الواقع، يؤدي انخفاض أعداد الأنواع إلى نقص خطير في التنوع الجيني، ما يزيد من خطر انقراضها. يقول بار نور موضحاً: «من المحتمل أن يكون الوصول إلى الحيوانات المنوية صعباً جداً بالنسبة للأنواع المهددة بشدة بخطر الانقراض. ولكن قد تتوفر لدينا عينات من الأنسجة، فإذا تمكنا من تحويلها إلى خلايا جذعية متعددة القدرات ووجدنا نوعاً قريباً من هذه الأنواع من الناحية التطورية، يمكننا في النهاية إعادة بناء تجمعات الأنواع المهددة بالانقراض». 

هل سنتمكن من إعادة الأنواع المنقرضة؟

لا تزال هناك بعض الخطوات التي يتعين اتخاذها قبل التمكن من استخدام هذه التكنولوجيا في الممارسة العملية. أولاً، لا يزال يتعين على علماء الأحياء تطوير كائن حي باستخدام الحيوانات المنوية المنتجة باستخدام هذا النوع الخاص من إكثار الخلايا الجذعية (زرع الكيسة الأريمية). بالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن العلماء حتى الآن من إنتاج بويضات أنثوية بهذه الطريقة، ومع ذلك، يقول بار نور وغونزاليس إن هناك أسباباً تدعوهما للاعتقاد بأن ذلك ممكن. 

وفقاً لغونزاليس، فإن تطبيق هذه التقنية في المستقبل سيعتمد على القدرة على صنع خلايا جذعية متعددة القدرات أو توفرها، ويقول إنه يتم حالياً جمع عينات من أنسجة الأنواع المهددة بالانقراض وحفظها حتى يسهل على المخابر الوصول إليها. ومع ذلك، فإن المفاتيح الجينية المحددة اللازمة لتحويل الخلايا الجذعية العادية إلى خلايا جذعية متعددة القدرات تختلف من نوع لآخر. على سبيل المثال، قد يكون تسلسل الحمض النووي لفئران المختبر معروفاً نسبياً، لكن تسلسل الحمض النووي لنمر نادر قد لا يكون كذلك.

اقرأ أيضاً: الحمض النووي القديم يحل بعض ألغاز حياة البشر الأوائل في إفريقيا

كما تمثل الأجهزة التناسلية للثدييات عقبة أخرى وفقاً لغونزاليس، إذ تحتاج هذه الأنواع إلى مضيفين لحمل أجنتها القابلة للحياة. حتى لو كان من الممكن تكوين خلايا منوية وبويضات ودمجها، فمن غير المعروف ما إذا كان الجنين يمكن أن يتطور بشكل صحي في رحم نوع مختلف حتى لو كان وثيق الصلة به.

قد يبدو أن استعادة الأنواع المنقرضة إلى الحياة، أو حتى إنقاذ الأنواع التي توشك على الانقراض، ممكناً من خلال استخدام هذه التكنولوجيا، لكن لا تزال أمام الباحثين بعض العقبات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح من الممكن تطبيقها عملياً

المحتوى محمي