نجح مركز العلوم العصبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في المملكة العربية السعودية في زراعة شريحة في دماغ طفل مصاب بالصرع، وهذه هي المرة الأولى في الشرق الأوسط التي يتم فيها إجراء كهذا.
يبلغ الطفل من العمر 11 عاماً، ويعاني من الصرع المعنّد غير المستجيب للأدوية، وقد وجد المختصون أنه يمكن علاجه بعد زرع شريحة تخطيط كهربائي في الدماغ بهدف تحديد مناطق البؤر الصرعية في الدماغ لإزالتها لاحقاً، وذلك في إجراء طبي بديل عن الجراحة.
زراعة الشريحة في الدماغ بتقنية التوجه اللمسي
تُنفّذ العملية تحت التخدير العام وبالحد الأدنى من المداخلة الجراحية باستخدام تقنية تُسمّى التوجه اللمسي (Stereoelectroencephalography)، واختصاراً «sEEG». بدايةً، يحدد الأطباء المواضع التي من المعتقد أن تنشأ منها النوبات من خلال المعلومات التي يحصلون عليها من التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسب، ليتم وضع الأقطاب الكهربائية فيها. ثم يتم إنشاء ثقب صغير مساحته 2 مم في عظم الجمجمة، تُزرع من خلاله شرائح تخطيط كهربائي وأسلاك تصل إلى أنسجة لا يمكن الوصول إليها في التقنيات الأخرى، تقيس النشاط الكهربائي داخل الدماغ، وتحدد المناطق التي تنشأ فيها البؤر الصرعية.
يبقى المريض بعد الزراعة تحت المراقبة لأيام، حتى يتم تحديد مصدر النوبة بدقة، بالإضافة إلى تحديد الأنسجة التي يجب استئصالها لإيقاف نوبات الصرع، أو تقليل عدد النوبات وشدتها، كما يتم تحديد أجزاء الدماغ التي يجب الحفاظ عليها، بما في ذلك تلك المسؤولة عن وظائف اللغة والحركة والحس.
اقرأ أيضاً: وداعاً للمسكنات الأفيونية: ابتكار أول زرعة تحارب الألم دون أدوية
يراقب الأطباء مخططات كهربية الدماغ التي تقيسها الشرائح لأيام، وعند تحديد البؤر يدرسون إمكانية إزالة هذه الأنسجة الدماغية جراحياً؛ وبالتالي علاج المريض وتحسين نوعية حياته.
تتمتع هذه العملية طفيفة التوغل بقصر مدتها، إذ تُنجز خلال 45 دقيقة فقط، وتبلغ مدة الاستشفاء 48 ساعة، وبتكلفة أقل بنسبة 60% من الإجراءات الجراحية المماثلة.
اقرأ أيضاً: لأول مرة: ترجمة أفكار رجل عاجز عن الكلام إلى عبارات على الشاشة
بالمقارنة، تتطلب عملية زرع شرائح التخطيط الكهربائي عادة خضوع المريض لجراحة تستمر تسع ساعات، يتم فيها إزالة جزء كبير من عظم الجمجمة للوصول إلى الدماغ، ومن ثم زراعة شرائح التخطيط الكهربائي. يصاحب هذا الإجراء ألم كبير، ويُخشى بعده من الاختلاطات الطبية وحدوث الالتهابات، وقد يتعرض المريض لمضاعفات بسبب التخدير.
أوضح استشاري وحدة الممارسة المتكاملة للصرع بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور إبراهيم الثبيتي، أن تنفيذ مثل هذا الإجراء الطبي على الأطفال تصحبه تحديات تختلف عن فئة الكبار، إذ يُتوقع من الكبار الالتزام التام بالتعليمات التي تقدّم لهم، على عكس الأطفال الذين يصعب ضبط حركتهم لفترات طويلة، وهو ما يزيد من صعوبة تنفيذ الإجراء الطبي، إلّا أن الفريق الطبي استطاع تجاوز التحدي بنجاح تام باستخدام تقنية التوجه اللمسي.
يقدّم مركز العلوم العصبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث رعاية عالية الجودة للمرضى البالغين والأطفال المصابين بالصرع المعقد والحراري، عبر فريق متعدد التخصصات من الأطباء والجراحين، وباستخدام أحدث تقنيات التشخيص وخيارات العلاج الجراحي.