ناسا تنشر صوراً مذهلة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لأعماق الكون

4 دقائق
ناسا تنشر صوراً مذهلة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لأعماق الكون
منطقة (NGC 3324)، وهي جزء من سديم كارينا وتظهر فيها مناطق جديدة حيث تولد النجوم الفتية. ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية ومعهد مراصد علوم الفضاء.

نشر الرئيس الأميركي ووكالة ناسا مساء الإثنين أول صورةٍ كاملة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، ما يؤذّن ببدء حقبة جديدة من البحث العلمي في الفضاء.

في صباح الثلاثاء، خلال العرض الأول لصور تلسكوب جيمس ويب، سأل مدير برنامج التلسكوب، غريغ روبنسون، الجمهور الموجود في حرم مركز غودارد التابع لناسا عمّا إذا كان أي منهم قد شاهد الصورة التي نُشرت الليلة الماضية؟

قال روبنسون بعد أن هتف الناس بحماس: «حسناً، لم تروا شيئاً بعد».

نشر فريق تلسكوب جيمس ويب خمس صور بعد ستة أشهر منذ إطلاقه وبدء عمليات الرصد. التلسكوب هو أكبر وأقوى مرصد يتم إطلاقه في الفضاء حتى الآن، ويعود جزء من قوته إلى قدرته على التقاط الصور من خلال ضوء الأشعة تحت الحمراء، ما يمنح الصور التي يلتقطها عمقاً لا تستطيع العين البشرية رؤيته.

تستطيع كاميرات التلسكوب اختراق الغبار والغيوم لرؤية تكوّن النجوم والمجرات منذ أكثر من 13.1 مليار سنة، وهو زمن أبعد مما كانت البشرية قادرة على رصده من قبل. يقدر عمر الكون بـ 13.8 مليار سنة. هذا يعني، كما قال مدير ناسا بيل نيلسون يوم الثلاثاء، إننا أصبحنا أقرب من أي وقت مضى لفهم ما حدث بعد الانفجار العظيم، عندما نشأ الكون.

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي على وشك أن يبهرنا بالاكتشافات الجديدة

يقول نيلسون: «سنجيب عن أسئلة لا نعرف حتى أنه يمكننا طرحها».

تُظهر الصور الجديدة لتلسكوب جيمس ويب عناقيد من المجرات تشكلت في وقت قريب من تشكل الشمس والأرض، وبخار الماء في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية على بعد ألف سنة ضوئية، وسديماً كوكبياً حول نجم محتضر، بالإضافة إلى التطور الكوني للمجرات وولادة النجوم.

وتقول مديرة العمليات في مشروع تلسكوب جيمس ويب، جين ريجبي: «هذا ليس سوى البداية». ستستمر مهمة التلسكوب لمدة 20 عاماً أخرى، وبالتالي من المتوقع أن يجمع بياناتٍ جديدة لم يفكر العلماء بعد بطرح أسئلة حولها.

كان تلسكوب هابل يستغرق أسبوعين لالتقاط صورةٍ لأبعد مجرة في السابق. بينما يستطيع تلسكوب جيمس ويب الآن التقاط صورٍ أبعد في وقت أقل -لم يستغرق التقاط الصور الجديدة سوى أسبوعٍ واحد. تقول ريجبي: «مع تلسكوب ويب، تمكنا من القيام بذلك بسرعة أكبر».

سديم كارينا

تتلألأ الصورة (في الأعلى) بالنجوم -بما في ذلك النجوم التي نشأت حديثاً- وسط بحرٍ من الغاز والغبار. التقط تلسكوب جيمس ويب جزءاً من سديم كارينا، وهي منطقة تُسمى (NGC 3324)، وتظهر فيها مناطق جديدة حيث تولد النجوم الفتية (حضانة نجمية). لا يستطيع الضوء المرئي الوصول إلى مناطق تشكل النجوم بسبب الغبار الكوني الذي يقف في طريقه، ولكن نظراً لأن كلاً من كاميرا تلسكوب جيمس ويب التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam) وآلة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة (MIRI) تستخدمان ضوء الأشعة تحت الحمراء، يمكن للتلسكوب اختراق الغبار وكشف النقاب عن مئات النجوم والمجرات الموجودة في الخلفية.

تخترق الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن النجوم الفتية جدار السديم، ما يؤدي إلى ظهور ما يشبه التلال والأخاديد في الصورة، لذلك أطلقت ناسا على هذه الصورة اسم المنحدرات الكونية. يقع هذا المشهد الهائل على بعدد 7600 سنة ضوئية، حيث يحتوي على بعض أعمدة الغبار والغاز المتأين التي يصل ارتفاعها إلى 7 سنواتٍ ضوئية.

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي سيرصد أعماق الأغلفة الجوية للعوالم الأخرى

السديم الحلقي الجنوبي

مشهدان من تلسكوب جيمس ويب الفضائي للسديم الحلقي الجنوبي باللونين الأحمر والأزرق.
مقارنة بين السديم الحلقي الجنوبي بالأشعة تحت الحمراء القريبة -يساراً- وبالأشعة تحت الحمراء المتوسطة- يميناً- من تلسكوب جيمس ويب التابع لناسا. ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية ومعهد مراصد علوم الفضاء.

رصدت كاميرتا تلسكوب جيمس ويب السديم الحلقي الجنوبي، والمعروف أيضاً باسم (NGC 3132). يظهر في المشهد نجمان يدوران حول بعضهما بعضاً ومغلفان بطبقات من الغاز والغبار على بعد 2500 سنة ضوئية من الأرض. أحد النجوم يقترب من نهاية حياته: مع تلاشيه، يقذف الحطام الكوني على شكل حلقاتٍ تحيط به.

ستساعد البيانات من هذه الصور علماء الفلك على فهم هذا النوع من الأحداث، والمعروفة باسم السدم الكوكبية، بمزيد من التفصيل. غيوم الغاز هي آخر من تقذفه النجوم بعد تباطؤ حركتها. وتستغرق السدم الكوكبية عشرات الآلاف من السنين لتختفي، في غضون ذلك، يمكن للباحثين دراسة صورٍ مثل هذه لفهم الجزيئات التي تشكل أغلفة النجوم.

اقرأ أيضاً: تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي سيتمكّن قريباً من البحث عن أول الفوتونات في الكون

كوكب WASP-96 b

رسم بياني خطي لجزيئات الماء المكتشفة في أطوال موجية للضوء من كوكب WASP-96 b الخارجي بواسطة تلسكوب جيمس ويب.
التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا توقيع الماء، إلى جانب أدلة على السحب والضباب، في الغلاف الجوي المحيط بكوكب غازي عملاق ساخن يدور حول نجم مثل شمسنا. ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية ومعهد مراصد علوم الفضاء.

على الرغم من أن هذه الصورة ليست بجمال صور تلسكوب جيمس ويب الأخرى، إلا أن البيانات التي تُظهرها تكشف عن أن بخار الماء موجود في الغلاف الجوي لكوكب خارجي يبعد أكثر من ألف سنة ضوئية. هذه المعلومات مهمة جداً في السعي للعثور على الكواكب التي يُحتمل أن تكون صالحة للسكن بعيداً عن كوكب الأرض. وفي هذا الصدد، فإن كوكب (WASP-96 b) ليس سوى كوكب خارجي واحد من أصل أكثر من 5 آلاف كوكب خارجي مؤكد في مجرة درب التبانة، وهو كوكب عملاق غازي شديد الحرارة على عكس كوكب الزهرة أو المشتري. وهو أيضاً أكثر سخونة وانتفاخاً من أي كوكب يدور حول شمسنا، مع درجة حرارةٍ تصل إلى 540 درجة مئوية وكتلةٍ تبلغ نصف كتلة المشتري، لكن بقطر أكبر بمقدار 1.2 مرة.

في 21 يونيو/حزيران، قام جهاز التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء غير الشقّي في تلسكوب جيمس ويب بقياس الضوء الصادر عن نظام كوكب WASP-96 b لأكثر من 6 ساعات، لينتج منحنى ضوئي يوفر المزيد من البيانات حول تكوين الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية. تشير القمم والقيعان على الرسم البياني إلى وجود بخار الماء المُكتشف عند أطوال موجية مختلفة للضوء، ما يدل على وجود ضباب وسحب لم تتمكن الدراسات السابقة التي تناولت كوكب WASP-96 b من اكتشافها.

اقرأ أيضاً: في لعبة ناسا الجديدة: كن أنت التلسكوب الذي يبحث عن المادة المظلمة

خماسية ستيفان

خمس مجرات بعيدة تشكل مجموعة متقاربة من المجرات تُدعى خماسية ستيفان في صورةٍ من تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
تُشتهر خماسية ستيفان، وهي تجمع مرئي من خمس مجرات، بظهورها البارز في الفيلم الكلاسيكي إنها حياة رائعة (It’s a Wonderful Life). ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية ومعهد مراصد علوم الفضاء.

تُعد هذه الفسيفساء، والتي تم إنشاؤها من نحو ألف صورة وأكثر من 150 مليون بكسل، أكبر صورةٍ يلتقطها تلسكوب جيمس ويب حتى الآن. تظهر هنا 5 مجرات. يُدعى أحدها (NGC 7318B)، وتقوم بشق مسارٍ مدمر عبر عنقود المجرات هذا. التقط تلسكوب جيمس ويب موجات الصدمة الناجمة عن اقتحام هذه المجرة بالإضافة إلى سحب الغاز والغبار المتجمعة على شكل دوامات نتجت عن تفاعل جاذبية المجرات مع بعضها بعضاً.

اقرأ أيضاً: تلسكوب هابل يرصد اندماج ثلاث مجرات في حدث عنيف

نظراً لأن أربعةً من النجوم الخمسة قريبة جداً من بعضها بعضاً على النطاق الكوني، فإنها توفر ما تسميه ناسا مختبراً لدراسة العمليات الأساسية لتطور المجرات. في الصورة، تسببت المجرات في اضطراب غازات بعضها بعضاً، بل وتسببت في تشكل نجوم جديدة في المجرات المجاورة لها.

المحتوى محمي