الطبيب المصري مجدي يعقوب يبتكر صماماً حيوياً للقلب قد يلغي الحاجة للعمليات الجراحية

3 دقيقة

بالنسبة لأولئك الذين يعانون مشكلات في صمامات القلب، فإن الحياة هي معركة يومية مع كل حركة ومهمة بسيطة، عدا عن مخاطر التدخلات الجراحية لزراعة صمام حيوي أو ميكانيكي، والمعرفة المحبطة بأنها قد لا تكون الأخيرة. لكن وبفضل ابتكار جديد للطبيب الجراح المصري السيد مجدي يعقوب، والذي كان أول من أجرى عملية زرع قلب في بريطانيا، لم تعد عمليات استبدال صمامات القلب عبئاً طبياً متكرراً بل حلاً نهائياً لمرة واحدة يغير الحياة، حيث صمم صمامات قلب تنمو داخل الجسم بشكل طبيعي، دون الحاجة إلى العمليات الجراحية المتكررة وتقلل من خطر الرفض.

اقرأ أيضاً: القلب الصناعي: تاريخ طويل من البحث عن قلب دائم

ما هي صمامات القلب؟ وما وظيفتها؟

يحتوي القلب على أربعة صمامات رئيسية، وهي بنى في القلب تساعد في تنظيم تدفق الدم عن طريق الفتح والإغلاق للسماح للدم بالانتقال من حجرة إلى أخرى في القلب أو إلى الشرايين. عندما لا يعمل الصمام بشكل صحيح، يصبح من الصعب على القلب ضخ الدم من خلاله، أو قد يتسرب الدم للخلف بدلاً من التحرك للأمام، ما يترتب عليه العديد من المشكلات الصحية والتي قد تكون مهددة للحياة، مثل التعب وضيق التنفس وقصور القلب أو السكتة الدماغية أو النوبة القلبية.

تتضمن الخيارات العلاجية المتاحة الأدوية لإدارة الأعراض وتقليل الضغط على القلب، أو الجراحة لإصلاح أو استبدال الصمام التالف.

وعلى الرغم من أن زراعة صمام قلب بديل للتالف، سواء كان صمام قلب حيوياً أو ميكانيكياً، تعد خياراً منقذاً للحياة، فإنه ليس خياراً طويل الأمد. بالنسبة للصمامات الميكانيكية، فإنها تستوجب على المريض تناول الأدوية لبقية حياته منعاً لتجلط الدم، بالإضافة إلى مخاطر مضاعفات الجراحة مثل العدوى والنزيف المفرط والسكتة الدماغية وجلطات الدم ومشكلات الكلى. أما الصمامات الحيوية، مثل الصمامات المأخوذة من الأبقار أو الخنازير أو الأنسجة البشرية، فإنها لا تدوم لأكثر من 10-15 عاماً، علاوة على خطر رفض الجهاز المناعي للجسم لها.

وتزداد صعوبة هذا التحدي لدى الأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية حيث لا تنمو لديهم الصمامات، ما يستدعي استبدالها بأخرى لعدة مرات قبل أن يبلغوا سن الرشد، لأن الصمامات الاصطناعية لا تنمو معهم.

اقرأ ايضاً: ما الذي يمنع استخدام قلب اصطناعي بديلاً دائماً للقلب؟

ابتكار الدكتور مجدي يعقوب لصمام القلب الجديد قد يحل المشكلة 

ما قدمه يعقوب هو صمام ينمو ضمن الجسم، ويصبح جزءاً منه، أي يلغي الحاجة للعمليات المتكررة أو مخاطر الرفض أو الأدوية، بعبارة أخرى يمكن القول إنه شفاء تام للمريض من مشكلات صمام القلب.

يتضمن التصميم الجديد للصمام، الذي تديره شركة هارت بايوتك في مستشفى هيرفيلد (Harefield Hospital) في المملكة المتحدة، ووضحه الطبيب مجدي يعقوب إلى جانب فريقه البحثي في بحث نشرته دورية كوميونيكيشنز بيولوجي (Communications Biology)، استخدام سقالة مصنوعة من مواد حيوية قابلة للتحلل (بوليمر بولي كابرولاكتون)، وهو بوليمر يُستخدم عادة في طلاء أقراص الدواء، ويتحلل في الجسم ببطء إلى ثاني أوكسيد الكربون غير الضار والماء، والسقالة عبارة عن هيكل ثلاثي الأبعاد على شكل الصمام، يمثل ركيزة مؤقتة تُبنى عليها الخلايا. ولتصنيعها رش الباحثون هيكلاً ثلاثي الأبعاد للصمام بألياف دقيقة من البوليمر بحيث تتقاطع الألياف لتكوّن ما يشبه الشبكة المحبوكة (سترة)، يمكنها تحمل ضغط تدفق الدم. تتميز السقالة التي صممها الخبراء بقدرتها على اجتذاب الخلايا من مجرى الدم، إذ تسمح المسافات بين الألياف في الشبكة باجتذاب الخلايا والاستقرار فيها، لتنمو وتتطور إلى أنسجة وظيفية في الصمام الطبيعي، مثل الأعصاب والدهون، وهي العملية المعروفة باسم التحول من الخلايا البطانية إلى الخلايا المتوسطة (EndMT).

اقرأ أيضاً: بعد قرن من الأبحاث: نجاح أول عملية زرع قلب خنزير في جسم إنسان

اختبر الباحثون أداء التصميم الجديد على الحيوانات، حيث زرعوا الصمامات الحية في الأغنام، وراقبوها لمدة 6 أشهر، تجددت فيها خلايا الصمامات، واستمرت في العمل كامل مدة الاختبار.

اليوم، يواصل الفريق مراقبة عملية التجديد وأداء الصمامات لفترات أطول، بغرض الحصول على الموافقة التنظيمية للتجارب السريرية الأولى على البشر، لاختبار أداء الصمامات ومقارنتها بصمام صناعي، بدءاً من الصمام الرئوي الذي يتحكم في تدفق الدم إلى الرئتين، لأنه يتحمل أقل ضغط، حيث من المتوقع أن تشمل ما بين 50-100 مريض من البالغين الذين يحتاجون لاستبدال فوري للصمامات القلبية لديهم، والأطفال الذين يواجهون مخاطر العمليات الجراحية. ومع تقدم الأبحاث، قد يصبح الصمام الحي المبتكر علاجاً قياسياً قريباً يمنح الأمل لعدد لا يحصى من المرضى في جميع أنحاء العالم.

مساهمات بحثية وعلمية أخرى للدكتور مجدي يعقوب 

ليس هذا الابتكار الأول للدكتور مجدي يعقوب، فقد قدّم الدكتور يعقوب وفريقه ابتكارات متقدمة، مثل زرع القلب المغاير (الذي يتم فيه ترك قلب المتلقّي في مكانه مع وصل قلب المتبرع إلى الجانب الأيمن من الصدر)، وعمليات زرع القلب والرئة بطريقة الدومينو (التي يتم فيها التبرع بقلب مريض يخضع لعملية زرع قلب ورئة إلى شخص آخر متلقٍّ). كما كان الدكتور يعقوب مهتماً أيضاً بزرع الرئة، وشارك في تطوير تقنيات إعادة توعية الشريان القصبي.

وفي نفس الوقت الذي كان فيه الدكتور يعقوب يستكشف آفاقاً جديدة في مجال عمليات الزرع، كان يقوم أيضاً بتطوير مفاهيم وعمليات جديدة لأمراض القلب الخَلقية مثل التبديل الحديث للشرايين وتعديل عملية الماستارد. وقدّم كذلك مساهمات مذهلة في علاج أمراض صمامات القلب بتطويره أول تقنية لاستبدال جذر الصمّام.

بالإضافة إلى هذه الإنجازات، شارك الدكتور يعقوب معرفته وخبراته مع الطلاب والجرّاحين من كافة أنحاء العالم، حيث يعدّ اليوم بمنزلة نموذج يحتذى به من قِبل العديد من روّاد جراحة القلب والصدر.

المحتوى محمي