استطاع باحثون في جامعة فلوريدا الأميركية إنتاج أول تكاثرٍ دقيق ناجح لقصب السكر باستخدام محرر الجينات «كريسبر»؛ وهي طريقة أكثر استهدافاً وفعاليةً لتطوير أصناف محسّنة، ونُشرت النتائج في ورقتين بحثيتين ضمن دورية «فرونتيرز إن جين إديتينج».
يُعتبر قصب السكر إحدى أكثر النباتات إنتاجيةً على وجه الأرض؛ إذ يوفر 80% من السكر و 30% من الإيثانول الحيوي المنتَج في جميع أنحاء العالم. إن حجمه والاستخدام الفعال للمياه والضوء يمنحه إمكانات هائلةً لإنتاج المنتجات الحيوية المتجددة ذات القيمة العالية والوقود الحيوي؛ لكن جينوم قصب السكر شديد التعقيد يشكل تحدياتٍ للتكاثر التقليدي؛ حيث يتطلب عادةً أكثر من عقدٍ من التجارب لتطوير صنفٍ محسن.
تقدم تقنيات تحرير الجينات الدقيقة مثل كريسبر، مساراً أكثر استهدافاً لتحسين المحاصيل، لأنها تتجنب إعادة خلط المعلومات الجينية وتغير ببساطة نسخ الجينات الأدنى إلى نسخ متفوقة، ونظراً لتعقيد جينوم قصب السكر؛ ركز الباحثون في البداية على الجينات التي تتحكم في السمات الملحوظة؛ مثل لون الأوراق ومقاومة مبيدات الأعشاب، حتى يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت التعديلات تعمل أم لا.
في البحث الأول، أظهر الباحثون القدرة على إيقاف أعداد متغيرة من نسخ جين «المجنيسيوم شيلاتاز»؛ وهو إنزيم رئيسي لتخليق الكلوروفيل الحيوي في قصب السكر؛ مما ينتج عنه نباتات تتميّز بأوراق خضراءَ فاتحة إلى صفراء؛ حيث لم تُظهر النباتات الخضراء الفاتحة انخفاضاً في النمو، وقد تتطلب سماداً نيتروجينياً أقل لإنتاج نفس الكمية من الكتلة الحيوية.
أما الدراسة الثانية، فقد حققت استهدافاً فعالاً وقابلاً للتكرار للجينات في قصب السكر، بالاستبدال الدقيق لنسخ متعددة من الجين المستهدف بنسخةٍ متفوقة؛ مما يمنح مقاومةً لمبيدات الأعشاب. تم ذلك باستبدال واحد أو اثنين من آلاف اللبِنات الأساسية للجين؛ والتي تسمى «النيوكليوتيدات»، بدقة في الموقع المستهدف، وكانت النتيجة أن المنتج الجيني لا يزال يعمل بكامل طاقته ولم يعد من الممكن تثبيطه بواسطة مبيدات الأعشاب.
قصب السكر هو مزيج من نوعين من النباتات الأم، لذلك فهو يحتوي على مجموعات متعددة من الكروموزومات بدلاً من اثنين فقط، كما هو الحال مع البشر أو ثنائيات الصبغيات عموماً. هذا يخلق التكرار الجيني - مع العديد من مجموعات الجينات التي تقوم بنفس الوظيفة - مما قد يساهم في إنتاجية النبات؛ إذا تعطلت مجموعة واحدة، فهناك نسخة احتياطية؛ لكنه يجعل من الصعب للغاية تعديل قصب السكر. يتعين على علماء المحاصيل استهداف جميع الجينات والنسخ التي تحكم سمةً معينةً من أجل إجراء تحسينات.