لأول مرة استخدام كريسبر لتحرير الجينات في علاج مرضٍ وراثي

3 دقائق
كريسبر لعلاج مرضٍ وراثي
Shutterstock.com/Nathan Devery

يتفوق محرر الجينات «كريسبر» في إصلاح الطفرات المرضية في الخلايا المزروعة في المختبر. لكن استخدام تقنية كريسبر لعلاج معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات وراثية يتطلب إزالة عقبة هائلة؛ وهي إدخال كريسبر والذي يعمل كمقص جيني في الجسم ومن ثم جعله يقطع الحمض النووي في الأنسجة المطلوبة بالضبط.

كريسبر يشرع بالعمل

الآن، في أول تجربة طبية، قام الباحثون بحقن كريسبر في دم الأشخاص المولودين بمرضٍ يسبب أمراضاً قاتلةً في الأعصاب والقلب، وأظهروا أنه توقف إنتاج البروتين السام عن طريق الكبد لدى ثلاثة منهم تقريباً.

على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان علاج كريسبر سيخفف من أعراض المرض؛ المعروف باسم «الداء النشواني ترانستريتين»، فإن البيانات الأولية التي تم الإبلاغ عنها يوم 26 يونيو/حزيران تولد الإثارة حول ما يمكن أن يكون علاجاً لمرةٍ واحدةٍ يستمر مدى الحياة. إذ يقول الباحث في تعديل الجينات وطبيب القلب «كيران موسونورو» من جامعة بنسلفانيا، والذي لم يشارك في التجربة: «هذه نتائج مذهلة. لقد تجاوزت كل توقعاتي».

يمثل العمل أيضاً علامة فارقةً في السباق لتطوير علاجات تعتمد على الرنا المرسال «mRNA»؛ تعليمات بناء البروتين التي تصنعها الخلايا بشكل طبيعي. إذ يعمل الـ«mRNA» الاصطناعيي على تشغيل لقاحين من لقاحات فيروس كورونا يتم إعطاؤهما لملايين الأشخاص لمكافحة جائحة الفيروس التاجي، وتعمل العديد من الشركات على لقاحات وأدوية أخرى من الرنا المرسال.

تحرير جينات خلايا الكبد

Shutterstock.com/smx12

تهدف تجربة كريسبر السريرية إلى تعطيل الجين المتحوّر الذي يتسبب في إنتاج خلايا الكبد لأشكال خاطئة من بروتين يسمى ترانستريتين «TTR»؛ والذي يتراكم على الأعصاب والقلب ويؤدي إلى الألم والخدر وأمراض القلب. الحالة الناتجة نادرة نسبياً، ويمكن لعقار مُعتمد، وهو الـ«باتيسيران»، تثبيطها. لكن الباحثين في شركة «ريجينيرون» المخضرمة للتكنولوجيا الحيوية بالتعاوم مع شركة «إنتيليا»، رأوا أن هناك دليلٌ جيد على مبدأ علاج كريسبر عن طريق الحقن الذي كانوا يطورونه.

في العام الماضي، استخدم الباحثون تقنية كريسبر لتشكيل شكلٍ قاتل من «الهيموجلوبين» لتصحيح مرض فقر الدم المنجلي أو مرض مرتبط به لدى العديد من الأشخاص. إذ تطلّب العلاج إزالة خلايا الدم الجذعية المريضة من المريض، وتعديلها باستخدام كريسبر في طبق، ثم إعادة حقنها في الجسم.

تجري أيضاً تجربة اختبار الحقن المباشر لفيروس يشفر مكونات كريسبر في العين لعلاج حالة تسبب العمى. لكن علاج معظم الأمراض الأخرى يعني بطريقةٍ ما حقن مكونات كريسبر، أو التعليمات الجينية لها، في الدم وجعل العلاج يستهدف عضواً أو نسيجاً، وهو تحدٍّ كبير بحد ذاته، ولكن من المحتمل أن يكون أسهل في الكبد لأنه يزيل الجسيمات الغريبة.

لكن في تجربة كريسبر التي نحن بصدد الحديث عنها، تم حقن أربعة رجال وامرأتين مصابين بالداء النشواني ترانستيريتين تتراوح أعمارهم بين 46 و 64 عاماً بجسيم دهني يحمل نوعين مختلفين من الحمض النووي الريبي؛ رنا مرسال يشفر البروتين كاس، ومكون كريسبر الذي يقص الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي لتوجيهه نحو جين بروتين الترانستريتين. بعد أن يقوم كاس بقطعه، تقوم آلية إصلاح الحمض النووي في الخلية بمعالجة الكسر، ولكن بشكلٍ غير كامل، مما يؤدي إلى تعطيل نشاط الجين.

بعد 28 يوماً، كان لدى ثلاثة رجال أُعطوا جرعتين أعلى من العلاج انخفاضاً بنسبة 80% إلى 96% في مستويات الترانستريتين، على قدم المساواة أو أفضل من متوسط ​​81% مع باتيسيران، حسبما أفاد الفريق في ورقةٍ بحثيةٍ نُشرت في دورية «ذا نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين».

قد يستغرق الأمر شهوراً حتى يرى المرضى الذين يتلقون علاج كريسبر أن أعراضهم تقل، لكنهم أبلغوا عن بعض الآثار الجانبية قصيرة المدى. ويمكن أن تظهر المشكلات بمرور الوقت. فمن المحتمل أن تُحدث تقنية كريسبر جروحً ًفي الموقع الخطأ للحمض النووي، وفي الخلايا غير الكبدية، مما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان أو مشاكل أخرى.

لكن نهج الرنا المرسال المغطى بالدهون قد يكون أكثر أماناً من استخدام الفيروسات لنقل التعليمات الجينية لتشفير بروتين تعديل وتوجيه الحمض النووي الريبي إلى الخلايا، وهو نهجٌ مجرب وحقيقي يتبعه الآخرون للعلاجات المنهجية. ويمكن أن تستمر هذه الجينات في الخلايا، وتستمر في إبقاء معدّل الجينات لفترة طويلة بعد أن يؤدي وظيفته.

تمهد الدراسة الطريق لعلاج أمراض الكبد الأخرى باستخدام كريسبر، إما عن طريق التخلص من الجين أو تعديله بمساعدة قالب الحمض النووي. كما يمكن أيضاً استخدام النهج الأخير لتحويل الكبد إلى مصنع لصنع إنزيم مطلوب في مكانٍ آخر من الجسم.

المحتوى محمي