مرض تعفن الحضنة الأميركي هو كابوس للنحال وجزار للنحل، فهو من الأمراض الخطيرة شديدة العدوى التي قد تسبب خسائر فادحة في مستعمرات النحل على مستوى العالم، وتعد السيطرة عليه والوقاية منه مشكلة كبيرة جداً. لكن وعلى ما يبدو فإن هذا الكابوس قد أوشك على الانتهاء، فقد أعلنت وزارة الزراعة الأميركية إعطاءها ترخيصاً مشروطاً لاستخدام أول لقاح للنحل ضد هذا المرض. فما هو هذا اللقاح وكيف يعمل؟ وهل أصبح متاحاً تجارياً؟
مرض تعفُّن الحضنة الأميركي (American Foulbrood)
مرض بكتيري تسببه بكتيريا باينيباسيلوس لارفي (Paenibacillus larvae) المتبوِّغة (مكوِّنة للأبواغ)، تصيب الحضنة المغطاة في المراحل الأخيرة من أطوار حياة النحل (طور العذراء)، مسببة موت العذارى وتحللها إلى مادة لزجة كريهة الرائحة يمكن سحبها كخيط، ثم تجف وتبدو كحراشف صلبة داخل العين السداسية في عش الحضنة، كما تبدو أغطية الحضنة لزجة ومائية. هذا المرض شديد العدوى، ويمكن أن تبقى الأبواغ قابلة للحياة مدة تصل إلى 60 عاماً وقد تحدث العدوى من جديد عندما تسمح الظروف البيئية لذلك.
اقرأ أيضاً: تحمل أسماء بطلات الخيال العلمي: العلماء يكتشوف أنواعاً جديدة من الخنافس
ما هو أول لقاح للنحل؟
منحت وزارة الزراعة الأميركية ترخيصاً مشروطاً للقاح الذي طوّرته شركة "دالان لصحة الحيوان" (Dalan Animal Health)، وهي شركة أميركية للتكنولوجيا الحيوية، وذلك للمساعدة في حماية نحل العسل من مرض تعفن الحضنة الأميركي، وهو مرض ليس له علاج حتى اليوم. وتعد الطريقة الفعّالة الوحيدة للقضاء عليه هي حرق المستعمرات والخلايا والمعدات، بالإضافة إلى تقديم بعض المضادات الحيوية، على الرغم من أن فعالية المضادات الحيوية محدودة، وتتطلب الكثير من الوقت والجهد لتطبيقها على خلايا النحل، هذا بالإضافة إلى القلق العالمي المتزايد من أن تطوِّر الكائنات الممرضة مقاومة ضد هذه المضادات، وخطورة أن تنتقل إلى الغذاء أو الأعلاف. لذلك، فإن الحل الأفضل ينبغي أن يكون آمناً ومستداماً وغير كيميائي.
اقرأ أيضاً: علماء أحياء ينجحون في تفقيس بيوض قراد معدلة جينياً بتقنية كريسبر
كيف يعمل اللقاح؟
لا يُعطى هذا اللقاح عبر الحقن التقليدية، وإنما يعمل من خلال خلط اللقاح الذي يحتوي على بكتيريا غير نشطة مع الغذاء الملكي الذي يقدمه النحل العامل للملكة، ثم وبعد ابتلاع الغذاء تحتفظ الملكة ببعض أجزاء اللقاح في مبايضها، بحيث تطور يرقات النحل مناعة ضد تعفن الحضنة عند فقسها، وهذا ما سيقلل معدلات الوفيات الناجمة عن المرض.
في الواقع، لقد أثبتت اللقاحات التي تعتمد على البكتيريا المعطلة أنها طريقة فعّالة للوقاية من الأمراض في العديد من أنواع الماشية والدواجن والكائنات المائية، ويمكن تطويرها ضد جميع فئات مسببات الأمراض مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات. وعلى الرغم من أن الجهاز المناعي للحشرات يفتقر إلى الأجسام المضادة، فقد ثبت أنها قادرة على تهيئة نفسها مناعياً وإظهار مقاومة ملحوظة ضد الأمراض التي واجهتها سابقاً.
ماذا يعني الترخيص المشروط؟
تمنح وكالة الزراعة الفيدرالية الأميركية تراخيص مشروطة للمنتجات التي "تلبي حالة الطوارئ أو السوق المحدودة أو الوضع المحلي أو الظروف الخاصة"، ووفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، ينبغي على المنتجات التي تتلقى هذا النوع من التراخيص أن تكون نقية وآمنة ولديها توقعات معقولة للفعالية. وبشكل عام، تأتي التراخيص المشروطة مع قيود وتغطي فترة زمنية محدودة، إذ وبمجرد انتهاء هذه الفترة، تقوم وكالة الزراعة الفيدرالية بتقييم فعالية هذا اللقاح لتحديد ما إذا كان سيتم تجديد الترخيص المشروط، أو منح ترخيص منتج عادي. حالياً، حصل اللقاح على ترخيص مشروط لمدة عامين.
اقرأ أيضاً: الباحثون يتمكنون من صنع ألياف حرير من ديدان القز تتفوق على ألياف حرير العناكب
متى يمكن الحصول على اللقاح؟
تخطط الشركة المصنعة لتوزيع أول لقاح للنحل على أساس محدود، بحيث يكون متاحاً في البداية لمربيّ النحل التجاريين، وأن يصبح متاحاً للشراء في الولايات المتحدة الأميركية خلال عام 2023. وبعد ذلك، ستخطط الشركة المصنعة للحصول على موافقة لاستخدام اللقاح كأول لقاح للنحل في كندا وأوروبا.