تشير التقديرات إلى أن 25% من الأميركيين يحملون الوشوم على أجسادهم؛ لكن يمكن القول إن هذه الوشوم بمعظمها تُمكن ملاحظتها بالعين المجردة بسبب موقعها وحجمها. لكن بفضل التطورات الجديدة في مجال الهندسة النانوية، يمكن الآن إجراء الوشم على المستوى الخلوي، ليس للأغراض الجمالية؛ بل لتحقيق عدد من الفوائد الطبية المتوقعة.
وشم صغير لكل خلية
ووفقاً لبحث نُشر هذا الشهر في مجلة نانو ليترز (Nano Letters)؛ طوّر المهندسون في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) طريقة لإجراء وشم صغير جداً وقادر على الالتصاق بكل واحدة من الخلايا الحية. لكن بدلاً من استخدام الحبر، ثبّت الخبراء مصفوفات من الذهب على الخلايا الليفية، وهي الخلايا التي تدعم أنسجة الجسم. ثم أضاف الفريق، بقيادة أستاذ الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية، ديفيد غراسياس (David Gracias)، الغراء الجزيئي على سطح المصفوفات قبل نقلها مباشرة إلى الخلايا باستخدام طبقة من الهلام المائي (الهيدروجيل) القابل للذوبان.
ووفقاً لما أعلنته جامعة جونز هوبكنز في 7 أغسطس/ آب؛ فإن النتائج النهائية لهذا الوشم تشبه رموز الاستجابة السريعة التي تسمَّى "كيو آر كودز" (QR codes)، والرموز الشريطية التي تسمَّى "الباركودز" (Barcodes) والتي يمكن مسحها ضوئياً.
اقرأ أيضاً: باحثون ينجحون باستعادة نشاط الخلايا المستقبلة للضوء في أعين أشخاص بعد وفاتهم
يقول ديفيد غراسياس في بيان صحفي: "نحن نطور ما يشبه الوشم الإلكتروني لوضعه على جسم حي، حجمه أصغر بكثير من حجم رأس الدبوس، وتمثل هذه العملية الخطوة الأولى نحو إمكانية تثبيت أجهزة الاستشعار والأجهزة الإلكترونية على الخلايا الحية".
آفاق جديدة لمراقبة الصحة
ما يميز هذه التقنية الجديدة هو أن وشم الخلايا لا يؤثر سلباً في صحتها أو عمرها الافتراضي. ووفقاً للباحثين؛ كان تثبيت أجهزة الاستشعار البصرية والإلكترونية على الخلايا الفردية أمراً صعباً في السابق لكنهم يأملون أن تتيح طريقة الوشم الجديدة إمكانية تطبيق هذه التكنولوجيا مستقبلاً في الظروف الطبية الحقيقية.
مصفوفة من الخيوط النانوية الذهبية المثبتة على دماغ فأر. حقوق الصورة: كام سانغ كواك وسو جين تشوي، مختبر غراسياس/ جامعة جونز هوبكنز
يمكن أن تفتح تقنية الوشم الخلوي النانوي آفاقاً جديدة أمام الخبراء الطبيين لمراقبة الصحة. علاوة على ذلك، يوضح غراسياس إنه يمكن للأطباء تتبُّع صحة الخلايا المعزولة؛ ومن ثَمّ يمكنهم تحديد الأمراض وتشخيصها وعلاجها في وقت مبكر مقارنة بالوضع الحالي.
يقول غراسياس: "نأمل أن نكون قادرين في المستقبل على توفير أجهزة استشعار لمراقبة حالة الخلايا الفردية والبيئة المحيطة بهذه الخلايا والتحكم فيها عن بُعد في الوقت المناسب".
اقرأ أيضاً: باحثون يطورون عدسة مجهر خاصة ترصد نمو الخلايا السرطانية
في الوقت الحاضر، تواجه تقنية الوشم الحالية بعض القيود، تحديداً فيما يتعلق بعمرها الافتراضي الذي يبلغ نحو 16 ساعة فقط، ناهيك بأن هذه الطريقة متوافقة في الوقت الحاضر مع خلايا معينة فقط؛ مثل الخلايا الليفية. وفي المستقبل، يعتزم الفريق تحسين متانة المصفوفات النانوية وزيادة عمرها الافتراضي وتطوير هياكلها بحيث تصبح أكثر تعقيداً وتنوعاً، بالإضافة إلى توسيع نطاق استخدام هذه التقنية لتشمل مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا الأخرى.