اقترح فريق بحث دولي مع مشاركين من عدة جامعات دولية سجلاً موحداً للذكاء الاصطناعي، يعمل في الطب الحيوي لتحسين إمكانية تكرار النتائج وخلق الثقة في استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في البحوث الطبية الحيوية في المستقبل، وكذلك في الممارسة السريرية اليومية؛ لكن ما الذي يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي للطب؟
مساعدة الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الطبية
في العقود الماضية؛ سمحت التقنيات الجديدة تطوير مجموعة متنوعة من الأنظمة التي يمكن أن تولد كميات هائلةً من البيانات الطبية الحيوية -على سبيل المثال في أبحاث السرطان- وفي الوقت نفسه تطورت إمكانيات جديدة تماماً لفحص وتقييم هذه البيانات باستخدام أساليب الذكاء الاصطناعي.
يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي في وحدات العناية المركزة على سبيل المثال، التنبؤ بفشل الدورة الدموية في مرحلة مبكرة بناءً على كميات كبيرة من البيانات من عدة أنظمة مراقبة، ومن خلال معالجة الكثير من المعلومات المعقدة من مصادر مختلفة في نفس الوقت، وهو ما يتجاوز بكثير القدرات البشرية.
لسوء الحظ؛ لا تلتزم التقارير والمنشورات الطبية دائماً بأفضل الممارسات أو لا توفر معلومات كاملةً حول الخوارزميات المستخدمة أو أصل البيانات، وهذا يجعل التقييم والمقارنات الشاملة لنماذج الذكاء لاصطناعي صعبة، ولا يمكن دائماً فهم قرارات الذكاء الاصطناعي للبشر ونادراً ما تكون النتائج قابلةً للتكرار بشكل كامل، لا سيما في الأبحاث السريرية؛ حيث تعد الثقة في نماذج الذكاء الاصطناعي وتقارير البحث ذات الشفافية أمراً بالغ الأهمية لزيادة قبول خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطوير أساليب الذكاء الاصطناعي المحسّنة للبحوث الطبية الحيوية الأساسية.
سجل الذكاء الاصطناعي حلاً بديلاً
لمعالجة المشكلة السابقة؛ اقترح فريق بحث دولي، سجل «AIMe» للذكاء الاصطناعي في البحوث الطبية الحيوية؛ وهو سجل يحركه المجتمع العلمي ويمكّن مستخدمي الذكاء الاصطناعي الطبي الحيوي الجديد من إنشاء تقارير يسهل الوصول إليها وقابلة للبحث والاقتباس، ويمكن دراستها ومراجعتها من قبل المجتمع العلمي.
يتوفر السجل الذي يمكن الوصول إليه مجاناً عبر الإنترنت ويتكون من خدمة ويب سهلة الاستخدام ترشد المستخدمين عبر معيار AIMe وتمكنهم من إنشاء تقارير كاملة، وموحدة عن نماذج الذكاء الاصطناعي المستخدمة، ويتم إنشاء معرّف AIMe فريد تلقائياً؛،مما يضمن بقاء التقرير ثابتاً ويمكن تحديده في المنشورات، ومن ثم لا يتعين على المؤلفين التعامل مع الوصف الذي يستغرق وقتاً طويلاً لجميع جوانب الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مقالات المجلات العلمية والرجوع ببساطة إلى التقرير في سجل AIMe.
السجل مصمم كمنصة ويب يحتفظ بها المجتمع العلمي، ويمكن لكل مستخدم طرح أسئلة حول التقارير الحالية أو إبداء تعليقات أو اقتراح تحسينات، سيتم أيضاً تضمين هذه التعليقات الواردة من المجتمع في التحديث السنوي لمعيار AIMe ، ويمكن للباحثين المهتمين الانضمام إلى لجنة توجيه AIMe ليصبحوا أكثر انخراطاً في المزيد من التوحيد القياسي للذكاء الاصطناعي الطبي الحيوي.
لا يتيح سجل AIMe إمكانية الإبلاغ بسهولة عن طرق الذكاء الاصطناعي في شكل قابل للاستشهاد فحسب؛ بل يحتوي أيضاً على قاعدة بيانات تتيح البحث عن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية ذات الصلة، وهذا يمنع الباحثين من إعادة اختراع نهج موجود بالفعل ويسهل عليهم التقييم ما إذا كان قد تم تقييم طريقة مفيدة محتملة للذكاء الاصطناعي بعمق كافٍ.
الذكاء الاصطناعي وفيروس كورونا
استكمالاً لجهود تسخير الذكاء الاصطناعي العالمية في الطب ومكافحة الأمراض خاصة فيروس كورونا؛ يقود مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، جهوداً للجمع بين الذكاء الاصطناعي، وسير عمل المحاكاة المتطورة لفهم أفضل الملاحظات البيولوجية وتسريع اكتشاف الأدوية.
استطاع مختبر أرغون وبالتعاون مع شركاء أبحاث أكاديميين وتجاريين وعبر أساليب المحاكاة والذكاء الاصطناعي في فهم كيفية تفاعل بروتينين «nsp10» و«nsp16» في جينوم فيروس كورونا؛ واللذان يساعدان الفيروس على التكاثر والتهرب من مناعة المضيف.
حقق الفريق هذا الإنجاز من خلال الجمع بين منصتين مختلفتين بين البيانات والذكاء الاصطناعي، وقال أرفيند راماناثان؛ عالم الأحياء الحاسوبية، وعضو فريق البحث: «يجب القيام بذلك على نطاق غير مسبوق لأن توليد البيانات ومكونات الذكاء الاصطناعي يجب أن تعمل جنباً إلى جنب». أوضح راماناثان: «الفكرة هي أنه إذا كان إحدى الأجهزة جيداً في إجراء المحاكاة الديناميكا الجزيئية والآخر جيد جداً في الذكاء الاصطناعي، فلماذا لا نجمع بين الاثنين لإنتاج نظام أكبر بكثير يوفر مزيداً من الإنتاجية باستخدام الذكاء الاصطناعي؟».
هل يضع الذكاء الاصطناعي لقاح كورونا المبتكر؟
يُطلق على إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي استخدمها مختبر أرغون اسم المشفر التلقائي المتغير؛ والذي يتعلم التقاط المعلومات الأكثر أهميةً من عمليات محاكاة الديناميكا الجزيئية، ويتم تقليل حجم مجموعات بيانات المحاكاة بطريقة تسهل على الباحثين فهم الديناميكيات التي تحدث في المحاكاة.
من خلال تشغيل مكون التعلم العميق الخاص بهم، تمكن الفريق من تحديد مساحات الربط الصغيرة التي قد تتطور أثناء تكوين البروتينين؛ والتي يمكن استهدافها لتصميم دواء جزيء صغير، قال راماناثان إن نتائج هذا العمل ستمكّن في النهاية من اكتشاف الأدوية التي تعالج كلاً من فيروس كورونا وأمراض أخرى، عندما يتم تمييز العمليات الفيزيائية الكامنة وراء وظائف بيولوجية محددة، وبينما لا تركز الدراسة حالياً على اللقاحات، فإن تطوير نماذج أكثر تعقيداً قد يؤدي إلى تصميم لقاح مبتكر لفيروس كورونا.
ختاماً؛ يمكن القول أن الذكاء الاصطناعي في الطب لا يزال يحمل الكثير للبشر، وبين نجاح تجربة وأخرى تلوح في الأفق تقنيات للذكاء الاصطناعي يمكنها مساعدتنا في درء الأمراض. على سبيل المثال؛ تمكن العلماء في وقت سابق من هذا العام، من فحص 4 مليارات من الأدوية المرشحة المحتملة لعلاج فيروس كورونا في غضون يوم واحد، بينما قد تقوم الأدوات الحسابية الحالية بفحص واحد إلى 10 ملايين فقط بشكل واقعي؛ بحثاً عن التركيبة الصحيحة من الخصائص، هذه التجربة وغيرها ستمنحنا فرصةً أكبر للحصول على أفضل علاجات ممكنة، ولقاحات مبتكرة، وبينما نحن نتسائل متى سيحدث ذلك، يقبع العلماء في مختبراتهم للوصول إليها سريعاً.