اكتشف رواد الفضاء كواكب أبعد من نظامنا الشمسي في بداية التسعينيات. ومنذ ذلك الحين، عثر العلماء علي عدد مذهل من هذه الكواكب يبلغ 3,400. والآن يرغب العلماء بتحديد أي منها قد يكون موطناً للحياة الفضائية. غير أن الباحثين في بعض الأحيان يقضون أياماً أو حتى أسابيع كاملة في تحليل بيانات كوكب خارجي واحد. إضافة إلى أن الأدوات الحديدة، مثل التلسكوب الفضائي جيمس ويب، والذي سيبدأ العمل في 2018، سترسل إلى الأرض كميات كبيرة من البيانات لدرجة أن العلماء لن يستطيعوا معالجتها يدوياً. وسيؤدي هذا التراكم في البيانات إلى إبطاء الاكتشافات الجديدة، وربما إيقافها تماماً. ولهذا، صمم الباحثون في جامعة لندن "روبرت RobERt"، وهو ذكاء اصطناعي قادر على مسح بيانات الفضاء البعيد بحثاً عن علامات تدل على وجود كواكب صالحة للسكن، وبشكل أسرع من البشر بكثير.
يعمل هذا الذكاء الاصطناعي بالطريقة التالية: تعكس الكواكب جزءاً صغيراً من ضوء النجوم المجاورة. وأثناء مرور هذا الضوء عبر الغلاف الجوي، تقوم الغازات المختلفة إما بامتصاصه أو ترك أطوال موجية معينة تمر. يمكن للعلماء على الأرض أن يستخدموا هذا الطيف لمعرفة المواد التي يتكون منها الغلاف الجوي للكوكب الخارجي، وأيضاً ما إذا كان صالحاً للحياة، سواء حياة الكائنات الفضائية أو حتى حياة المستكشفين البشر في المستقبل.
صمم الباحثون في جامعة لندن "روبرت RobERt"، وهو ذكاء اصطناعي قادر على مسح بيانات الفضاء البعيد بحثاً عن علامات تدل على وجود كواكب صالحة للسكن، وبشكل أسرع من البشر بكثير.
يمكن لروبرت –وهو اسم مختصر للنظام الروبوتي للتعرف على الكواكب الخارجية- أن يحلل طيف الكوكب الخارجي خلال ثوان معدودة. ويأتي ذكاؤه في العمل من اعتماده على شبكة عصبونية عميقة (DBN)، والتي تعمل بشكل مشابه للطريقة التي نعتقد أن الدماغ البشري يعمل بها: حيث تقوم بفلترة البيانات عبر عدة طبقات من الـ "عصبونات" السيليكونية، يقوم كل منها بزيادة دقة النتائج حتى يصل النظام إلى ما يعتقد أنه النتيجة الصحيحة، وفي حالة روبرت، ما هي الغازات الموجودة ضمن طيف معين.
كما في حالة الدماغ البشري، تتعلم الشبكات العصبونية العميقة بالتجربة والخطأ. ولهذا، درب الباحثون روبرت بأن عرضوا عليه أكثر من 85,000 محاكاة طيفية. ومع نهاية التدريب، تمكن روبرت من تحديد مزيج الغازات بشكل صحيح في 99.7% من الحالات، وذلك حتى عندما تعمد الباحثون تقديم بيانات ناقصة أو مشوشة بالضجيج، وذلك وفقاً لإينجو والدمان، الباحث الأساسي في الفريق.
يمكن لقدرة روبرت على تحليل البيانات بسرعة أن تساعد العلماء على فهم كيفية تشكل الأنظمة الشمسية منذ بداياتها، بما فيها نظامنا الشمسي.
ليس العثور على كواكب جديدة صالحة للسكن سوى البداية. حيث يمكن لقدرة روبرت على تحليل البيانات بسرعة أن تساعد العلماء على فهم كيفية تشكل الأنظمة الشمسية منذ بداياتها، بما فيها نظامنا الشمسي. يقول والدمان: "ما زلنا في البداية من حيث فهم كيفية تشكل الكواكب. ولا يمكننا أن نتقدم في هذا المجال إلا بتفحص العديد من الأمثلة من أنظمة شمسية أخرى". سيزيد روبرت من عدد الأنظمة المعروفة لدينا، ويلعب دور رائد فضاء افتراضي، ويعتبر بمثابة أداة يمكن لهذا الفريق أن يعرضها على وكالات الفضاء لمقارنة نتائج رصد الكواكب الخارجية لديهم مع خبرة روبرت التراكمية. يقول والدمان: "وعندها، ربما إذا كنا محظوظين، سنعثر على كوكب صغير صالح للسكن. سنحتاج إلى الحظ، ولكننا سنعثر عليه في نهاية المطاف".