كاميرات الهواتف الذكية غير جيدةٍ في التقاط صور السيلفي الرائعة. إذ تسبب العدسات العريضة ظهور التشوهات غير المرغوبة، كما لا تستطيع الحساسات الصغيرة للكاميرا إظهار تلك الخلفية الضبابية التي تظهر في الصور عالية الجودة.
طبعاً، هذا لا يمنع الناس من التقاط آلاف الصور الشخصية. كان هناك حوالي 24 مليار صورة سيلفي ضمن خدمة جوجل فوتوز خلال عام 2016، وفقاً للشركة. وكانت معظم هذه الصور سيئةً للغاية.
لذا، عندما نشرت شركة أدوبي فيديو دعائي يُظهر شخصاً وهو يقوم بتحويل صورة سيلفي عادية إلى صورةٍ احترافيةٍ عالية الجودة، بدا ذلك وكأنه السحر. على أية حال، تمتلك أدوبي الكثير من أدوات إصلاح الصور، لكن الشركة تريد الآن الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من أجل توفير هذه الإمكانيات المتقدمة ضمن برامج تحرير الصور على الهواتف الذكية.
يُظهر الفيديو تطبيقاً مشابهاً لأدوبي فيكس (Adobe Fix)، وهو تطبيقٌ لتعديل الصور، متوفرٌ حالياً على نظامي أندرويد وآي أو إس. وبينما توفر تطبيقاتٌ مثل لايتروم موبايل خيارات التحرير المتقدمة للصور، يتميز فيكس بالكثير من خيارات التعديل المخصصة للصور. يمكنك التخلص من العيوب، تعديل الوضوح، قص الصورة، لكن يوفر فيكس بالإضافة إلى ذلك بعض المزايا المتقدمة لإصلاح الصور، مثل فرشاة المعالجة، المرتبطة ببرنامج فوتوشوب على الحاسوب المكتبي. وأفضل شيءٍ في هذا الأمر هو قدرتك على استخدام هذه الأدوات دون معرفة ما تقوم به فعلياً.
يقول متحدثٌ من قسم أبحاث أدوبي: "يمكن تحقيق كل هذه المؤثرات باستخدام أدواتٍ متوفرة، لكن يمكن أيضاً أتمتة هذه العملية بالاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وبهذا سنتمكن من إيصال هذه الميزات إلى شريحةٍ أكبر من هواة التصوير".
أعلنت أدوبي للمرة الأولى عن مبادرة الذكاء الاصطناعي التي تدعى سينسي خلال مؤتمر أدوبي ماكس في عام 2016. وعد هذا البرنامج بوجود تشكيلةٍ واسعةٍ من الوظائف الجديدة، المطورة بالاستعانة بكمية البيانات الهائلة للصور، ومعلومات الاستخدام المشارَكة من قبل المستخدمين. يظهر في الفيديو السابق بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخداماتها الممكنة. في النهاية، الهدف من ذلك هو الحصول على صورة مشابهة للصور الملتقطة من قبل مصور محترف وباستخدام كاميرا عالية الجودة.
خداع العدسات
أحد أكبر الصعوبات التي تواجه صور الهواتف الذكية هي العدسات عريضة الزاوية، وهي صممت لتكون مرنةً لتناسب الكثير من المواقف والحالات، والمشاهد الواسعة. عادةً ما يختار المصور العدسات المقرِّبة من أجل تصوير الوجه، لأنها تقلل من التشوهات، لكن ذلك غير متاحٍ بالنسبة للهواتف الذكية، حتى بالنسبة لنمط آبل بورتريه في آيفون 7 بلاس. لعلاج هذه المسألة، تستخدم أدوبي إضافةً ضمن أداة ليكويفاي الموجودة في برنامج فوتوشوب، وهي قادرة على التعرف على الوجوه، وقد استُخدمت منذ عام 2016. تستطيع هذه الآلية التعرف على سمات الوجه بشكلٍ تلقائي، مع إمكانية تعديلها. هل تريد عيوناً أوسع، أو ذقناً أقصر؟ إليك طريقة فعل ذلك.
تستطيع أداة ليكويفاي في فوتوشوب التعرف على سمات الوجه، كالعينين والأنف، وتتيح ذلك للتعديل. يمكن أن تكون النتائج مرعبةً إذا استُخدمت الأداة بشكلٍ غير مسؤول.
يعرض الفيديو طريقة تعديل سمات الوجه، ويظهر كيفية تحويل الصورة وكأنها التُقطت باستخدام العدسات المقربة. يحصل الوجه على شكلٍ أكثر انضغاطاً، حيث يتم تعديل الأنف ليصبح المظهر مقبولاً أكثر. لقد تعلم البرنامج كيف يبدو الوجه البشري، وأصبح يفهم خصائص العدسات المختلفة للكاميرات.
يتابع متحدث أبحاث أدوبي كلامه: "يساعد الذكاء الاصطناعي خوارزمياتنا على تمييز الأشياء. فهو يسأل هاهنا السؤال التالي: ما هو شكل رأس هذا الشخص ضمن المشهد ثلاثي الأبعاد؟".
صنع الخلفية الضبابية
عمق الحقل، هو الأثر المسؤول عن إظهار تفاصيل الأجسام وجعل الخلفية ضبابيةً، وهو تحدٍ آخر يواجه كاميرات الهواتف الذكية، وذلك بسبب حساسات التصوير الصغيرة جداً. ضمن النسخة الحالية لتطبيق فيكس، يمكنك تلوين الخلفية الضبابية بإصبعك كالفرشاة. وباستخدام الذكاء الاصطناعي، يحاول التطبيق التعرف على الجسم الظاهر في الصورة وتحديده، ثم يضيف الأثر الضبابي إلى المساحات الأخرى. نشرت أدوبي مؤخراً بحثاً خاصاً عن القيام بالتحديدات المعقدة من خلال ضغطةٍ واحدة. إن وظيفة تحديد وفصل الجسم عن الخلفية هي ما تحاول شركات تصنيع الهواتف، مثل آبل وسامسونج، تزويدها في أجهزتها.
نسخ الألوان
يعرض الجزء الأخير من الفيديو قيام الشخص بنسخ أسلوب صورةٍ أخرى -يتضمن الأسلوب اللون، الإضاءة، وجودة العدسات التي التُقطت الصورة باستخدامها- ثم تطبيق ذلك على الصورة الشخصية الملتقطة. الهدف وراء العملية هو نسخ النمط اللوني والدرجة اللونية. كما نشرت أدوبي مؤخراً دراسةً حول هذه العملية، وذلك بالتعاون مع باحثين من جامعة كورنيل، وقد أضافت هذه الميزة إلى أداة المطابقة اللونية ضمن برنامج فوتوشوب. هنا يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل ألوان الصورة، بالإضافة إلى أسلوبها الإجمالي، ومعرفة مكان وضع كل درجة لونية.
لماذا نحتاج إلى تطبيقٍ يقوم بذلك؟
تأتي هذه التطورات في وقتٍ وصلت فيه تجهيزات التصوير في الهواتف الذكية إلى ذروتها. مؤخراً، قامت سامسونج بإطلاق النسخة الجديدة S8 من سلسلة هواتف جالاكسي، والتي لم تضم تحديثاً فعلياً جديداً على الكاميرا الرئيسية (على الرغم من تحسّن جودة الكاميرا الأمامية المستخدمة لالتقاط صور السيلفي).
كما ساعد تصميم الكاميرا المزدوجة لآبل على تفعيل نمط تصوير بورتريه الجديد، لكنه يعاني من بعض مشاكل جودة الصور، من ضمنها التشويش الزائد وبعض مشاكل اهتزاز الكاميرا بسبب البعد المحرقي الكبير للعدسات.
النتيجة الطبيعية إذن، هي التركيز على البرمجيات. عندما تلتقط صورةً ما بكاميرا هاتفٍ ذكيٍ حديث، هناك الكثير من العمل الذي يجري في الخفاء من أجل معالجة الصورة قبل أن تراها. حيث تخضع الصورة إلى عملياتٍ مثل تخفيض الضجيج، الضغط، وتصحيح التشتت الحاصل بسبب العدسة ذات الزاوية العريضة. زعمت آبل سابقاً بأنه يوجد حوالي 800 شخص يعملون على تطوير كاميرا هاتف الآيفون.
مع ذلك كله، يقاوم الكثير من المصورين فكرة النقرة الواحدة أو التصحيحات التلقائية، لكن يمكن لمشاريع الذكاء الاصطناعي المشابهة أن تساعد في تغيير ذلك. قال ممثلٌ عن شركة أدوبي: "سيكون هناك دائماً توترٌ بين ما يمكن فعله تلقائياً ضمن عملية تعديل الصورة، وبين ما تعطيه من حرية تحكمٍ إلى المصور". لكن الشركة تؤكد بأن تطبيقاتها هي مجرد أدواتٍ يمكن أن يستخدمها المصورون للقيام بقراراتٍ جمالية. يضيف الممثل عن شركة أدوبي: "في النهاية، لا تقوم خوارزميانتا باتخاذ القرارات حول اختيار الأفضل، بل المستخدم هو من يقرر ذلك".
يمكن أن يزود الذكاء الاصطناعي المصور بمزيدٍ من الأدوات المستخدمة من قبل المحترفين، لكنه لا يستعيض عن العين الثاقبة أو الذوق الرفيع.