تعرف على الغرف النقية التي لا تسمح بوجود ذرة غبار داخلها

4 دقائق
الغرف النقية
حقوق الصورة: غورودينكوف/ شترستوك.

يتطلب إجراء بعض الأبحاث، وتصنيع بعض المنتجات، خلو جو غرف الأبحاث والتصنيع من أي ملوثات، مهما كان نوعها، جويّة أو حيوية. لهذا الغرض، تُخصص مراكز الأبحاث والمصانع نظاماً دقيقاً يمنع دخول الملوثات إلى غرف خاصة، تُعرف بالغرف النقية.

ما هي الغرف النقية؟

الغرفة النقية هي منطقة مغلقة داخل منشأة تصنيع أو بحث، بما في ذلك منشآت تصنيع المستحضرات الصيدلانية والإلكترونيات الدقيقة وتغليف المواد الغذائية ومراكز أبحاث التكنولوجيا الحيوية وعلوم الحياة، لحماية المنتجات أو العمليات البحثية من التلوث بالغبار والأبخرة والميكروبات، وكذلك الجزيئات الناتجة عن الأشخاص مثل قشور الجلد والشعر وألياف الملابس، أو مواد أخرى مثل الورق وأقلام الرصاص والطلاء. بالإضافة إلى ذلك، يكون للغرف النقية درجة حرارة ورطوبة محددتين، وتدفق هواء معين.

يجب التحكم في جميع تلك الملوثات لضمان جودة المنتج أو سلامة العمال أو دقة نتائج البحث. من أجل ذلك، وُضعت مجموعة من المعايير الدولية الخاصة بالغرف النقية، لتحديد كمية وحجم الملوثات المقبول وجودها في الغرفة في متر مكعب من الهواء.

اقرأ أيضاً: البوليمرات: ما هي وما أنواعها وما هي استخداماتها؟ 

مبدأ عمل الغرف النقية

تحافظ الغرف النقية على جودة الهواء داخلها عن طريق إزالة جزيئات الملوثات من الهواء الخارجي المحيط وذلك بمروره عبر نظام ترشيح، يعمل على تطهير هذا الهواء وتنظيفه وفقاً لمواصفات المُرشحات المستخدمة، ثم يُدفع الهواء داخل الغرفة.

يوجد نوعين من المرشحات المستخدمة في الغرف النقية. النوع الأول هو مرشح امتصاص الجسيمات عالي الكفاءة (HEPA) وهو نوع من مرشحات الهواء الميكانيكية المطوية، وهو عبارة عن مرشح هواء جزيئي عالي الكفاءة يمكن أن يزيل 99.97% من جزيئات الغبار وحبوب اللقاح والعفن والبكتيريا وأي جزيئات محمولة في الهواء بحجم 0.3 ميكروناً أو أكبر. أما النوع الثاني فهو مرشحات اختراق الهواء المنخفض للغاية (ULPA) وهي مرشحات منخفضة الاختراق، تزيل 99.99% من الجزيئات المحمولة بالهواء بحجم 120 نانومتراً.

يشمل التصميم المناسب للغرف النقية نظاماً لتوزيع الهواء بالكامل، بما في ذلك التخلص من الهواء الملوث داخل الغرفة، أو إعادة تدويره مرة أخرى في المرشحات.

اقرأ أيضاً: طب النانو في المنطقة العربية: التقنية الصغيرة التي نعلق عليها آمالاً كبيرة

من يحتاج إلى الغرف النقية؟

تُستخدم الغرف النقية عملياً في كل صناعة يمكن أن تؤثر فيها الجزيئات الصغيرة والملوثات الموجودة في الهواء سلباً على عملية التصنيع. من الذين يحتاجونها شركات الأدوية ومصانع المواد والأجهزة الطبية، ومراكز الأبحاث، ومصانع الأجزاء الإلكترونية الدقيقة، ومراكز بحوث تقنيات النانو، ومراكز التطبيقات العسكرية، وصناعة الطيران والفضاء، ومصانع البصريات والعدسات.

اقرأ أيضاً: المنظمة العربية للتنمية الصناعية تدعو لاستحداث مركز عربي لتكنولوجيا النانو

تصنيف الغرف النقية

تحتاج بعض الشركات إلى الالتزام بمعايير محددة للغرف النقية، تختلف باختلاف الظروف البيئية المطلوبة لاستخدام الغرفة، وتركز على عدد وحجم جزيئات الملوثات المسموح بها لواحدة الحجم من الهواء. تعتمد غرف الأبحاث على أحد المعيارين: معيار المنظمة الدولية للتوحيد القياسي ISO، أو المعيار الفيدرالي للولايات المتحدة الأميركية FS.

معيار المنظمة الدولية للتوحيد القياسي ISO

حددت المنظمة الدولية للتوحيد القياسي المعيار «ISO 14644-1» الخاص بالغرف النقية، بناءً على حجم وعدد الجسيمات المحمولة جواً لكل متر مكعب من الهواء، وقد قُدّر عدد الجسيمات التي يساوي قياسها 0.1 ميكروناً أو أكبر المسموح به لكل متر مكعب من الهواء. (الميكرون الواحد يساوي واحد في المليون من المتر).

أما العدد المسموح به، فهو بحسب الفئة، فمثلاً معيار ISO 14644-1 مقسم إلى 9 فئات، يسمح في الفئة الأولى بوجود 10 جسيمات فقط بقياس أقل من 0.1 ميكروناً.

المعيار الفيدرالي للولايات المتحدة الأميركية FS

جاء المعيار الفيدرالي «209E» للغرف النقية قبل أن تضع المنظمة الدولية للتوحيد القياسي معيارها، وفيه يتم قياس عدد الجسيمات التي تساوي 0.5 ميكروناً أو أكبر في قدم مكعبة واحدة من الهواء. ويُسمح بوجود 35 مليون جسيم في هذا الحجم، وهو ما يقابل الفئة التاسعة من المعيار الوارد في الفقرة السابقة.

اقرأ أيضاً: تكنولوجيا النانو توفر طريقة جديدة لقتل خلايا السرطان

كيفية الحفاظ على نظافة الغرفة النقية

يجب الحفاظ على نقاء الغرفة، والحد من إضافة أي ملوثات إلى هوائها، وذلك لضمان عدم تدهور جودة المنتج في أشباه الموصلات والصناعات الدوائية، أو عدم انتقال العدوى بين الطاقم الطبي والمرضى في صناعة الرعاية الصحية على سبيل المثال. من أجل ذلك، يخضع الموظفون أو العاملون في الغرف النقية إلى إجراءات صارمة قبل الدخول للحفاظ على أعلى مستوى من النظافة.

الملابس: يجب على أي شخص يدخل الغرفة النقية أن يرتدي ملابس واقية خاصة، وذلك لمنع تلوثها بالشعر أو الجلد المتساقطين. قد تكون الملابس عبارة عن ثوب وقفازات فقط، أو يمكن أن يكون بذّة كاملة مع قناع ونظارات واقية. يختلف ذلك بحسب الغرض من الغرفة. أيضاً، حتى الملابس نفسها، يجب ألا تطلق جزيئات أو ألياف ملوِثة.

الأثاث: تنبعث من الأثاث بعض الجزيئات المُلوِثة، لذلك السبب يتم تصنيع أثاث خاص لتقليل الجزيئات والغبار الذي يتساقط ويتجمع على الأثاث. 

مرذاذ الهواء: يمر العاملون قبل دخولهم الغرفة عبر مرذاذ للهواء، يساعد على التخلص من أي جزيئات قد تكون عالقة بهم.

الأرضية اللاصقة أو الحصائر: هذه الطريقة الأمثل للتخلص من الملوثات المحمولة على الأقدام أو التي تنقلها العجلات، إذ تعلق عليها بسهولة.

العطور ومستحضرات التجميل: إن المنتجات مثل العطور ومستحضرات التجميل ومثبت الشعر وما إلى ذلك تنبعث منها أبخرة وجزيئات إضافية، ومن الضروري ألا يطبقها أي شخص يدخل الغرفة.

المجوهرات: من الأشياء التي يجب إزالتها أيضاً قطع الزينة مثل المجوهرات، فهي مثل مستحضرات التجميل، تطلق جزيئات إضافية غير ضرورية في الهواء.

الأحذية: تلتقط الأحذية جميع أنواع الأوساخ والغبار عند التجول، لذلك من الجيد تبديلها قبل الدخول، ثم عند دخول منطقة ارتداء الملابس، يجب الوقوف على حصيرة لاصقة لإزالة أي جزيئات زائدة.

اقرأ أيضاً: السعودية تتصدر الدول العربية في مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية

الغرف النقية متاحة للباحثين غير القادرين على تحمل تكلفتها

غالباً ما تتمكن الشركات والمصانع ومراكز الأبحاث من تأمين الغرف النقية التي تحتاجها، لكن يصعب على الباحثين توفيرها بشكل منفرد، لذلك تولي بعض المراكز البحثية اهتماماً بتوفير المرافق البحثية لهؤلاء، ومنها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، التي أدركت أهمية المختبرات المركزية والمرافق الأساسية المشتركة، وأولت مزيداً من الاهتمام بدعم البُنى التحتية البحثية المتطورة، وسهلت وصول الباحثين من داخل المدينة وخارجها بشكل ميسّر إلى التجهيزات العلمية المتطورة. وفي هذا السياق، أنشأت المدينة «برنامج المختبرات المركزية» الذي يهدف إلى إدارة مختبرات المدينة المركزية؛ لتحقيق الاستخدام الأقصى والأمثل للموارد المالية والبشرية بمختبرات المدينة، ومنها مختبرات الغرف النقية.

يستطيع الباحثون في هذه المختبرات بالغة التطور إجراء الأبحاث المتطورة في مجال تقنيات النانو، فقد قدمت المدينة أحدث المنشآت المجهزة لمعاهد المدينة والجامعات، إضافة للشركات التجارية المحلية والصناعات الوطنية. كما أن من شأن هذه المنشآت تشجيع المستثمرين على الاستثمار في هذه التقنية، لأنها ذللت الصعوبات القائمة أمام التحوّل الصناعي، من خلال خفض قيمة رأس المال الأولي لإنشاء مثل هذه الصناعات. تقع معامل الغرف النقية على مساحة 1600 متراً مربعاً ومصممة وفق مستويات ومعايير عالمية وتجهيزات عالية المستوى مناسبة للتصنيع الإلكتروني النانوي.

لذلك، إن كنت باحثاً في تقنيات النانو، وليس لديك القدرة على تأمين غرفة نقية تُجري فيها أبحاثك، ستجد الدعم اللازم في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

المحتوى محمي