عندما يتم إدخال المريض إلى جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، يقوم الجهاز بمسح جسد المريض ليكشف تشريحه الداخلي المعقد، مثل أربطة وأوتار الركبة مثلاً. لكن في شهر يناير/ كانون الثاني مطلع هذا العام قبل جائحة كورونا، خضع مجموعة من المرضى للفحص بالجهاز، تحديداً فحص الركب في مركز «لانجون» الصحي في جامعة نيويورك. تستغرق عملية تصوير الركبة 10 دقائق عادة، كما أن رُكب هؤلاء المرضى الذين وافقوا على المشاركة في دراسة قد تم تصوريها بالسرعة الاعتيادية في المرة الأولى، وبحوالي ضعف السرعة الاعتيادية في المرة الثانية (بمساعدة الذكاء الاصطناعي). بعد تفشي الجائحة، توقف العمل ثم استُؤنف مؤخراً باستخدام جهاز واحد في نفس المركز.
هذه المبادرة هي جزء من مسعى مستمر في مركز لانجون بالشراكة مع قسم البحث في الذكاء الاصطناعي في فيسبوك، حيث تهدف إلى الإجابة عن السؤال: هل يمكن إنتاج صور الرنين المعناطيسي عن طريق تسريع الجهاز (تجميع كمية أقل من البيانات) بحيث تكون هذه الصور بنفس جودة الصور التي تنتج عند السرعة الاعتيادية؟
إن تقليص مدة تصوير الركبة من 10 دقائق إلى 5 دقائق، أو تقليص مدة تصوير أي جزء آخر من الجسم، له منافع بديهية، إذ يستطيع المرضى قضاء وقت أقل داخل الجهاز، حيث ينبغي عليهم أن يظلوا ساكنين قدر الإمكان، وتستطيع المشافي فحص أكبر عدد من المرضى باستخدام أجهزتها المكلفة ومحدودة العدد.
الإجابة عن السؤال السابق تحتاج أطباء الأشعة وعلماء الكمبيوتر إلى استخدام الذكاء الاصطناعي. فإذا شغّلوا جهاز الرنين المغناطيسي بسرعة مضاعفة، ثم حاولوا إنتاج صور من البيانات التي جمعوها بالطرق الاعتيادية، ستكون النتيجة سيئة وغير صالحة للاستخدام. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي. فاستخدام التعلّم الآلي لتحليل البيانات المحدودة نسبياً، ثم تركيب صورة منها، ينتج صوراً ليست قابلة للاستخدام فحسب، بل تبدو أنها أعلى جودة بالنسبة لبعض علماء الأشعة من الصور التي تُنتج بطرق أخرى.
بلغ المشروع عن نتائج إيجابية الشهر الماضي. إذ نشر الباحثون المشاركون فيه نتائج دراسة أخرى كانت تهدف إلى تحديد هل علماء الأشعة قادرين على التمييز بين صور الرنين المغناطيسي التقليدية، والصور التي أُنتجت بمساعدة الذكاء الاصطناعي أم لا، ولمعرفة هل كان بالإمكان الاستعاضة بنوع من الصور عن الآخر في عملية التشخيص؟ السنة الماضية، كانت لنا نظرة عميقة وحصرية على هذا الموضوع، تتبعت فيها طبيبة شاركت في التجربة التي تمت قبل الجائحة. نُشرت نتائج الدراسة الأخيرة في المجلة الأميركية لعلم الأورام الشهر الماضي.
كانت نتائج الدراسة السابقة واعدة. فوفقاً لـ «مايكل ريكت» مؤلف رئيسي في الدراسة، ورئيس قسم الأشعة في مركز لانجون الصحي؛ فقد كانت الصور التي أنتجها الذكاء الاصطناعي (من كمية من البيانات تقارب تلك التي تجمّع بالطرق التقليدية) جيدة مقارنة بالصور التي تُركّب بالطرق الإعتيادية. يقول ريكت: «لا يوجد فرق بين الطرق التي يقرأ بها الأطباء الصور، سواء كانت [تقليدية] أم مسرّعة. تمكن هؤلاء من القيام بالتشخيص بنفس الجودة باستخدام نوعي الصور».
وفي الحقيقة، يقول ريكت أيضاً أنه يفضّل أن يعتمد على الصور التي تم إنتاجها باستخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص. وهو استنتاج يمكن أن يحتاجه الجرّاحون في اتخاذ القرار لاحقاً حول ضرورة إجراء العمليات الجراحية من عدمها. ويضيف: «يمكن فعلاً الاستعاضة بنوع من الصور عن الآخر، وأنا متطمئن جداً من استخدام صور الذكاء الاصطناعي في عملية التشخيص». تمكن طبيب أشعة واحد فقط من أصل 6 شاركوا في الدراسة من التمييز بين الصور التقليدية، والصور التي تم إنتاجها بالذكاء الاصطناعي.
ضمن الدراسة التي نُشرت مؤخراً، لم يتم تصوير المرضى مرتين. وبدلاً عن ذلك، أخذ الفريق مجموعة من صور المرضى الخاصة بالركبة، وقاموا بمحاكاة العملية التي تنتج صور أسرع عن طريق تجريد الصور من بعض البيانات، ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة تجميع البيانات، وتركيب صور كاملة منها.
يتضمن البحث الحالي تصوير المرضى مرتين، ويأمل ريكت أن يستخدم وفريقه معلومات عن المرضى الذين خضعوا لجراحة تنظير المفصل على ركبهم «كمعيار ذهبي» للمقارنة. إذ يمكنهم تفحّص نوعين مختلفين من الصور، الأول مولّد بالطرق التقليدية، والثاني باستخدام الذكاء الاصطناعي، ثم مقارنتهما بما يراه الجراح.
في النهاية، في بعض الحالات قد يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع التصوير في الرنين المغناطيسي بدلاً عن أجهزة التصوير بالأشعة السينية أو التصوير الطبقي المحوري (سي تي سكان). يعني ذلك أنه إذا احتاج أحد المرضى صور «سي تي» لدماغه مثلاً، يمكنه تجنب الإشعاع المؤيِّن الذي تنتجه الآلات الخاصة بالمسح، واستخدام جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي السريع.