تحتوي السيارات التي تعمل على وقود الديزل على قطعة تُسمى "المحول الحفاز"، تعمل على تقليل ضرر الغازات المنبعثة من السيارة على البيئة، لوجود العديد من المعادن فيها، والتي تتفاعل مع هذه الغازات لتقليل نسبتها في العوادم، فقد ساعد المحول الحفاز على تقليل انبعاثات السيارات بنسبة 80%، منذ طرحه في الأسواق في سبعينيات القرن الماضي.
لزيادة هذه النسبة، ولتقليل أكبر قدر ممكن من هذه الانبعاثات، عمل باحثون في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، بالشراكة مع شركة "أوميكور" للتحكم في انبعاثات السيارات، على دراسة المزيج الأفضل من المعادن للتخلص من أوكسيد النيتروجين الناتج من انبعاثات السيارات.
ما هو المحوّل الحفّاز؟
المحول الحفاز؛ المُسمى أيضاً "المحول المساعد على حرق الغازات" أو «الكاتلايزر» أو «دبة البيئة» أو «دبة التلوث»، أحد قطع السيارة، يقع أسفل السيارة بين المحرك والعادم، له شكل صندوق معدني كبير، ويخرج منه أنبوبان؛ أنبوب الإدخال وأنبوب الإخراج. يعمل على تفكيك الغازات الضارة مثل أول أوكسيد الكربون وأوكسيد النيتروجين إلى مركبات أقل ضرراً، ما يُساعد في جعل السيارات صديقة للبيئة أكثر.
تدخل الغازات الضارة الصادرة عن المحرك من أنبوب الإدخال. يؤدي مرورها داخل المحول الحفاز إلى تفاعل كيميائي يفكك الغازات الضارة، ثم تخرج الغازات الأقل ضرراً والناتجة عن عملية التفكك عبر أنبوب الإخراج المتصل بأنبوب عادم السيارة.
المحفز الموجود داخل المحول الحفاز عبارة عن هيكل خزفي على شكل قرص العسل، وهو مبطّن بمعدن البلاتين أو معدن مشابه، مثل الروديوم أو البلاديوم. تؤدي هذه المعادن دوراً في تقليل الانبعاثات. تحتوي المحولات الحفازة على نسبة قليلة من معادن البلاتين والروديوم والبلاديوم الثمينة. عادة، يوجد في المحول الحفاز 3 إلى 7 غرامات من البلاتين، و2 إلى 7 غرامات من البلاديوم، و1 إلى 2 غراماً من الروديوم.
تستهلك صناعة المحولات الحفازة 80% من إجمالي إنتاج الروديوم والبلاديوم، وتزداد نسبة نمو سوقها بنحو 8% سنوياً، إذ تسعى دول العالم إلى تقليل انبعاثات الغازات الضارة الصادرة عن عوادم السيارات. وهذا ما حاول الباحثون في جامعة الملك عبدالله القيام به.
اقرأ أيضا: أضرار التعدين على البيئة
المزيج الأفضل لمعادن المحفزات لتصبح السيارات أكثر صداقة للبيئة
طور باحثو جامعة الملك عبدالله مفهوماً جديداً لعوادم السيارات التي تعمل بالديزل، يساعد على التخلص من المواد الكيميائية المسببة للضباب الدخاني. وذلك بعدما درسوا تركيبات متعددة للمحفزات الموجودة داخل المحول الحفاز.
في الدراسة التي نُشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشن" (Nature Communications) في 26 من مايو/ أيار، حدد فريق البحث التركيبة الذرية المثالية لإزالة أوكسيد النيتروجين من انبعاثات المركبات، ليحسموا بذلك الجدل الدائر حول الذرات المضافة في مزيج المحفز.
يعمل مهندسو السيارات على تصميم محركات عالية الكفاءة، آخذين في الاعتبار اللوائح والقوانين الدولية التي تنظم انبعاثات المركبات. يعني ذلك أن عليهم تطوير محفزات تزيل أكاسيد النيتروجين بسرعة وفعالية عالية بعد بدء التشغيل على البارد والمشاركة مع محركات احتراق جديدة منخفضة الحرارة، خاصة وأن محفزات أكاسيد النيتروجين الحالية تقدم الأداء الأمثل لها فوق 200 درجة مئوية. لذلك من المهم جداً تطوير محفزات تعمل في درجات حرارة منخفضة.
تستخدم عادةً محفزات أكاسيد النيتروجين القائمة على منغنيز السيريوم كمثبط، على الرغم من عدم وجود إجماع على دور السيريوم في إزالة أكاسيد النيتروجين. لحسم هذا الجدل، ركز الباحثون على المنغنيز إذ يقول المؤلف الرئيسي للدراسة "خافيير رويز مارتينيز": "لقد بحثنا في المواد التي تعتمد على المنغنيز نظراً لأدائها الجيد وتكلفتها المنخفضة". كما أنتجوا سلسلة من المحفزات، تتضمن كميات متفاوتة من السيريوم.
في البداية، صمم الباحثون طريقة لإنتاج محفزات لها بنية نانوية متجانسة لتسهيل المقارنة. ثم تأكدوا من التصميم الصحيح للمواد المحفزة، ثم "بحثنا عن الارتباطات بين النشاط التحفيزي وكمية السيريوم والمنغنيز" على حد قول "رويز مارتينيز".
حسبَ الفريق الاختلافات في مساحة سطح المحفز، وفي النتيجة، وجدوا أن السيريوم يقلل من النشاط التحفيزي لذرات المنغنيز، أي أن وجود السيريوم له تأثير سلبي على عمل المحفز في إزالة أوكسيد النيتروجين. لكن في المقابل، يقمع السيريوم تفاعلاً جانبيّاً غير مرغوب فيه يُنتج غاز ثاني أوكسيد النيتروجين. ونظراً لأن تكوين ثاني أوكسيد النيتروجين يتطلب على الأرجح مشاركة موقعين متجاورين من المنغنيز، فإن إضافة السيريوم قد يخفف من عدد مواقع المنغنيز السطحية وبالتالي قمع ردة الفعل.
يقول "رويز مارتينيز" في هذا الجانب: "تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أن تصميم مواد محفزة أكثر نشاطاً يتطلب زيادة ذرات المنغنيز على سطح المحفز، ويجب أن تكون ذرات المنغنيز متباعدة ذرياً لتجنب تكوين ثاني أكسيد النيتروجين".
اقرأ أيضا: