لم يعد إجراء ضبط للمحرك أمراً شائعاً كما كان من قبل، لكن لم يختفِ اللجوء إليه بمرور الوقت تماماً. على الرغم من أن السيارات الحديثة محشوةٌ بجميع أنواع أجهزة الاستشعار ووحدات التحكم الإلكترونية عالية التنظيم، إلا أنه لا يزال من الحكمة إجراء ضبطٍ للمحرك بين الحين والآخر. على الأقل، إنها طريقة للتواصل مع سيارتك عند إجراء صيانةٍ لها تمنحك فهماً أفضل لكيفية عمل أجزائها المختلفة بشكلٍ منسجم.
يمكن أن تكون عملية الضبط أيضاً شكلاً هاماً من أشكال الصيانة الوقائية التي تساعدك على تجنب الحوادث وعمليات الإصلاح المكلفة، وقد تساعدك أيضاً على حل المشكلات التي قد لا يكشفها نظام التشخيص الداخلي للسيارة. إذا كانت سيارتك لا تحتوي على نظام «مدخل لوحة الفحص الإلكتروني» (OBD) الذي يتيح لك توصيل السيارة بأجهزة الكمبيوتر لتشخيص الأعطال، فيجب عليك بالتأكيد إجراء ضبط على أساس منتظم، لأنه يخبرك الكثير عن الحالة الفنية الحالية للمحرك.
إذاً، ما هي عملية ضبط المحرك؟ في الحقيقة، إنه أحد الإجراءات التي يمكن أن تعني أشياء مختلفة في ظروف مختلفة. سنتحدث هنا عن ماهية الضبط الدقيقة وما تحتاج معرفته قبل الخوض فيه.
ما هو ضبط المحرك؟
ضبط المحرك في جوهره هو عملية تجديد أو إنعاش محرك سيارتك عن طريق فحص بعض الأجزاء الرئيسية للتأكد من أنها تعمل بشكلٍ سلس دون أية مشاكل. لقد قلنا إنه يعني أشياء مختلفة في مواقف مختلفة لأن الخطوات الدقيقة المطلوبة للفحص قد تختلف تماماً من محركٍ لآخر.
على سبيل المثال، لنفترض أن لديك محركان متطابقان. الأول لا يعاني من مشاكل عند تشغيله، ولم يقطع مسافاتٍ طويلة نسبياً، وتمت صيانته جيداً. وحالة المحرك الآخر عكس ذلك تماماً، قطع مسافاتٍ طويلة، ويعاني من مشاكل في نظام الإشعال ومن تسريبات، وتظهر عليه علامات الإهمال الشديد. وبالتالي، فإن عملية ضبط المحرك الأول أبسط بكثير من عملية إصلاح المحرك الثاني المهمل.
كيف يعمل ضبط المحرك؟
إذا كان المحرك في حالة جيدة نسبياً، فإن عملية الضبط تتكون فقط من بضع خطوات أساسية. أولاً، ستحتاج إلى فحص مستويات السوائل وحالتها وتغيير الزيت إذا لزم الأمر. ستحتاج أيضاً إلى فحص حزام السربنتين والخراطيم بحثاً عن علامات الاهتراء (مثل الشقوق والتلف) واستبدالها إذا لزم الأمر، وهو شيء متوقع إذا كنت تعمل على محرك مهمل. وبالطبع يشمل هذا أيضاً تبديل مجموعة شمعات الإشعال بأخرى جديدة وفحصاً شاملاً لنظام الإشعال، فضلاً عن تنظيف المكونات الرئيسية لنظام توصيل الوقود والهواء.
إذا كنت على درايةٍ بأن المحرك يعاني من مشاكل معينة تمنعه من العمل بشكلٍ سلس، يجب عليك معالجتها أولاً. قد يكون سبب فشل نظام الإشعال مرتبطاً بمقبسٍ تالف ستقوم باستبداله على أية حال، ولكن يجب عليك الحرص على عدم نسيان استبدال الشمعة أو سلك التوصيل التالفين حتى لا تضيع جهودك سدىً. ينطبق الأمر نفسه على فحص السوائل ومفرّغ الهواء وجوان الكولاس أو أي تسرباتٍ في نظام العادم يمكن أن تسبب المشاكل.
يمكن أن تختلف الخطوات الدقيقة المطلوبة لإجراء الضبط بشكل كبير اعتماداً على عمر السيارة أيضاً. على سبيل المثال، تستخدم المحركات الحديثة لفائف الاشتعال (البواجي)، بينما تعتمد المحركات القديمة على موزعٍ مع أسلاك توصيل، ما يعني أن المحرك الكلاسيكي القديم قد يحتاج إلى غطاء وموزع شرارة جديدين بالإضافة لأسلاك التوصيل. بينما قد لا يحتاج محرك السيارة الحديثة سوى إلى استبدال شمعات الإشعال فقط. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية تنظيف المكربن، ونقاط الإشعال- إن وجدت- تختلف اختلافاً كبيراً عن تنظيف مستشعر تدفق كتلة الهواء، ومستشعر الأكسجين، وصمام الخانق. مع وضع هذه النقاط الأساسية في الاعتبار، قم بفحص محرك سيارتك لمعرفة الخطوات الضرورية.
بغض النظر عن نوع المحرك، يجب أن تأخذ الوقت الكافي لفحص كل شمعة إشعال أثناء إزالتها من المحرك. سوف تمنحك معرفة حالتها نظرةً أفضل حول الحالة العامة للمحرك، ومعرفة ما إذا كانت هناك حاجةٌ لإجراء تغييرات أو كانت هناك أية مشكلات خطيرة بحاجة إلى المعالجة. في هذا السياق، يجب عليك أيضاً التأكد من ضبط فتحات شمعات الإشعال الجديدة التي ستقوم بتثبيتها بشكل صحيح، لأن لذلك تأثير مباشر على أداء المحرك.
ما هو الفرق بين ضبط المحرك وتعديله؟
يعد تعديل المحرك وضبطه شيئين مختلفين تماماً، لكنهما غالباً ما يسيران جنباً إلى جنب. تنطوي عملية ضبط المحرك على تفحّص وتجديد مكونات المحرك الحيوية لضمان عمل كل شيء بسلاسة. بينما يشتمل تعديل المحرك على تعديل بعض المتغيرات لتحسين الأداء.
تنطوي عملية تعديل المحرك بشكلٍ أساسي على تغيير توقيت الإشعال وكفاءة الوقود، حيث يتم ضبطهما بشكل عام بواسطة برامج حاسوبية أو رقائق الأداء الموجودة في السيارات الحديثة. على الرغم من أن هذه العملية تُجرى دائماً عند تركيب قطع الغيار، لكن حتى أصغر التغييرات يمكن أن يكون تأثيرها كبيراً على خصائص أداء المحرك. لهذا السبب يشيع إجراؤها على أي نوع من تطبيقات الأداء بغض النظر عن المواصفات الدقيقة.
كما قلت، فإن العمليتين تسيران جنباً إلى جنب، لأن الخطوات التي نقوم بها أثناء عملية تعديل المحرك تفيد جداً في بعض إجراءات الضبط. على سبيل المثال، إذا قمت بتعديل المحرك لتحسين أدائه باستخدام مشعب سحب مختلف أو دواسة الوقود أو مكونات اشتعال مطورة أو توربو جديد، فسيعمل بشكلٍ أفضل مع زيتٍ جديد أو مع شمعات إشعال ومرشحات جديدة بدلاً من الأخرى القديمة التي يمكن أن تحد من أدائه. بالإضافة إلى ذلك، قد تتيح هذه التعديلات استخدام قطع غيارٍ ذات مواصفاتٍ ومتغيرات مختلفة كاستخدام شمعات إشعالٍ بفتحات أوسع أو أضيق.
بكلامٍ آخر، العمليتان تكملان بعضهما بعضاً، لأنه يمكن تثبيت العديد من الأجزاء الجديدة النظيفة عند إجراء التعديل على المحرك الجديد.
هل ضبط المحرك ضروري؟
الضبط الروتيني ضروري إذا كنت ترغب في الحفاظ على أداء المحرك. ومع ذلك، ليس من الضروري دائماً القيام بذلك إلا إذا لم تقم به منذ فترة طويلة. على سبيل المثال، إذا تعطل نظام الإشعال بعد بضع مئات الكيلومترات فقط بعد آخر عملية ضبط للمحرك، فلست بحاجةٍ إلا لاستبدال المكون الخاطئ فقط وليس فحص النظام بأكمله. لا بأس بإجراء ضبط شامل في هذه الحالة، ولكنه أيضاً ليس ضرورياً تماماً.
الهدف من الضبط عموماً هو حماية أو استعادة أداء المحرك. يمكنك تبديل أو تنظيف الأجزاء التي ذكرناها للتأكد من المحرك يمتلك أفضل الأدوات للعمل بسلاسة. للحصول على أقصى أداء وكفاءة من المحرك، من المهم التأكد من أن نظام الإشعال نظيف، ولا شيء يمنع تدفق الهواء والوقود عبر دائرة المحرك.
مع ذلك، ليس عليك الانتظار حتى تظهر المشاكل لتعديل محرك سيارتك. من الممارسات الجيدة فحص كل ما ناقشناه بشكل روتيني لمنع حدوث أي عطلٍ يضعف أداء المحرك. وفي هذا الصدد، يمكن أن يحدد نوع المحرك ومدى استخدامك للسيارة وعدد مرات الصيانة السابقة للسيارة عدد مرات قيامك بذلك. قد تحتاج السيارات التي تمتلك محركاً قديماً جداً إلى إجراء هذه العملية في نهاية كل أسبوع، بينما قد لا تحتاج السيارات الحديثة القيام بذلك إلا عند كل تغيير للزيت. قد لا تحتاج إلى تغيير شمعات الإشعال أو الملفات أو حتى تنظيف الأشياء في كل مرة، ولكن الفكرة هي مراقبة هذه المكونات عن كثب لمنع انخفاض الأداء والكفاءة.
اقرأ أيضاً: 5 علامات تحذيرية توضح لك مشاكل فرامل السيارة
أسئلة وأجوبة حول عمليات الضبط
كم مرة يجب أن أقوم بضبط محرك سيارتي؟
يعتمد عدد مرات إجراء الضبط على بعض المتغيرات. يقترح البعض إجراء ضبط كل 30 إلى 50 ألف كيلومتر، بينما يقول البعض الآخر إنه من الأفضل إجراؤه كل 15 إلى 20 ألف كيلومتر. إذا كان استخدام المحرك قليلاً نسبياً، يمكنك غالباً إطالة الفترة بين عمليات الضبط. ولكن كلما زاد استخدامك للسيارة، كان عليك تقريب الفترة الزمنية بين عمليات الضبط أكثر.
ما هي تكلفة تعديل المحرك؟
يعتمد المبلغ الذي ستنفقه على ما يجب فحصه والمكونات التي يجب استبدالها في سيارتك. بالنسبة لمحرك تتم صيانته جيداً، قد تحتاج إلى إنفاق بضع دولاراتٍ إضافية إلى تكلفة تغيير الزيت المعتادة لتغطية عملية التنظيف ومجموعة جديدة من شمعات الإشعال. ستكون التكلفة أكبر بالنسبة للمحرك المهمل أو الذي يُستخدم كثيراً، حيث قد يحتاج إلى تلك المكونات مع ملفات وأحزمة وأجهزة استشعار وموانع تسرب (حشيات) جديدة.
ما هي المدة التي تستغرقها عملية الضبط؟
تعتمد المدة التي ستستغرقها في ضبط محركك على تصميمه ومدى معرفتك في العمل عليه. إذا كانت هذه هي المرة الأولى لك، فتوقع قضاء بضع ساعات في تعلم العملية. كلما كررت هذه العملية، كان ذلك أفضل ويمكن أن يتقلص الوقت الذي تحتاجه للقيام بذلك بسهولة إلى أقل من ساعة- اعتماداً على التطبيق.
ما الذي يجب شراؤه من أجل عملية الضبط؟
تختلف عمليات ضبط المحرك حسب حالة المحرك وكم مرة تقوم بها. إذا كنت تقوم بإجراء عمليات ضبط المحرك كل 30 ألف كيلومتر، قد تحتاج لشراء شمعات الإشعال وتغيير الزيت ومنظفات المستشعرات وحزام أفعواني على أقل تقدير. بالطبع، كلما قمت بإجراء ضبطٍ للمحرك بشكل متكرر أكثر، قل ما يمكن أن تشتريه في كل مرة.
مقطع فيديو عن عمليات ضبط المحرك
إليك مقطع فيديو ممتاز يشرح عملية الضبط بأكملها ويناسب أنواع السيارات المتوسطة إلى الحديثة. ضع في اعتبارك أن هذه ليست سوى نظرة عامة، ويجب أن تقرأ الخطوات الدقيقة المطلوبة لسيارتك للاستعداد للعملية بشكل أفضل.