منذ ظهور أول سيارة تعمل بالبخار عام 1769، ووصولنا إلى أحدث السيارات ذاتية القيادة، يبحث مصنعو السيارات عن أفضل سُبل الراحة، وأفضل التقنيات التي تميزهم عن منافسيهم؛ لهذا ظهر أمامنا مستودع ضخم من التقنيات التي انعكست على السيارات في قوتها وأدائها ورفاهيتها. إليك بعض التقنيات التي أصبح لا غنى عنها في أحدث السيارات الموجودة بالأسواق الآن، وقد يراها البعض رفاهية لكنَّها عند الكثير منهم احتياج ضروري.
1. نظام الملاحة
على الرغم من أن الملاحة الآلية ظهرت بوصفها مُعدَّات منفصلة، فإن أول نظام ملاحة مدمج بالسيارات ظهر بالتعاون مع شركات «هوندا» و«ألبين» و«ستانلي»، وأُطلِق عليه اسم «إليكترو جايرو جاتور»، وقُدِّم في اليابان عام 1981، وعمل معتمداً على جيروسكوب غاز هيليوم. مثلما كان يجب وضع الخرائط الشفافة على الشاشة يدوياً.
أما الآن فأنظمة تحديد المواقع الجغرافية تأتي مدمجة بالسيارات، أو قد تأتي بوصفها ملحقاً منفصلاً، وتعتمد في عملها على إشارات من الأقمار الصناعية مع خرائط تفاعلية، ويُمكن لهذه الأنظمة رسم الطريق إلى وجهة معينة بناء على عدد من المتغيرات، وترتبط بأنظمة حركة المرور لتحديد مناطق الازدحام تلقائياً، بالإضافة إلى تصحيح أخطاء السائقين، وتوفير تعليمات صوتية ومرئية.
2. الكاميرات ومستشعرات الاصطفاف
قد يبدو للبعض أن الابتكار حديث، لكن المستشعرات موجودة منذ سبعينيات القرن العشرين، لكن لم يتم استخدامها بالطريقة التي نعاصرها اليوم، وكانت تستهدف توجيه المكفوفين. ظهرت هذه التقنية لأول مرة في سيارات «تويوتا بريوس» التي صدرت عام 2003. تَستخدم هذه المستشعرات الموجات فوق الصوتية، وتُثبَّت في مصدات السيارة لاستشعار المناطق المحيطة، وقياس المسافة بين السيارة والعقبات المحيطة بها، وتُحذِّر السائق كلما اقتربت السيارة من أي عقبة على الطريق.
أما عن الكاميرات الخلفية فقد ظهرت لأول مرة في سيارة «بويك سنتوريون» النموذجية عام 1956، لكنَّ التقنية لم تكن بالمستوى المطلوب، حتى طُرحت بشكل جيد في سيارات «نيسان إنفينيتي Q45» الفاخرة.
ثم دُمجت الكاميرات والمستشعرات لاحقاً؛ لتقديم تجربة اصطفاف دقيقة وواضحة على شاشة السيارة على هيئة فيديو يساعد السائق على توجيه السيارة، وتسمح لك بعض السيارات بالتبديل بين الكاميرات، إذا كنت ترغب في رؤية زاوية معينة للسيارة.
3. مقاعد مكيّفة ومُدفأة للتدليك
طُوِّرت هذه المقاعد لتعزيز سُبل الراحة خلال ركوبك للسيارة، وتُزوِّد المقاعد ذات التهوية بعدَّة مراوح، تسحب الهواء من المقصورة، وتمرره إلى المقعد ومسند الظهر، وذلك بعد مروره على قنوات بلاستيكية، ونسيج قابل لمرور الهواء، ثم يوزعه بالتساوي في جميع أنحاء المقعد عبر الثقوب الموجودة في قماش المقاعد.
تكمن فائدة المقاعد المكيفة في تقليل التعرُّق، وتجفيف أي رطوبة بجسمك أو المقاعد، وتقليل درجة حرارة المقاعد أثناء توقفها في حرارة الشمس الحارقة، كما يُمكنها تدفئة مجلسك خلال فصل الشتاء. كانت سيارة «ساب 99»، التي أطلقت لأول مرة عام 1972، أول السيارات ذات المقاعد المُدفأة، وقُدِّمت كذلك أول المقاعد المكيفة بين عامي 2000 و2007.
أما عن ميزة التدليك في مقاعد السيارات، فقد كانت شركة «مرسيدس بنز» أولى الشركات التي قدمت دعم القطنية في سياراتها عام 1886، وتبعتها شركات أخرى في تقديم هذه الميزة، وأصبحت من رفاهية السيارات الآن.
4. تشغيل السيارة الذكي بدون مفتاح
إحدى وسائل الراحة في العديد من السيارات الآن هو تشغيلها الذكي، ومع اختلاف المسمَّيات ما بين مفتاح ذكي، أو فتح بالبصمة، أو تشغيل بزر، وغيرها، تدور الفكرة حول فتح وتشغيل السيارة دون أن تُخرِج المفتاح من جيبك.
بدأت أنظمة التشغيل بدون مفتاح في الظهور لأول مرة في الفترة ما بين تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن العشرين، وكانت متوفرة فقط في الطرازات الفاخرة؛ فتُعرَّف سيارة «مرسيدس بنز» الفئة «أس» بشكل عام بأنها أول سيارة تحمل هذه الميزة، وتُنتج بأعداد كبيرة.
يجب أن يكون المفتاح الذكي في نطاق السيارة الداخلي؛ كي تقوم بتشغيلها من خلال زر التشغيل بالسيارة، وهذا رادع ذكي لعمليات السرقة؛ فلا يوجد مفتاح معدني يُمكن نسخه، ومع هذه الميزة وداعاً لنسيان المفتاح داخل السيارة فهو في الجيب دائماً، كما أن نظام السيارة يُطلق تنبيهاً مسموعاً، إذا حاولتَ إغلاق الأبواب والمفتاح الذكي داخلها.
5. التكامل مع الهواتف الذكية
أصبحت الهواتف الذكية قرينة للكثير من البشر الآن؛ ولهذا كان من الطبيعي أن تفكر شركات صناعة السيارات في طرق لدمجها داخل سياراتهم، وطرحت الفكرة أولاً في العديد من البرامج التلفزيونية والأفلام، ولم يكن الأمر متاحاً حتى منتصف التسعينيات إلى أن أصبح نظام تحديد المواقع مُدمجاً بالسيارات.
أصبح نظام «أون ستار OnStar» أول نظام يقدم خدمات الملاحة، بالإضافة إلى تتبع السيارات المسروقة، وتحديد ما إذا كانت الأكياس الهوائية قد انفجرت في حادث أم أن الأمر مجرد فتح سيارة مُغلَقة بالعنف، وكان ذلك اعتماداً على نظام الهاتف الخلوي بالسيارة بدلاً من الهاتف الذكي للسائق، ولهذا كانت الحاجة إلى تقنية البلوتوث لاتصال لاسلكي جيدةً.
كانت «بي إم دبليو» أول شركة تقوم بذلك عام 2002، وكانت «كرايسلر» أول شركة تُوفِّر اتصال البلوتوث في أميركا الشمالية، ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى أصبحت الخدمة شائعة. وتوالت التقنيات المبنية على اتصال الهاتف الذكي بالسيارة؛ فظهرت خدمات «أندرويد أوتو» و«كار بلاي».
وما زالت عجلة التطوير تدور يوماً بعد يوم، فقد كانت بداية السيارات العمل بالبخار، وها هي اليوم تُدار بالكهرباء، وتُقاد آلياً دون أي مساعدة من البشر، وأصبحت التقنية أساساً لمعظم السيارات المصنعة حالياً.