أنظمة الطاقة الشمسية العائمة: ثورة في إنتاج الطاقة النظيفة

3 دقائق
أنظمة الطاقة الشمسية العائمة: ثورة في إنتاج الطاقة النظيف
تتفاعل الحيوانات بشكل مذهل مع الألواح الموجودة في نظمها البيئية. حقوق الصورة: ريبيكا هيرنانديز

يمكن تركيب الألواح الشمسية على سطح المنزل أو في أي مساحةٍ خالية من الأرض، المهم في الأساس تركيبها على قاعدة صلبة. إذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار، لا يوجد سوى عدد محدود من الأسطح الثابتة التي يمكن تثبيتها عليها. إذا أردنا مكافحة التغير المناخي، يجب علينا توليد المزيد من الطاقة الكهربائية من أنظمة الطاقة المتجددة والاستغناء تدريجياً عن طاقة الوقود الأحفوري. لذلك يبحث العديد في قطاع صناعة الطاقة الشمسية عن توفير المزيد من المساحات لتركيب الألواح الشمسية عليها، ويتطلعون لاستخدام حتى أنظمة ألواح شمسية عائمة على الماء.

بدأ العمل بمزارع الطاقة الشمسية العائمة منذ أكثر من عقد، لكن أنظمة الألواح الشمسية المثبتة على المياه اكتسبت أهمية متزايدة في السنوات القليلة الماضية. تعتمد الفكرة الأساسية على ربط الألواح الشمسية إلى عواماتٍ بلاستيكية يمكنها الطفو على الماء. عادة ما يتم وضع هذه الأنظمة الشمسية العائمة على مسطحات مائية من صنع الإنسان- مثل خزانات الري أو منشآت معالجة المياه- حتى لا تؤثر على الأنواع النباتية والحيوانية التي تعيش في المسطحات المائية الطبيعية. على سبيل المثال، تقع أكبر مزرعة عائمة للطاقة الشمسية في الولايات المتحدة في بركة مياه الصرف الصحي في ولاية كاليفورنيا، ويصل إنتاجها إلى ما يقرب من خمسة ميغاواط.

من المتوقع أن تنمو صناعة الطاقة الشمسية العائمة بشكل كبير خلال العقد القادم، لكن لم يتم تركيب سوى نحو 2% فقط من منشآت الطاقة الشمسية الجديدة على الماء هذا العام.  

طريقة واعدة بحاجة المزيد من الدراسات

تدرس ريبيكا هيرنانديز، الأستاذة المشاركة في علوم نظام الأرض والبيئة بجامعة كاليفورنيا ديفيس، فوائد الطاقة الشمسية العائمة وتأثيراتها المحتملة على البيئة. تقول هيرنانديز لدورية بوبيولار ساينس: «أُنشئت الكثير من مزارع الطاقة الشمسية لعدم توفر المساحة الكافية. لقد وجدنا أن ثلاثة من مشاريع الطاقة الشمسية العائمة التي كنا ندرسها قد تم تركيبها عمداً على الماء لأنه لم تعد هناك مساحة كافية لها على الأرض».  

وتشير هيرنانديز إلى أن أنظمة الطاقة الشمسية يمكن أن تستفيد من تأثير التبريد الطبيعي للمياه. حيث تقول في هذا الصدد: « تعمل الألواح الشمسية بكفاءة أكبر في درجات الحرارة المنخفضة الناجمة عن التبريد التبخيري للمياه، حيث تفقد المياه المزيد من الحرارة عند تبخرها، ما يؤدي إلى تبريدها أكثر». وتشير التقديرات إلى أن أنظمة الطاقة الشمسية العائمة أكثر كفاءة بنحو 15% مقارنةً بأنظمة الطاقة الشمسية الأرضية. 

لكن لا يزال التأثير البيئي لهذه الأنظمة العائمة غير واضح إلى حد ما وفقاً لهيرنانديز، وتضيف في هذا الصدد: «هناك احتمال أن تتحلل العوامات البلاستيكية التي تحمل الألواح الشمسية بمرور الوقت، ومن المحتمل أن يكون لذلك تأثير سلبي على المياه، ولكن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحث في هذا الشأن». 

وتقول هيرنانديز: «ننظر في كيفية تأثير أنظمة الطاقة الشمسية العائمة على جودة المياه. حيث نقوم بدراسة مؤشراتٍ مثل درجة حرارة الماء والأكسجين المنحل ودرجة الحموضة والتعكر والطحالب الكلية، ونحاول اكتشاف كيفية تأثير المجموعات الشمسية العائمة على هذه المعايير المهمة».

اقرأ أيضاً: الطاقة الشمسية: سباق عالمي ودور عربي فعال في الطاقة المتجددة وتقنياتها

كيف تتكيف الأحياء مع هذه المعدات؟

تُقام بعض أنظمة الطاقة الشمسية العائمة على بعض المسطحات المائية حيث تعيش الحيوانات، مثل برك تجميع مياه الأمطار. ومع ذلك، فقد رأت هيرنانديز حيواناتٍ تتكيف بسرعة مع مجموعات الطاقة الشمسية هذه وباتت تعيش بالقرب منها، وتذكر أنها رأت طيوراً تقف عليها أثناء البحث عن الأسماك، بينما باتت ثعالب الماء تستخدم العوامات للاختباء.

تقول هيرنانديز: «يمكننا أن نرى الطيور تحلق فوق الألواح الشمسية مباشرة. لقد كنت أخشى على الطيور من أن تصطدم بها لأن لونها قريب إلى لون الماء، ولكن الشيء الرائع هو أن الطيور تتكيف بالفعل مع هذه الأشياء».

هناك العديد من الأماكن الأخرى حيث يمكن إقامة أنظمة الطاقة الشمسية العائمة. من الناحية المثالية، يمكن إقامتها بالقرب من محطات الطاقة الكهرومائية الحالية، الأمر الذي يتيح للمحطة توليد الكهرباء من مصدرين مختلفين. هناك مشروعٌ تجريبي للطاقة الشمسية العائمة تم البدء به في كوريا الجنوبية العام الماضي بالقرب من سد لتوليد الطاقة الكهرومائية، ويهدف لتوليد 41 ميغاواط. 

يقول ديفيد سيدلاك، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة كاليفورنيا بيركلي، لبوبيولار ساينس: «توفر محطة توليد الطاقة الكهرومائية البنية التحتية اللازمة لنقل الكهرباء إلى مكان حاجتها. لكن المشكلة أن هذه الخزانات المائية التي تتشكل خلف سدود توليد الطاقة الكهرومائية تُستخدم غالباً للترفيه. أعتقد أنه سيكون هناك بعض الرفض إذا ما أردنا تغطية جزءٍ كبير من الخزان المائي بأنظمة الطاقة الشمسية العائمة نظراً لأنها ستمنع الناس من ركوب الزوارق والصيد».

يمكن إقامة أنظمة الطاقة الشمسية في المحيط أيضاً. لقد أنشأت شركة «صن سيب»، المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية ومقرها سنغافورة، عدداً من هذه المشاريع في الخلجان العام الماضي، حيث تكون الألواح محميةً نسبياً من الأمواج الكبيرة والظروف الجوية القاسية الأخرى مقارنةً بالظروف القاسية والعاصفة غالباً في وسط المحيط، والتي لن تتحملها مثل هذه الأنظمة الشمسية. ويبدو أن هذه المشاريع ناجحة حتى الآن. 

لا تزال أنظمة الطاقة الشمسية العائمة طريقة جديدة نسبياً لتسخير الطاقة الشمسية مقارنةً بالأنظمة الأرضية التي اعتدنا عليها، ولكن يبدو أنها تتمتع بمردود كبير في المناطق التي تندر فيها الأراضي المناسبة لإقامتها، أو التي تتوفر فيها مسطحات مائية واسعة. لنتذكر دائماً؛ كلما زاد استخدام الطاقة الشمسية، سواء الأرضية أو العائمة، قل اعتمادنا على الوقود الأحفوري.

المحتوى محمي