لم يكن للحضارة كما نعرفها اليوم أن توجد وتستمر لولا بعض العناصر النادرة التي تزخر بها الأرض. فمن دون هذه العناصر لما كان في الإمكان إنتاج الهواتف الذكية ولا ضوء LED ولا توربينات الرياح ولا حتّى بطاريات السيارات. فبعض العناصر الأرضية النادرة مثل السيريوم والسكانديوم موجودة في قشرة الأرض. وتنتج الصين وحدها قرابة 90 بالمئة من احتياجات العالم من هذه العناصر، وكان في الولايات المتحدة منجم وحيد ولكنّه أغلق عام 2016. ولكن يمكن للباحثين أن يساعدوا في إنهاء حالة الاحتكار هذه عبر الاعتماد على شيء موجود بوفرة كبيرة، وهو الفحم ومنتجاته الثانوية.
يقول إيفان غرانايت، أحد مختصي الهندسة الكيميائية في وزارة الطاقة الأمريكية: "كل شيء موجود في قشرة الأرض موجود كذلك في الفحم". لقد قامت الوزارة مؤخراً بتمويل مجموعة من الأبحاث التي تهدف لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من العناصر الأرضية النادرة للتمكّن من تلبية الطلب عليها والذي يشهد تزايداً بنسبة 5 بالمئة سنويّاً. كل خطوة من إنتاج الفحم: الاستخراج والتنظيف والحرق يتولّد عنها بعض المواد الغنيّة بالعناصر النادرة. والهدف هو استخدام هذه المخلفات، الموجودة في المكبّات وأماكن التخزين بطريقة غير مكلفة وصديقة للبيئة.
تنتج مصانع الطاقة الأمريكية التي تعمل على الفحم حوالي 130 مليون طنّاً من رماد الفحم سنوياً. وقد اكتشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة ديوك (Duke University) وجود كمّيات ضخمة من عناصر أرضية نادرة تقدّر قيمتها بمليارات الدولارات في الفحم المحترق الذي يتم استخراجه من جبال الأبالاش وحوض نهر ويومينغ. والتحدي الآن يكمن في استخراج المعادن منه، كما يقول سارما بيسوباتي، أستاذ الطاقة وهندسة المعادن في جامعة ولاية بنسلفانيا، والذي يهتّ في أبحاثه بشطف الفحم الصخري الخام بمحلول كبريتات الأمونيوم من أجل تجميع العناصر الأرضية النادرة في مرحلة مبكرة من عملية إنتاج الفحم.
وفي غضون بضع سنوات ستدخل المشاريع التي مولتها وزارة الطاقة مرحلة الاختبار الأولي في منشآت معالجة الفحم الأمريكية، وربما حينها لن يكون من المستبعد إنتاج هواتف ذكية بالاعتماد على مصادر محلية بالكامل.